تعلم الألمانية بعشرة ..


 لدرجة ما كنت مُغرم بألمانيا، فقد كنت أنتفض عند سماع إسمها ... ألمانيا البلد مش إسم بنت. وذكرني جبر بالكتيب الذي كنت قد اشتريته من وسط البلد بعد مشاهدتنا لفيلم ثقافي في سينما زهران.

دخول الفليم مش مثل خروجة مثل ما بيقولوا، مدخل السينما من شارع السلط وخروجه من الشارع العلوي، طريق سرفيس خط ثمانية وإسمة الرسمي شارع ياقوت الحموي. نزلِة بميلان أكثر من 45 بالمئة لدرجة تجعلك مائلاً للخلف وأرجلك واثقة المَداس منعا للإنزلاق، وهذا التوازن صعب، وخاصة بعد الفيلم الثقافي في زهران. بعد النزلة على اليسار يوجد كشك كتب، ومن هناك اشتريت كتابي بعنوان: تعلم الألمانية بعشرة أيام. والشيء الوحيد الذي تعلمته منه، والحقيقة مش منه من غوار الطوشة، هي جملة إشليبهدش اللي قلتلكم عنها.

آه، فادك الكتاب ... سألني جبر. أجبته ... يعني إشي ومنّه. ولكن الحقيقة كانت بأن الألمان إعتبرونا عداد عالصفر وبلشوا معنا في معهد هيردر من هناك. الأحرف الألمانية بدها جهد فهناك على سبيل المثال الحرف أوو Ö يلفظ بضم الشفتين كمن يُقلد قرداً، ولكثرة ما كنا نُخطيء بلفظِه أضطرت المعلمة شيفر مسك شفتاي بكلتا يديها وضمهما لكي اتقن هذا الحرف العجيب. وكانت تعيرنا مرآه المكياج، وكانت تفوح عطراً، للتمرن على ضم الشفاه، وكما تعلم يا جبر الشِفاه تستعمل في الأردن للأكل ولظم الإبرة والثرثرة، وتبين فيما بعد أنها من أهم أعضاء الجسم، فهي لحرف أوو ... وللقبلات الحميمة.

كيف بتسمحلها تمسك ثمك يا إنسان، تعجب جبر. يا عزيزي، هذول الألمان حكاية ثانية وقصدهم شريف ومش مثل ما راح فكرك، إلا إنه لا يخلى الأمر من بعض الإستلطاف... كيف يعني، سأل جبر.
يا عزيزي، كان عندنا معلمتين، الأولى مس شيفر والثانية ساسميها الطويلة حفاظا على السرّية، فممكن تكون متزوجة الآن وعنده عرّ ولاد. كانت الطويلة، طويلة مثلي وكانت تركز عليّ أكثر من غيري من الطلاب، وأنا سلامة تسلمك. وأتى يوم وأخذونا رحلة إلى الجبال لمشاهدة الثلج وتعّلم التزلج الذي يسمونه: السواقة على الثلج Schifahren طبعاً السواقة تعني لبس الزلاجات والتزحلق فيها. مش حكيتلك، بيسموا الأشياء بأسمائها، ورافقتنا المعلمات في الرحلة. سألونا، مين فيكم بيعرف يسوق على الثلج ... طبعاً إستغربنا المصطلح وبعدين فهمنا وقلنا ... ولا واحد.

الألمان حاسبين حساب كل شيء وكانوا مجهّزين عربات بزلاجات للمقاطيع اللي مِثلنا. ركبت أنا على واحدة وظليت أحرك فيها بالمعاقطة وما كان أتحرك، وما لقيت إلا والمس الطويلة تركب ورائي وتدفع العربة بقدميها نحو المنحدر. وما أن بدئنا بالنزول حتى تشبثت بي بكلتا يديها وقدميها. العربة نازلة بتسارع وقلبي يخفق بتسارع، والتسارع في الفيزياء يعني التغير في السرعة اللحظية على التغير في الزمن، وأنا كنت خايف الناس يشوفوا هالمنظر في لحظة من الزمن، أو حتى لحظات وبالتالي يزيد البسط (الرياضي مش النفسي) فيكون ناتج تسارع مزاجي أقل. أصلا إحنا العرب نُعير وزناً لكلام الناس مع إنه ما حدا داري عن حدا والكل مبسوط، ولكني تعلمت درس مفاده ... بأن تعلم اللغة يحتاج إلى أكثر من ضم الشِفاه وبدها هز كتاف، فالألمان حاربوا نصف العالم وإنهزموا وإنقسموا لشطرين شرقي وغربي ثم توحدوا وأصبحوا الضمانة الرئيسية للإتحاد الأوروبي، فبالك يا جبر بنتعلم منهم لكي نُقيم الإتحاد العربي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات