وأخيراً تشكّلت لجنة


قبلَ خمسِ سنواتٍ كُنتُ أجهّز نفسي للعودةِ إلى وطني الأردن بعد سنوات الدراسة في بلادٍ بعيدةٍ وباردة، وقبل أن آتي هاتفت زميلاً لي في الجامعة الأردنية كي استطلع منه الأخبار، فقال لي مبشراً بأن لي "حظاً حلواً" فسألته لماذا؟ فقال لي: "لقد شكلّوا لجنة لإعداد دراسة تتضمن زيادة رواتب العاملين في الجامعات الأردنية، وأن الزيادة مؤكدة حسبما أفادت مصادر مطلّعة، وأن عليّ أن أتعجل العودة لأستفيد من الزيادة الموعودة".

واليوم وبعد سنوات خمسٍ عِجاف تغيرت فيها الدنيا كثيراً وتضاعفت فيه التحديات، لم تأتِ تلك الزيادة رغم كثرة الحديث عنها وعِظمِ حجم التفاؤل بها والحاجة إليها، ولكنني فِرحتُ "حقاً" بمناسبة تشكيل لجنة جديدة "لإعداد دراسة تتضمن زيادة رواتب العاملين في الجامعات الأردنية، وأن الزيادة مؤكدة حسبما أفادت مصادر مطلّعة".

لكن فرحتي قلقةٌ وحائرة، والداعي لهذا القلق و الحيرة ما أراه من يأسٍ في نفسي وفي نفوس الكثيرين من زملائي في مختلف الجامعات الأردنية من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للعاملين فيها، وحاجتهم الماسة لتحسينها، فاليأس ضاربٌ أطنابه في الأوساط الأكاديمية والإدارية بسبب مارثون الوعود التي تلقوها بالزيادة وتحسين الأوضاع وتطوير مؤسسات ومدخلات التعليم العالي، وهم بين وعد ووعد ما عادوا يفرحون بوعدٍ يأتِ أو يحزنون على وعدٍ يذهبُ أدراج الرياح!

ولما تحدثت مع أحد زملائي – اليوم- مبشراً إياه بالزيادة التي تم تشكيل لجنةٍ لدراسةِ ملفها، - وهو للمفارقة- نفسُ الزميل الذي بشّرني باللجنة السابقة والزيادة الموعودة إياها- قال لي بكل برودٍ وعدم اهتمام! "أنت مصدّق؟ هذا كُله حكي!، شو هالدراسة اللي صار لها خمس سنين بتروح وبتجي، لو انهم بخصّبوا يورانيوم كان صار عندنا قنبلة نووية من زمان، فلا تحلم! ".

المفارقة أنني اليوم أبدو متفاءلاً جداً باللجنة الجديدة، وبأن مقرراتها سترى النور في غضون السنوات العشرين القادمة، وهذه التوقع يأتي مجرداً عن أية أحلامٍ تدعو للتفاؤل أو التشاؤم ، والسبب في ذلك، أن الإنسان يفرحُ بالخير القادم لورثته حتى لو كان هو في حياته لم يره أو لن يتمكن من رؤيته، فيكفيه أنه سمع به على الأقل.

أقول لأساتذة الجامعات الأردنية ولجميع العاملين فيها على اختلاف مراتبهم ودرجاتهم "لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة" وعليكم أن تختاروا التفاؤل والفرح لأنكم سمعتم بهذه الزيادة على الأقل، ومَنْ يدري إذا طال بكم العمر "كثيراً" فقد ترونها رأي العين، ولأن المؤكدَ أنكم ستفرحون إذا علمتم أن أبناءكم أو أحفادكم قد يروا هذه الزيادة الموعودة فلا مبرر للتشاؤم وإنني أدعوكم بصدقٍ للفرح والتفاؤل بالقادم مهما طال انتظاره، فيا أساتذة الجامعات،، تفاءلوا باللجنةِ فقد شكلّوها ولا تتفاءلوا بالزيادة فقد أجلّوها



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات