الصمت


التراث العربي ، الاجتماعي ، والثقافي ماضياً ، وحاضراً مليء بالسلبيات التي قد تطغى على الإيجابيات من مبدأ أن خطأً واحداً في البناء قد يُطيح بالبناء كاملاً ، وملاحقة هذه السليبات أمر ليس صعباً ، و أما الإصلاح فهو أمر عسير ، ومتعذر بالتأكيد ، فقد شكّل التراث العربي ثقافة سلوكية عند الإنسان العربي عبر مئات السنين ، بحيث أصبحت هذه السلوكيات أمراً لازماً إتباعه ، وبالتالي فإن الخروج عنها قد يصل حد الجريمة الاجتماعية .

من المضحك والمبكي معاً أن النحويين الذين سرنا على دربهم ، واتبعنا ما سطروه لنا لم يجدوا مثالاً على الفعل الماضي سوى جملة – قتل عمروٌ زيداً – متخذين هذا المثال منهج دراسة ، وأسلوب تطبيق ، وكأن اللغة عاقر لا يوجد فيها غير فعل قتل ، وهذا الأمر كما يفسره علماء النفس هو نتاج ثقافة موروثة تأصلت في نفوس الباحثين الذين أرسو قواعد لغتنا .

ما دفعني إلى هذا القول هو كثرة ما أسمع يومياً قولاً يُعتبر أساساً في التربية العربية ، وأساساً في قمة الأدب والسلوك ، وهذا القول هو – إذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب – ويزعجني التزامنا بهذا القول التزاماً يكون منهجاً ، وكأن القول هو آية قرآنية ، أو حديث نبوي لا تشوبه شائبة النحل ، وكثيراً ما نُطالب الصغار ، والكبار بالتزام الصمت لأنه من ذهب ، فإلى أين أوصلنا صمتنا ؟ ،وماذا أفادنا هذا الصمت ؟

صحيفة يديعوت أحرنوت الصهيونية كشفت قبل يومين عن شخصية قاتل الشخصية الفلسطينية المعروفة – أبو جهاد – ونشرت صورته ، وتفاصيل الجريمة ، وكانت نفس الصحيفة قبل سنوات قد نشرت صورت باراك وهو يجلس على ركبة ونصف أمام جثة الشاعر الفلسطيني كمال ناصر، بعد أن قتله وقطع لسانه كما روى باراك نفسه هذه الحادثة ، والأقوال كثيرة هذه الأيام عن مخططات عدوانية إسرائيلية في القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين ، هذه التصريحات من الصحف الإسرائيلية ، ومن قياداتهم ، والتي فيها لغة التباهي ، والعجرفة يقابلها صمت عربي ، وإسلامي التزاماً بأن الصمت من ذهب ، فإلى هذه الدرجة تحبون الذهب يا عرب؟؟!!!

أُحيل فكرة الصمت من ذهب إلى القارئ الذي احترم ثقافته ، وبحثه ، وتدقيقه ، وهو قادر على أن يستذكر مواقف كثيرة سياسية، واجتماعية،ودينية حساسة صمتنا أمامها ، ودفعنا الكثير من الخسارة من أجل الصمت المقدس وربما ، أقول ربما منعني الصمت من قول أكثرها ، فهل أنا إلا من غزية ؟؟ ، والسلام عليكم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات