يا فرحتي .. ؟


إعتادت المحطات الفضائية الإخبارية أن تقدم حصاد اليوم الإخباري بعد الساعة العاشرة مساءاً ، وذلك لمعرفتها بأن المشاهد يمتلك من الوقت في تلك الساعة مساحة كبيرة من الحرية في الإختيار والبحث عن أخبار مرفق معها قراءات تحليلية وتقارير ميدانية وفي نفس الوقت تقوم تلك المحطات بتقديم وجهات النظر المختلفة لكلا طرفي القضية ( المعارضة والحكومة ) .

وفي يوم الجمعة الماضية مساءاً قمت بتتبع محطتين إخباريتين كمحاولة للبحث عن الخبر الأردني من حيث وقت عرضه في النشرة ومحتوى الخبر والكيفية التي تمت بها تغطيته إعلاميا ، وهما محطة البي بي سي ومحطة المنار وكانت كلا المحطتين قد أفردتها للشأن الأردني المحلي مساحة جيدة في تغطيتها ليوم الجمعة من خلال مقابلات ميدانيىة مع المشاركين في الإعتصامات التي تمت يوم الجمعة ومرفقة معها صور لهذه الاعتصامات ، وفي نفس الوقت قامت هاتين المحطتين بإبراز رأي المعارضة في طريق الإصلاح السياسي الأردني من حيث إختيارها لبعض شخصياته المعروفة وإعطائها مساحة زمنية جيدة في التعبير عن رأيها بما وصل إليه الإصلاح في الأردن ، ولكن محطة المنار إكتفت بمشاركة رموز من المعارضة في تغطيتها وقامت بتهميش الرأي الحكومي بعكس محطة البي بي سي التي طرحت وجهة النظر الحكومية من خلال لقاء مع معالي وزير الإعلام والاتصال والناطق الرسمي بأسم الحكومة .

وخلاصة هذه المتابعة للشأن الأردني في كلا المحطتين تتمثل في أن كلا طرفي الصراع ( السلمي ) في الأردني ما زالا متمسكين بوجهات نظرهم دون الأخذ بعين الإعتبار أية مكتسبات قد تم تحقيقها وعلى قاعدة ( إما كل شيء أو لاشيء ) وهي قاعدة تعيدنا للمربع الأول في الإصلاح الأردني ، يأتي التركيز على الأردن الأن من منطلق أن بقية ملفات الربيع العربي إما أنها قد طبخت وإنتهت كمصر وتونس وليبيا أو أنها ما تزال تحت النار في مراحلها الأولى كسوريا ، فحري بهذه المحطات أن تعطي الشأن الأردني تغطية إعلامية مميزة وإن كان حجم الحراك إذا ما قورن بفترات سابقة ضعيف ولم يحصل على تغطية إعلامية تمثل حجمه الحقيق ، ومرد ذلك إلى أن هذه الوسائل أصبحت تنظر بعين المترقب للشأن الأردني وهي تأخذ بعين الإعتبار الكثير من المتغيرات في الشأن العربي والشرق الأوسط بالذات ومع قرب موعد الانتخابات الأردنية والاسرائيلية المتزامنتان بشكل يثير الكثير من الاسئلة لدى عدد من المراقبين المحليين .

والجانب الأخر في نتائج هذه المتابعة أن خطاب المعارضة الأردنية على هذه المحطات يشابه إلى حد كبير خطاب المعارضة السورية من باب أن المطالب تتركز بمطلب واحد ورئيسي ومن دونه لن تتم أية خطوة للأمام بغية الإصلاح وهو تغيير بنية النظام بشكل يعطي المواطن المشاركة بالقرار السياسي وإيقاف التغول على لقمة عيش المواطن من منطلق إيقاف العجز بالميزانية التي لايتحمل من وزرها هذا المواطن أي ذنب ، وفي الجانب الأخر يأتي الخطاب الرسمي للرد على خطاب المعارضة مشابه للخطاب الرسمي السوري من أن الدولة قدمت الكثير في طريق الإصلاح ولكن الطرف الأخر فقد بوصلته وأصبح يبحث عن مطالب عالية السقف كي يثبت للجهات المحلية والخارجية أن طريق الإصلاح مغلق وبالتالي عليه أن يعيد ترتيب أوراقه .

وأخيرا وجدت نفسي متابعا للشأن الأردني عبر هاتين المحطتين وانا أردد جملة واحدة .. يا فرحتي .. ، إستطعنا أن نأخذ من وقت الفضاء الإخباري العربي والعالمي دقائق معدودة لننشر بها غسيلنا القذر مع أننا قادرين على أبقائه في الساحة الخلفية للوطن دون فضائح فضائية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات