لماذا يا وزارة المياه ؟؟!!


ليس سرا أن الأردن واحد من أفقر دول العالم في المياه، وليس سرا أن إسرائيل ما زالت مستمرة في تلويث مصادر مياهنا في غياب إجراءات عقابية تحد من ممارساتها المتكررة ، وما زالت تخدعنا في نوعية ومواصفات المياه التي نحصل عليها من طبريا جراء خلل في اتفاقيتنا المائية ، هذا بالإضافة إلى استمرارها في سرقة مياهنا بطرق عدة منها حفر آبار ارتوازية لشفط مياه وادي عربة في حين تحرم مزارعينا من فعل الشيء ذاته، ومحاولتها عرقلة مشروع جر مياه الديسي إلى عمان، هذا ناهيك عن كونها غير ملتزمة بمنحنا كامل حصتنا من مياه طبريا.

وليس سرا أيضا أن الموسم الشتوي لم يكن بالمستوى المطلوب هذا العام، وأننا مهددون بمواجهة مشكلة جدية هذا الصيف إن لم تتعدل موازين المطر خلال الشهر الحالي.

ولكن مشاكل المياه لا تتوقف عند تعديات إسرائيل أو فقر المواسم المطرية أو توسع ظاهرة التصحر في منطقتنا أو ارتفاع مستويات الاستهلاك ، كما أنها لا تتوقف عند هدر المياه واهتراء الشبكات وغياب الرقابة الصارمة وعدم الالتزام بالمواصفات الدولية في مياه الشرب جراء ارتفاع بعض العناصر وانخفاض عناصر أخرى.

مشكلتنا تكمن أساسا في وزارة المياه وسلطة وادي الأردن وكلاهما جهتان يغلب عليهما الترهل وبحاجة إلى الكثير من الحزم الإداري لإصلاح أحوالهما، ومع أن خصخصة بعض خدمات المياه في عمان ساهمت في حل جزء من المشكلة الإدارية المتعلقة بإيصال الخدمة، إلا أن أحداثا متكررة ما تلبث أن تؤكد أن الأزمة أعمق وبحاجة إلى إجراءات جذرية.

لقد سبق وأن أطاحت أزمات المياه بحكومات ووزراء في الأردن، وما حل بحكومتين سابقتين ووزراء مياههما ما زال ماثلا في الذاكرة الشعبية، واليوم ها هي مشكلة المياه تتكرر من جديد ضمن أكثر من مستوى، فبعد حوادث تلوث المياه في جرش تطل علينا قضية أخطر هي إهدار الوزارة نصف مليون متر مكعب من المياه جراء تقاعسها عن اتخاذ إجراء صارم استجابة للتحذيرات التي وردتها من محطات الإنذار المبكر التابعة لسلطة وادي الأردن والمنشرة على مصادر المياه المغذية لقناة الملك عبد الله والتي أشارت إلى تدفق مياه ملوثة بالزيوت قادمة من منطقة الشق البارد غربي نهر الأردن.

التقارير المخبرية تلك صدرت يوم الأحد الماضي، أي قبل تسعة أيام، ولكن الوزارة لم تفعل شيئا حتى يوم الخميس الماضي ولم تقم بالإجراء الصحيح وهو إغلاق نفق العدسية للحيلولة دون تسرب تلك الملوثات إلى المياه المتجهة إلى محطة زي، وهو ما أدى إلى تسرب تلك المياه الملوثة بالفعل إلى القناة واختلاطها بالمياه المتجهة إلى زي مساء الأربعاء الماضي، وهو ما اضطر الوزارة إلى إغلاق القناة لاحقا.

لماذا تعاملت الوزارة مع تقارير محطات الإنذار المبكرة بهذا التجاهل أو الإهمال؟ ولماذا انتظرت وقوع الكارثة كي تتحرك لإقفال القناة؟ ولماذا لم تلح سلطة وادي الأردن على اتخاذ إجراءات من قبل الوزارة لتفادي الأزمة؟ ولماذا يكون علينا خسارة نصف مليون متر مكعب فرغتها الوزارة من القناة بعد وقوع الفاس في الراس ثم أعادت ضخ كمية مساوية لها من مياه سدي الوحدة واليرموك وناقل المياه من طبريا في وقت نحن في أمس الحاجة فيه لكل قطرة ماء؟ وماذا لو أصيب المواطنون بالتسمم والإسهالات جراء تلوث كان من الممكن تفاديه؟!

مصدر التلوث كان قادما من إسرائيل كالمعتاد، فماذا كان إجراء حكومتنا هذه المرة؟ احتجاج من وزير المياه لدى الجانب الإسرائيلي، ومع ذلك فإن هذا الاحتجاج وعشرات قبله لم يفلحوا في وقف الممارسات الإسرائيلية الاستفزازية حتى اليوم، بل إن تقارير صحفية تشير إلى أن المياه الملوثة ما زالت مستمرة في التدفق من جارتنا المزعجة!!

المياه أخطر ملف يواجه أي حكومة أردنية، وعلى الوزير والمسؤولين المعنيين التعامل معه بالجدية المطلوبة لأنه يتعلق بحياة الناس وصحتها واستمراريتها في البقاء والنمو، ناهيك عن ارتباطه بكل أوجه الحياة والإنتاج في المملكة.

لا نتمنى لوزير المياه مصيرا شبيها بمن سبقوه، ولكننا نتمنى أن نشهد إصلاحات جذرية في وزارة المياه وسلطة وادي الأردن تعيد بناء القدرات فيهما وتزيل العوائق البيروقراطية وتسرح غير الأكفاء والمهملين، خاصة وأن منظمات المياه الدولية تشهد مرارا وتكرارا بأن لدينا أفضل خبراء مياه في الإقليم، فلماذا لا تنعكس خبراتهم وكفاءتهم هذه على أداء المؤسسات المعنية؟!


 


 



تعليقات القراء

lion king
موضوع جميل جدا

ولكن في الاخر منقول الحق على الي خلاهم يتمادو ويسرقوا من عنا ونحنه عمنتفرج عليهم
العرب بيضلو عرب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
25-03-2009 12:17 PM
امجد
المشكلة يا دكتورة لما بغيرو وزير او رئيس وزراء يبقى مدراء الفروع ومدراء المياة ايش رح يعمل الوزير بدو وقف فوق راس كل مدير فرع لا مش حل للمشكة الان لو قصينا شجرة زيتون وبقى منها شروش في الارض بترد تطلع زيتون ما حلينا مشكلة
16-04-2009 05:40 PM
نظرة
انت يادكتوره والاخوه اللي علقو مشكورين.واناكمان والجميع عارفين وين المشكله وبنقدر نعمل الاف الحلول لهاي المشكله وزاره كامله بوزيرها ومدرائها وموظفينها مش عارفين وين الحل....كل واحد بدو يقعدلو يومين على هالكرسي وياخد اللي في النصيب ويفكح....
17-05-2009 10:22 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات