عباس وليفني وبلفور


فيما كانت الشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني تحيي ذكرى وعد بلفور المشؤوم الصادر بتاريخ 2/11/1917 والذي أعطى بموجبه وزير خارجية بريطانيا اللورد بلفور وعدا لبني جلدته من اليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين ، والذي يعتبر البوابة الرئيسية لنكبة 1948 التي حلت بالشعب الفلسطيني ، وأدت الى تهجيره من أرضه عنوة وبالقوة وبارتكاب أبشع جرائم عرفتها البشرية ، خرجت ليفني والتي شغلت منصب رئيس وزراء اسرائيل سابقا الى شعب اسرائيل لتعلن عن تضحياتها من أجل اسرائيل وشعبها ، بما في تلك التضحيات من أفعال منافية للمبادئ والأخلاق ، ولم تخجل ليفني حتى من أقرب الناس اليها وهي تصرح بأنها ارتكبت تلك الأفعال ومنها الفاحشة والخيانة الزوجية حتى على الفراش العربي مع بعض الزعماء العرب ، ولكن مايغفر لها عند شعبها ان ارتكابها تلك الأفعال لم يكن لمصلحتها الشخصية وإنما لمصلحة اسرائيل وشعبها ، وهذا ربما بل حتما سيجعلها اسطورة يهودية في المستقبل ، وفي التاريخ الصهيوني واليهودي على حد سواء .
في الوقت نفسه تتفتح قريحة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بتصريحات نارية ناتجة عن اسهال سياسي ، لمصلحة اسرائيل وشعبها أيضا ، لم يتجرأ أحد من قبله الأدلاء بها ، يتنازل فيها عن حق العودة للاجئبن من أبناء شعبه الذي تجاوز عددهم ستة ملايين لاجئ يتلهفون للعودة الى ديارهم وممتلكاتهم في فلسطين العربية بالتاريخ والهوية ، وهو المكتسب لهم بموجب كل القوانين والمواثيق والقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية ، وعلى رأسها قرار 194 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 11/12/1948 ، ولم يتوقف حذيث محمود عباس مع الأذاعة الأسرائيلية عند ذلك ، بل سلب الشعب الفلسطيني حقه في إنتقاضة ثالثة ضد الأحتلال الأسرائيلي معللا ذلك برفضه للأرهاب ، ولم يتجرأ على رفض ماتمارسه اسرائيل من ارهاب على أرض سلطته وضد أبناء شعبه وهو يتكلم على الهواء مباشرة ، مسقطا حق الشعب الفلسطيني في الأنتفاضة والكفاح والجهاد من أجل نيل حريته واستقلاله ، وهو الحق الذي أعطته له كل القوانين الدولية كغيره من الشعوب المستعمرة والمحتلة إذ يحق لها النضال والكفاح بشتى الوسائل ومنها القوة واستعمال السلاح من أجل التحرر والأستقلال .
لم تكن تصريحات محمود عباس فيها أي نوع من الغموض ، فقد كانت واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار ، ولذلك فان الأدعاء بأنه قد حصل فيها سوء فهم أو انها تصريحات شخصية فهذه كلها توضيحات مرفوضة من قبل الشعب الفلسطيني ، الذي عاش 64 عاما مكافحا مناضلا وصابرا منتظرا تحقيق حلم العودة ، فاذا كان هو شخصيا أسقط حقه في العودة الى صفد المحتلة فلا شك ان صفد أسقطته من كل حساباتها ، بل وحرمت عليه النظر اليها أيضا ، إلا ان تصريحاته المخزية والمخجلة لم تكن شخصية ، فقد قال أمام ضيفه الأسرائيلي وفي مكتبه في رام الله ، وهو يعني ما كان يقوله ( ما دمت في السلطة ) أي ما دمت رئيسا للسلطة الفلسطينية ، وعباس كما هو معلوم ممسك بزمام القضية الفلسطينية كلها ، وقد اصبح يشكل خطرا عليها ، فهو رئيس السلطة الفلسطينية حسب إتفاق أوسلو الموقع بتاريخ 13/9/1993 بين منظمة التحرير واسرائيل ، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني يموجب قرار مؤتمر الرباط بتاريخ 29/10/1974 ، ورئيس حركة فتح وهي أكبر فصيل فلسطيني على الساحة الفلسطينية ، وهو بذلك المعترف به عالميا كممثل للشعب الفلسطيني المنكوب به ، وتصريحات أي رئيس تؤخذ سياسيا واعلاميا بأنها باسم شعبه ، وحق العودة هو حق عام وحق لكل لاجئ فلسطيني وليس حق شخصي ، ولا يجوز لآي شخص مهما كان من المسؤولية ان يتبجح بالتفريط به .
ان مثل هذه التصريحات تنم عن جهل حقيقي للقضية الفلسطينية ، فهل محمود عباس جاهل بقضية شعبه الذي يجلس على كرسي رئاسته ، والذي لا يملك من امره شيئا حتى الخروج من رام الله والعودة اليها إلا بإذن أو تصريح من اسرائيل ، لقد اختار محمود عباس هذا التوقيت وهو على وشك الذهاب للأمم المتحدة للمطالبة بعشوية لفلسطين في المنظمة الدولية ، واسرائيل على ابواب انتخابات رئاسية ، فهل كان يتباكى لأرضاء الشعب الأسرائيلي ليؤثر على الأنتخابات الأسرائيلية ، وتبليغ رسالته بأنه مازال على العهد مشتعدا للمفاوضات التي فشلت ثلاث عقود كاملة ، أم ليستعطف نتنياهو والرئيس القادم لأسرائيل بتمرير طلبه للأمم المتحدة ، وسواء كان السبب هذا أو ذاك فقد جاء الرد صريحا من صقر اسرائيل المتطرف ليبرمان ليعطي الرد مباشرة للأذاعة الأسرائيلية ذاتها حيث قال ( ان ابومازن رجل كاذب ويصارع من أجل البقاء ونحن من يدعم السلطة للبقاء ) أما ايهود باراك والذي يعرف عباس جيدا من خلال مفاوضات سابقة معه ، فقد قال وللأذاعة الأسرائيلية أيضا ردا على تصريحات محمود عباس ( عباس كان قد أبدى في سياق اجتماعات مغلقة استعداده للتنازل عن حق العودة للفلسطينيين ، وان ابو مازن تحفظ فعلا من الأرهاب وقال انه لامجال لأندلاع انتفاضة ثالثة ) .
اذا لامجال للقول بأن التصريحات التي أدلى بها قد تم فهمهما خطأ ، ولا جديد في مواقفه وتصريحاته ، إلا أنها جاءت علنية بعد ان كانت سرية ، ان من يدلي بمثل هذه التصريحات بالنسبة لكل فلسطيني سواء كان لاجئا أو مقيما على أرضه تحت الأحتلال ، يعتبر مفرطا بثوابته ومطالبه وحقوقه وخاصة حق العودة ، ولا يستحق ان يكون رئيسا له أو متحدثا باسمه ، أما الأنتفاضة فحكمها للشعب ، وإذا أراد الشعب ذلك فهو ليس بحاجة لموافقة محمود عباس أو غيره
لقد أصبح الآن مطلوبا من الفصائل الفلسطينية الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينبة سحب الشرعية عن عباس ، والأعلان عن إعادة هيكلتها وتفعيل دورها الذي سلبته السلطة منها والأعلان عن اهدافها من جديد ، وكذلك الأعلان عن استقلالها عن السلطة لتكون فعلا هي المتحدث بلسان الشعب الفلسطيني والممثل الشرعي له ، كما يجب على السلطة الفلسطينية رفع الغطاء السياسي ونزع الشرعية عن عباس واشغال منصبه حسب القانون والميثاق الفلسطيني ختى يتم انتخاب رئيس جديد عبر انتخابات يشارك فيها فعلا كل الشعب الفلسطيني ، أما حركة فتح وهي الحركة التي يشهد لها الجميع بنضالها وبطولاتها وما قدمت من شهداء من أجل فلسطين وشعب فلسطين وحق العودة والتحرير ، فقد بات الشعب الفلسطيني يأمل من قياداتها أن تدعوا لمؤتمر للجنة المركزية ، وأن تتخذ قرارا واضحا بتصحيح مسارها الذي شوهه عباس أثتاء رئاسته ، وان تنزع منه شرعيته وان تشكل لجنة ثورية لمحاكمته بتهمة التفريط بالثوابت والحقوق الفلسطينية ، لتعود حركة فتح كما عهدها الشعب وعهد بطولاتها ، وتتحرر من نير وقيد سلطة حاولت وربما استطاعت بعض الشئ من طمس هذه البطولات والتصحيات وأخذها لمسار معاكس لأهدافها التحررية والزطنية .
فاذا كان التاريخ قد كتب ان وعد بلفور كان وعد من لا يملك لمن لا يستحق ،نرجوا ان لا يكتب ان وعد عباس كان وعد لا مسؤول من شخص فاقد المسؤولية .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات