من مرسي إلى بيريز ، حوِّل .. !


 أعجب من دعاة الإصلاح السياسي ، الإقتصادي والإجتماعي في الأردن على مختلف توجهاتهم الوطنية ، القومية ، اليسارية ، العشائرية ، المناطقية والكتلوية أن بعضهم ما يزال يكيل بمكيال الإخوان المُتأسلمين ، يتحالف معهم ويتبعهم في المهرجانات ويمنحهم الإهتمام ، ويسهل لهم التُقية والخداع، وأعجب أكثر أن البعض ما يزال مبهوراً بحضورهم في المشهد السياسي الأردني ، العربي ، الإقليمي والدولي ، دون التدقيق بما كان عليه خطابهم قبل الربيع العربي ، وشعاراتهم التي وقرت آذاننا ،تحرير فلسطين من البحر إلى النهر ، مقاومة وممانعة ، الصراع مع يهود صراع وجود وليس حدود وغيرها الكثير من الشعارات الرنانة ، التي طالما قلنا إنها مُفرغة من المضامين وأن ما هي سوى تدليس وتُقية، وأن المُتأسلمين سادرون في سعيهم المحموم للحكم تحت البنديرة الأمريكية ، المُدارة والمرسومة من قبل اليهودية العالمية ، وبمنهاجية إنهزامية تجاه قضية فلسطين كجوهر للصراع مع يهود ، وبدون أية مفارقة مع ما توافقت عليه أنظمة الحكم العربية ، والإجماع العربي على ما عُرف بمبادرة السلام العربية في قمة بيروت 2002 ، ومن قبلها أوسلو.

 قبل الحديث عن رسائل الحب والغرام بين المُترئس الإخواني التَقَوي في مصر ""محمد مرسي وياعيني عليه...!"" ، وبين شقيق روحه الثعلب شمعون بيريز ، لا بد من التذكير أن أي عضو في جماعة الإخوان المُتأسلمين ، إن كان في مصر ، ماليزيا ، الأردن ، باكستان ، بريطانيا أو لبنان أو أي مكان على الأرض أو سابح في الفضاء ، هو خاضع للبيعة للمرشد العام ، كما كانت البيعة للخلفاء في صدر الإسلام ، وعليه فإن مترئس مصر ""محمد مرسي"" لا ينطق عن هواه أو يُعبر عن رأي خاص ولو بحرف غير مُقرٍِّ من ولي الأمر المرشد العام ، وهو ما سبق قلناه ونؤكد عليه ، وأقره الواقع المصري في أزمة النائب العام في التحشيد الإخواني مع مرسي ضد القانون القضائي المصري ، وبالأمس وبكل وضوح أكد ياسر علي الناطق بإسم الرئاسة المصرية ، أن رسائل الغرام ""المُرسية البيرزية"" صحيحة مما يعني أن مصر برئاسة مرسي هي ذاتها في عهد حسني مبارك تجاه يهود وتجاه معاهدة السلام مع إسرائيل ""وكأنك يا أبو زيد ما غزيت"" ويا عيني على السلام الذي يبشرنا به مرسي ، وهو ما أوصلنا إلى كل ما تعانيه الأمة من تقويض لمقدراتها وتسخيف لوجودها ، ناهيك عن تدنيس المقدسات وهدمها ، حُمّى الإستيطان ، إبتلاع الأرض وتهويدها ، ولن يكون قرار النتن ياهو ""الضفة الغربية ليست أرضا مُحتلة"" آخر الفعل والكلام...!

وبالعودة إلى مرسال الغرام ، فإن ما ينطبق على مترئس مصر محمد مرسي ، هو ذاته ينطبق وسينطبق على أي أخ مُتأسلم ""إخواني"" يصل إلى سدة الحكم في أي بلد عربي أو إسلامي ، فهل بقي ما يُميز الإخوان عن أنظمة الحكم العربية السائدة أو البائدة سياسيا، إقتصاديا ، إجتماعيا أو نضاليا ضد يهود ""الكل زطٌ لا فرق بين الجار والجار""...؟

- أما وقد سقطت ورقة التوت عن عورة المُتأسلمين وبشكل سافر في مصر ، حاضنة مكتب الإرشاد العام والمُستأثرة بزعامته ، فقد سبقها في التعري إخوان تركيا حيث مقر الإرشاد العالمي كأعلى مرجعية للإخوان المُتأسلمين ، حيث العلاقة التاريخية بين تركيا وإسرائيل ذات العُمق الإستراتيجي ، بين أقوى عضوين في منطقة الشرق الأوسط في حلف شمال الأطلسي ""الناتو"" ، وهي علاقة لا أحد يُشكك في متانتها ، أما إن ذَكَّرَ أحد العاطفيين ببعض المواقف الأردوغانية كسفينة الحرية مثلا أو مناكفتة لشمعون بيريز، فهي أمور لا تبتعد عن مقولة هذا ما يحتاجه أصول الشغل ""أو بلغة أدق تأهيل وتلميع نجومية أردوغان كي يتمكن من تمرير المخطط الصهيوأمريكي في المنطقة وسط زفة عاطفية"" ، لذا هي مجرد ألاعيب وتكتيكات تم تذويبها ، كما تم تذويب حقيقة من كان وراء ظهور حركة حماس ، ولا تخلو الذاكرة من وصف إسحاق رابين لجماعة حماس بالولد العاق ، فيما كان قد صنعهم في رحلة مرج الزهور الشهيرة، فماذا عن متأسلمي الأردن وقد باتت عورتهم معروضة في الشارع...؟.

- بالأمس تسربت رائحة التقية والتدليس الإخواني في الأردن منبعثة من الغاز المصري ، التي حاول المُتأسلمون في الأردن ستر عورتهم بها ، لكن مكتب الإرشاد العام الإخواني في مصر ، الذي يبدو أنه ضاق ذرعا بتخبط إخوان الأردن ، إنقسامهم ، فساد بعضهم ، المال السياسي ، شراء الذمم وضياع بوصلة آخرين ، حتى وصل الأمر إلى غضب المرشد العام الذي لقن إخوان الأردن درسا قاسيا أسقطهم في الشارع السياسي الأردني وتبددت مصداقيتهم ، فلم يكتف المرشد العام بأول صفعة منه على وجوه إخوان الأردن ، حين قال إن اخوان مصر لا علاقة لهم بإتفاقية الغاز المصرية الأردنية ، وأن هذا شأن الدولتين المصرية والأردنية ، الصفعة الثانية عزوفه عن إستقبالهم في مصر مغلقا بذلك صنبور الغاز ، أما الصفعة الثالثة والأكثر حدة والمشفوعة بالتوبيخ أن شحط المرشد العام إخوان الأردن إلى بيروت ، وهذا دليل آخر على غضب المرشد العام على إخوان الأردن وإستيائه من تصرفاتهم وأنه لا يريد رؤيتهم، ومن أهم أسباب غضب المرشد العام كما ورد من معلومات ، هي الممارسات الخاطئة لمتأسلمي الأردن في تعاملهم مع الشارع الأردني ، تسرعهم في قرار مقاطعة الإنتخابات البرلمانية في الأردن وتوالى صعودهم إلى أعلى الشجرة ، وهو الأمر الذي زاد من حدة إنقسامهم على خلفية فساد مالي وإداري شابت إنتخاباتهم التنظيمية ، وهو ما قد يؤدي إلى خضوع بعض رموزهم للمحكمة الإرشادية في مصر ، وربما إلى محكمة الإرشاد العالمي في تركيا إن إقتضى الأمر ، وخاصة إن لم يُصلحوا أنفسهم إن من حيث حل مجلس الشورى والمكتب التنفيذي وإعادة الإنتخابات الداخلية على أسس نزيهة وتخلو من الفساد ، أو من حيث ضرورة المشاركة بالإنتخابات الأردنية ، أو من حيث ضرورة وقف الشغب والعبث في الشارع الأردني ، لما للأردن من خصوصية في قضية فلسطين ، ولما هو عليه النظام الساسي الأردني من مرونة وإستعداد لمزيد من الإصلاح التدريجيي ، بما يتناسب مع خصوصيته وتركيبته الديموغرافية وأمزجة القوى الشعبية المؤمنة بفلسفة الحكم الهاشمي ، التي ترفض قطعا المساس بصلاحيات الملك ، وليس بعيدا عن هذا لقاء الثلاثاء الماضي بين جلالة الملك ومكونات الشعب ورموزه السياسية ، الإجتماعية والإقتصادية من الموالاو والمعارضة الذين أبهرهم جميعا صراحة جلالته ووضوح رؤيته لأردن المستقبل.
ويسألونك :لماذا تهاجم سياسات الإخوان...؟

 - بالطبع لم يرق للمتأسلمين رؤية الشعب حول الملك على هذا النحو ، وهو ما زاد تخبطهم وذهب بهم إلى إستفزاز الشعب الأردني ، أكثر مما هو مستفز من مواقفهم العدمية التي تشي بوجود مخطط أقل ما يُقال فيه أنه ليس أردنيا ، أما وإن كنا لا نتعرض لشخوص الإخوان في السياق الإجتماعي .

بدليل أننا تجاهلنا ما قاله المهندس أنس همام سعيد ، معتبرين الأمر خصوصية عائلية ، كما وإن تجاهلنا وقفة الإستحياء عند مسجد الكالوتي في ذكرى معاهدة وادي عربة ، وما حملته من دلالات ، ليس أقلها رفع العتب بقدر ما فيها من رسالة لسفارة يهود ، بلسان يكاد يقول : لا تؤاخذونا فنحن مضطرون لهذه المسرحية الهزيلة لرفع العتب أمام الناس ، وإن تجاوزنا المواقف العدمية للإخوان تجاه عملية الإصلاح السياسي ، الإجتماعي والإقتصادي ، فإن الشعب الأردني بكليته لن يسمح للإخوان بالترويج للإرهاب والدفاع عن الإرهابيين كما فعلوا يوم مقتل أبو مصعب الزرقاوي ، ولن يسمح لهم بالتشكيك بقواتنا المسلحة الباسلة وأجهزتنا الأمنية اليقظة ، وما يشكله هذا المكوّن العسكري في ضمائرنا ، عقولنا وقلوبنا ، فهذا المكوّن هو سياج الوطن ، الدرع الواقي وحاجز الصد الذي يحمينا من الأعداء ، المخاطر ومن الإرهاب والإرهابيين ، لننام بأمن وإطمئنان .


- إن إصرار مُتأسلمي الأردن على هذه المواقف العدمية ، التشكيك ، إستغلال شبان الحراكات ، بعض الإعتقالات أو خطأ هنا أو هناك لإحداث الفتن ، وتتويج هذه المواقف في تبني الإرهاب والإرهابيين هو دلالة وتأكيد أن جماعة الإخوان المُتأسلمين تحمل أجندة غير أردنية وفي غاية الخطورة ، كما أنها الحاضنة ، الأب الروحي ومفرخة جميع المسميات المُتأسلمة ، السلفية الجهادية "الإنتحارية" ، القاعدة وما يتبعها من جيوش ومجموعات بأسماء مختلفة


- وما بقي من كلام هو موجه لمتأسلمي الأردن ، فقبل أن تنادوا بالإصلاح أصلحوا أنفسكم ، وقبل أن تتحدثوا عن فساد الآخرين أوقفوا فسادكم ، والأهم على متأسلمي الأردن أن يعتذروا للأردنيين ، القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ، ويُبرئوا أنفسهم من دعم الإرهاب والإرهابيين ، ومن ثم نقول للأردنيين مُخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا ، فالحذر الحذر من أهل التُقية والتدليس ...!
نبيل عمرو-صحفي أردني
nabil_amro@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات