تصريحات عباس خدمة لليهود الانجاس وإضعاف لحماس


 يجب ان يعي المواطن الفلسطيني جيداً ان اكثر ما تطبل له اسرائيل منذ تأسيسها الى اليوم والذي يمثل أحد أهم عوامل بقائها هو رؤية العرب وهم يتفنون في ركوب موجات التحدي ضدها باقامة المسيرات والاعتصامات واعتلاء المنابر وإلقاء الخطابات وإغراقها بالشتائم والتهديدات تارة , وبإثارة الفتن بين الشعوب العربية تارة اخرى بخلق المهّيجات لتلك الفتن كما يحدث في مسألة الجنسية الاردنية وحق العودة , فإسرائيل تعتمد بشكل رئيس في بناء استراتيجياتها الامنية على غياب الوعي في الفكر العربي.
فكلنا يتذكر الخطبة الرنانة التي القاها جمال عبدالناصر قبيل حرب عام 1967ورددها ناطقه الاعلامي عبر صوت العرب احمد سعيد , بقوله : " تجّوع يا سمك " , وبدلا من الاستعداد لتلك المعركة ارسل خيرة جيشه عام 1964للإطاحة بحكم الامام البدر في اليمن , ليعودوا الى الجبهة عام 1967 وقد اعياهم التعب وارهقتهم جبال اليمن منهزمين من الداخل فضاعت الضفة الغربية في 6 ساعات وليس كما يردد بعض العرب بستة ايام.
ونتذكر كذلك خطبة جمال عبد الناصر الشهيرة قبيل حرب بساعات1967 عندما هدّد اسرائيل بالابادة الجماعية باستخدام سلاح ( البُلغ) , فظن اليهود أن هذا السلاح جديد حتى اكتشفوا أن سلاح (البُلغ ) ما هو إلا الاحذية باللغة العربية.

فاسرائيل يا عرب لا ترهبها الاسلحة التي تمتلكها جيوشهم لا لضخامتها ولا لحداثتها , لانها هي التي تقوم ببيعها وتصديرها عبر اذرعها وعملائها الممتدين في كل دولة منتجة للاسلحة, فهم يعلمون ان تلك الاسلحة ذات تأثير محدود جداً عليهم لانها مصنوعة بمواصفات غير تلك التي بحوزتهم .

فتصريح عباس الذي اسقط به حق العودة ليس جديدا لكي تثار حوله الشكوك, وعلينا أن لا نستغرب مثل هذا التصريح , ولكن علينا أن نستغرب تلك الهجمة الشرسة التي شنت, فنال من الشتائم والتخوين ما تعجز عن حمله الجبال .متسائلا : ما هو الفرق بين الذين اشبعوا عباس انتقاداً وشتما وتخويناً ,وبين الملايين الذين يرفضون حق العودة لفلسطين بقبولهم الجنسية الاردنية او الاحتفاظ بها مع علمهم أن ذلك يمثل اسقاط حق العودة بالخاطر وبالرضا التام؟.

فعلى الاقل محمود عباس اعلنها صراحة تحت الشمس وفي وضح النهار سواء اتفقنا مع تصريحه أم اختلفنا, فلم يختبئ وراء شعارات طنانة ورنانة كتلك التي تدعي التحرير والتمسك بحق العودة المقدس, الذي لم يعد في نظري مقدساً لتهافت الملايين ليل نهار من اجل الحصول على المصالح والمكاسب الشخصية التي تبعدهم وتلهيهم عن ارضهم وتترك مجالا للعالم ان يستغل ذلك لاسقاط حق يطالبون به , وليعلم الجميع أن لا فرق بين تصريح عباس واحتفاظ الغالبية المطلقة بالجنسية الاردنية والرقم الوطني الذي يعني في القانون الدولي انه اردني وليس فلسطينياً , لذلك لا يحق له العودة الى فلسطين المحتلة.

فحق العودة ليس بحاجة الى مظاهرات أو عقد مؤتمرات أو القاء خطابات تُبكي العيون بالحنين الى ارض الاباء والاجداد, ولكنه حق يرتكز إنجاحه على رفض مشاريع التوطين التي تتطلب التخلي الفوري عن الجنسية الاردنية اسوة بالفلسطينيين في لبنان وسوريا والعراق , لخدمة فلسطين وإبقاء حق العودة مفتوحا وحياً لانه الوحيد الذي يقض مضاجع اسرائيل ويقلق راحتهم , ويحبط مخططاتهم فهم يدركون ان التهافت على الجنسية الاردنية ما هو الإ بمثابة القبول الطوعي بالتوطين باتخاذ الاردن وطنا بديلا عن فلسطين.

فلنعمل جميعا اردنيون وفلسطينيون لمواجهة ومقاومة المخطط الاسرائيلي الرامي الى ان يكون الاردن وطنا بديلا للشعب الفلسطيني , ولنتنازل عن جنسياتنا لقهر اسرائيل ولنبقي على حق العودة الى فلسطين حياً وننعش آماله , فندفن بذلك مشروع الوطن البديل الى الابد اذا كنا نبكي فلسطين صادقين, ونعتبر اليهود اعداء محتلين , ولنسرع لتحقيق تلك الخطوة لان فصول المؤامرة على الاردن وفلسطين اخذت تكتمل وتسير في مسارها الصحيح , وخاصة بعد تصريح محمود عباس الاخير, الذي جاء متزامناً مع تصريح رفيق دربه في النضال فاروق القدومي الذي طالب بعودة الضفة الغربية لحكم الاردن , ليس محبة بالاردن ولا خوفا على شعبه الفلسطيني وارضه التاريخية , بل لتعميق جراح الاردن بتبعات القضية الفلسطينية وتصفيتها في مراحلها الاخيرة على ظهر الشعب الاردني .

اتركوا محمود عباس وشأنه فهو على الاقل يتكلم في وضح النهار ويصرّح بمكنونات قلبه وفكره تحت الشمس, ففي المقابل الملايين من عباس يطالبون بما يطالب به ولكن بالسر والخفاء فالجنسية الاردنية لا تعني في القانون وفي الفكر الدولي إلا التخلي عن حق العودة الى الابد.

فتصريح عباس لم يتضرر منه سوى الاردنيين وحركة حماس التي ستقوم قريباً بالرد على فتح وزعيمها الامر الذي سيؤدي الى اشعال حرب اهليه بين الاخ واخيه ,سيكون الاردن مسرحاً لها باستقبال موجات لاجئين جديدة.

وقفة للتأمل : دعونا نستوحي العبر من الاية الكريمة: ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) , فالاصلاح اذا ما بقي متمسكاً بأهداب هذه الاية , فلن يستطيع أي انسان مهما بلغ من القوة أن يهدد فلسطين وشعبها مهما ادعى من خرافات والقى الخطب, وانها لشِرعة السماء , غّير نفسك , تغّير التاريخ ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات