الاخوان المسلمون .. السهل الممتنع


كلما توغلنا في النظر الى مصائب الوطن العربي كلما زدنا يقينا بأن علينا ان نتوغل اكثر لكي نعرف التركيبة الحقيقية للوطن العربي والتي جعلتنا نتفتت ألى ألف قسم وقسم يتناوبون التعامل مع ألف مصيبة ومصيبة.. وكل مجموعة أو دولة او عرق أو طائفة تختلف مصيبتها عن الاخرى لنخرج بمفهوم أوحد (اننا لم نستطيع حتى التوحد في مصيبة بل كانت لنا مصائبنا المتنافرة).
ومرورا على مضاربنا وعلى مصائبنا بحثا عن نخبنا وطلائع فرساننا نجد ان هناك من يمسك بحبة (الاسبرين) كحل وحيد لكل امراضنا سنتناولها حكما حين تصل اللعبة الى النهاية.. هذا العلاج الأوحد هو التيار الاسلامي السياسي بشكل عام والإخوان المسلمون بشكل خاص.
علينا ان نعترف بأن التيار الإخواني يشكل لبنة رئيسية من المجموع العام في معظم الدول العربية وبنفس الوقت يشكل هذا التيار هاجسا كبيرا لدى اغلبية النخب السياسية وصناع القرار الذين وجودوا انفسهم امام ضرورة التعامل معه كونه القطب الرئيسي في معادلة أصبح لها حديثا قطبان فقط يتزاحمان على قيادة الجماهير.. احداها إخواني والآخر ليس إخواني..
ولقراءة المشهد الإخواني لبيان نقاط الالتقاء أو الاختلاف معه علينا ان نكون شفافين في دراسة عملية تسييس الدين وبحث تأثير الدين (السياسي) او خلو السياسة من البعد الديني على ما مررنا في من أحداث وكذلك لمعرفة دور هذه الاحداث في تشكيل صدمات ارتدادية تسببت فيها التيارات الدينية وجرى تعميم نتائجها علينا لتعليل او تفنيد او نفي او اثبات حقائق..
بداية علينا ان ندرك بأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن يبحث عن ملك او عن سلطة أو عن دولة.. بل كان يؤدي نشر رسالة الله في الارض بممالكها وتجمعاتها المختلفة.. ويبتعد عن التسلط السياسي في تأدية الرسالة حيث خاطب السلاطين والملوك في حينها بألقابهم في حين اختار اللقب الالهي لنفسه الطاهرة (رسول الله)، حيث كانت خلاصة رسائله هي النصح لهم بأتباع تعاليم الاسلام بأركانه الخمسة حصنا منيعا مأمولا لهم وأمانة من الله عليه تأديتها كما أداها.
ولم يطالبهم فعلا او قولا بتغيير حكوماتهم لأمارات اسلامية وتسليم مقاليد الحكم له لبناء وتوسيع سلطته السياسية بل كانت دعواته لإبلاغهم بتعليمات الله لإسباغها كنعمة من الله على رعاياهم ضمن ممالكهم وإمبراطورياتهم (رسائل الرسول عليه الصلاة والسلام الى هرقل الروم والى ملك حضرموت والى ملك الحبشة)، حيث كانت غزواته وجهاده لأسباب دفاعية عن الدعوة لا عن الدولة.
وفي العصر الحديث نرى ان معظم التيارات الاسلامية التي برزت على الساحة السياسية وضعت نصب اعينها الوصول الى قيادة الدولة واستخدمت الدين سلما للصعود السريع الى هذه القيادة واستخدمت نواتج الاستعمار من تخلف وفشل وضعف في الانظمة مع استعمال ماكر لقدسية الرسالة وروحانية التعاليم الاسلامية بالشكل البرغماتي.. حيث تعمل على استعمال الترغيب والترهيب الديني بطريقة معقدة وماكرة لصالح خطة الطريق الخاصة بها ليصبح الدين في خدمة مشروع دولة التيارات الاسلامية السياسية .. في حين لا تمانع معظم هذه التيارات وخاصة الاخوان المسلمون باستعمال رخو لكل اشكال الحياة المدنية التي تجد فيها حججا وسائل هروب من مسئولية التخلف والهزائم والفشل المتتالي للدولة (هذه الحالة وجدناها في إمارة غزة وقد نجدها في مصر لاحقا..).
ونجد ان هذه التيارات كانت على علاقة سلبية مع التيارات السلفية وكذلك مع الدول ذات المنهج الاسلامي مثل السعودية التي وضعت الدولة في خدمة الدين ودون ان ترهق الحياة المدنية بتصعيد اقصى لمعاني الخلافة وعملت على معالجة القوانين الوضعية التي تتلامس مع المضمون العام للعقيدة وضمن فضاء المملكة دون ان تعلن محاربتها للقوانين الوضعية التي تتعارض مع روح العقيدة لتخرج بذلك مفهوم الدولة المدنية التي تدين بالإسلام وتعمل به ولا تستعمله في خارج اطاره الصحيح وهذا لم يعجب الاسلام السياسي المتمثل في الاخوان المسلمون لأنه قد يعري هذه التيارات ويحرجها امام الجمهور العام.
ونرى البرغماتية بالشكل الواضح لدى الاخوان المسلمون في مجمل اركان الربيع العربي فابتعاد الأخوان المسلمون السوريون الواضح عن الثورة السورية في مناطق الاشتباك واختبائهم خلف الخطوط الخلفية وفي كواليس المعارضة الخارجية تعطينا تأكيدا لاستمرارية النهج الإخواني المدرب فقط على قطف الثمرة فقط دون التعب في إنضاجها او زراعتها حتى (ربما كان تيار الاخوان قد زرع بذرا من نوع اخر في مكان اخر في وقت اخر ولكن الحصاد كان للحرية والكرامة).
كما ان إخوان الاردن لا يختلفون عن نظرائهم في الدول الاخرى ولكن امام استحالة الثورة الشعبية في الاردن لأسباب جوهرية اهمها ان الشعب (لا يريد اسقاط النظام بل يتمسك فيه ويراه الحل الوحيد) فهم ( الأخوان) يقودون حملة محمومة على الحكومة وعلى مكونات الشعب للحصول على مكاسب سياسية ابتزازية وكذلك لتخفيف الضغط عنهم جماهيريا امام استحقاق الواجبات الشرعية والمطلوبة منهم في فلسطين وسوريا والعراق (كتيار عقائدي وحدوي مفترض).





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات