فن السياسة الأردنية .. ؟


تمثل حكومة دولة النسور الحالية ( لأننا لانتمنى أن تكرروتصبح الثانية ) مفارقة سياسية في الأردن يستحق الوقوف عندها ، وهذه المفارقة توجد في جانب واحد فقط ولايمكن أن يتم تهميشه أو يوضع على الرف كأي حكومة أردنية سابقة وهذا الجانب هو جانب التوثيق الضخم لنتاج فكر الرجل خلال سنتين كاملتين من العمل تحت قبة المجلس والمئات من الندوات والمؤتمرات السياسية والاقتصادية ( كونه رجل حكومة سابق ويحمل درجة عليا في الادارة وتطوير الموارد البشرية ) ، وهذا التوثيق يمثل أدلة دامغة لايمكن إغفالها أو إلقائها من خلف الظهر .
وفي حادثة قريبة تمت أمس في إحدى الفضائيات الاردنية تناولت موقف دولته من تحديد موعد الانتخابات القادمة عرضت القناة تصريحات دولته بالامس ومن ثم تصريحاته أثناء وجوده تحت قبة مجلس النواب كنائب عن الشعب ، وأظهرت حجم التناقض الكبير في الطرح مما جعلني أعيد ترتيب الكثير مما تحمله ذاكرتي لدولته في المرحلة السابقة لوصوله للدوار الرابع والكيفية التي كان دولته سابقا يقوم بتحليل الوضع الاقتصادي في البلد وطرحه للحلول واستناده على الادلة والمعطيات العلمية الدمغة .
إذا هناك المئات من الدقائق تم تسجيلها لدولته سواء تحت القبة أو في الندوات وهي دقائق كان فيها دولته يأخذ كل الوقت الازم للحديث دون مقاطعة مما يجعل تقديم أي عذر من قبل دولته على أنه لم يعطى الوقت الكافي لبيان وجهة نظره الأخرى ( الموالية للنهج الحكومي ) غير مقنعة وضعيفة ، وفي نفس الوقت نجد أن دولته يمثل مفارقة سياسية أخرى وبإمتياز ولم يمتلكها أي رئيس حكومة أردنية سابق تمثلت بأنه إمتلك مهارة الانقلاب بالفكر والاداء مائة وثمانون درجة وخلال أقل اثنى عشر ساعة واضبح يمثل أسس لمدرسة سياسية أردنية جديدة تسمى ( المعارضة الموالية ) .
وهذه المدرسة وضعت أسس لبناء مثل هذا النوع من الممارسة السياسية كان من الصعب وجودها سابقا ، لأن جميع رؤساء الحكومات التي سبقت حكومة دولته كانت تقف في صف الموالاة الواضحة للدولة وتاريخها الموثق يؤكد على هذه الموالاة ومن الصعب إيجاد أية مؤشرات تدل على وجود نسبة ولو قليلة من المعارضة لديهم ، وكان وجودهم في الدوار الرابع هو تحصيل حاصل لخيار ملكي نبع من خلال تقارير تؤكد حجم الموالات الكبيرة لهم للدولة .
وجاءت مدرسة النسور السياسية الجديدة ( المعارضة الموالية ) ووضعت أول أسسها القائمة على قاعدة واحدة هي أن المعارضة يمكنها أن تتمثل في السلطة بقمة جهازها التنفيذي ( رئيس حكومة ) ، وهي هنا تلقى بالاسس القديمة التي كانت تستخدم في إستقطاب المعارضين من خلال تعينات سياسية في درجات منخفضة كأن يتم إنتخابه في مجلس النواب بمساندة القوى الخفية أو أن يتم تقليده منصب رئاسي لأحد الجامعات الحكومية كبداية لتعينه وزير في وزارة بدون حقيبة أو أن يتم وضعه في هامش الديوان الملكي كبداية لإيصاله ليكون جزء من السلطة التنفيذية إما بمنصب وزير أو سفير ، والأمثلة على ذلك كثيرة ويتم عرضها هذه الايام بشكل غير مباشر من قبل الدولة ومن خلال معركتها مع الاخوان عندما يتم المقارنة بين قمع الدولة للمعارضة في فترة الاحكام العرفية ووضعها للإخوان في حضنها في تلك الفترة .
مما سبق نخرج بنتيجة واحدة وهي أن إختيار الملك للدكتور عبدالله النسور قد وضع اللبنة الأولى للمعارضة الموالية والتي سوف تتخذ البصغة التنظيمية والقانونية والشرعية عند تشكيل أول حكومة برلمانية قادمة ، وتمثل خطوة إختيار النسور الأن من قبل الملك خلق ثقافة لدى العامة تستند إلى أن المعارضة هي حالة قابلة للتطور ولايمكنها أن تبقى في مرحلة المعارضة فقط بل يمكن لها أن تتطور وتصبح موالية وتتخذ مسمى قائم على الحالتين وهو المعارضة الموالية ..وهذا هو فن السياسة الأردنية القادمة ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات