نظام سوريا غير تابع لصندوق النقد الدولي , فلنتركه وشأنه


تتعرض سوريا هذه الايام الى اعتى هجمة شرسة في تاريخها منذ الاحتلال الفرنسي لها, يشترك بها العدو والشقيق والصديق , فلا ادري: لماذا بات الجهل في التاريخ ديدن المواطن العربي من المحيط الى الخليج لكي تذهب اوطانهم هدرا لخدمة اسرائيل ؟ 

يقال بأن الحركة الصهيونية لا تبني استراتيجيتها الاستعمارية إلا وفق ادراك العرب لتاريخهم, لانها تعلم تماما ان فهم التاريخ واستخلاص التجارب والعبر من احداثه يمثل اهمية كبرى بالنسبة لهم لقياسه ارتفاع مستوى الوعي والفهم والفكر لدى المواطن العربي , وهو امر يسعون اليه بكل الوسائل لا نصل اليه لانه يشكل الخطر الاكبر على مستقبل الكيان الصهيوني والمصالح الغربية.
فالتجارب حولنا تدل على ان استنتاجاتنا من تاريخنا يمثل صفرا مطلقا , وهو ما يريح العدو ,فلو تمعنا بالآلية التي ضاع العراق بها لوجدناها صورة كربونية عن الآلية التي تتبناها امريكا واسرائيل لافقاد سوريا هيبتها .

فهل تناسى العرب في الخليج مواقف الجيش السوري ودعم الرئيس حافظ الاسد لهم اثناء احتلال العراق للكويت, فيما كانوا يسمونها "المحنة الاكبر" في القرن التاسع عشر, متسائلين :الم الجيش السوري الذي دافع عن الخليج العربي وعدده قرابة 70 الف جندي هو ذات الجيش الذي يتهم هذه الايام بالبلطجة ؟, الم يكن الجيش العراقي الذي اتهم بالبلطجة لاعتدائه على الكويت ,هو ذات الجيش الذي سمي بالبطل وحامي البوابة الشرقية في حرب الثماني سنوات مع ايران ؟.
كفانا مواقفا يا عرب تتلون تبعا للاهواء والمصالح الغربية, والتي لم نجني منها سوى ضياع البلاد ونهب ثرواتها, وزيادة الغطرسة الاسرائيلية .

فنحن في الاردن قيادة وشعبا يجب ان نقف مع سوريا في محنتها , اذا لم يكن من اجلها فمن اجل الاردن , الذي سيسقط لا قدر الله وتتعمق محنته اذا زال النظام السوري, وهذ يتطلب مواقف شجاعة تبعد الاردن وجيشه عن خوض مغامرة تعمق جراح الشقيقة سوريا , ولنتذكر أن لسوريا دين جميل في رقابنا يتمثل بعدم امتثال قائدها المرحوم حافظ الاسد عام 1970 ,عندما رفض اوامر الرئيس السوري عندما كان قائدا لسلاح الجو ان تقوم طائراته بضرب الاردن خدمة للفدائيين الذين حاولوا سرقة الاردن من شعبه في وضح النهار فيما يعرف بايلول الابيض .

فلقد كان فضل الرئيس السوري حافظ الاسد على الارض الاردنية كبيرا يجب ان لا ينسى , ولنتذكر انه واجه المصاعب لاتخاذه قرار عدم دعم احتلال الاردن , حين وصل الجيش السوري الى جرش , فتعمقت الخلافات بينه وبين الرئيس السوري آئنذاك ووصلت الى قمة اوجها , فافشل الاسد يومها مخطط عربي كان يسعى لتسليم الاردن للفلسطينيين , وكان نتيجة هذا الرفض اقالته وزميله وزير الدفاع اللاحق مصطفى طلاس من منصبيهما. فانقلب عليه بتاريخ 16/11/1970 وتسلم زعامة سوريا ,والتي لم تعرف طعم الاستقرار منذ انقلاب حسني الزعيم في 9/3/1949 الى ان تسلم الرئيس حافظ الاسد مقاليد الحكم فيها.

وعلينا أن لا ننسى كذلك الموقف الرجولي للرئيس بشار الاسد عام 2007 عندما تأخرت شحنة القمح الامريكي للاردن, فقرر منح رئيس الوزراء الاسبق معروف البخيت الذي قام بزيارة استجداء لسوريا اكثر من 200 الف طن قمح وشعير فأنقذ الاردن من كارثة كانت تنتظر بسبب فقدان خبز الشعب .
فسوريا كانت تعرف قبل الحقبة الاسدية بأنها الدولة الاكثر دموية في العالم مع العراق لكثرة الانقلابات فيها , فقد شهدت منذ الاستقلال عن فرنسا 11 انقلابا خلال 21 عاما , تقلب على رئاستها زعيم كل سنتين وشهر .
فالمؤامرة على سوريا كبيرة جدا , تهدف الى تدمير البنية الاقتصادية وإتلاف مشاريعها الزراعية, لتبقى تحت رحمة المساعدات الغربية تتلقى الهبات لكي لا تملك قرارها السيادي, فلنبعد شبح الحرب الاهلية التي تتمناها اسرائيل ومن يدور بفلكها من العرب عن ارضها رحمة بها وحماية لارضنا الاردنية.

فحماية سوريا تتطلب منا عدم الوقوف مع القوى الاستعمارية، التي ترغب بنقل السوريين من باص مرحلة الاكتفاء الذاتي الى طائرة التسول العالمي , وان تكون لنا شخصية مستقلة غير متذبذة ولا تتلون تبعا للاهواء الشخصية, , فسوريا هي البلد العربي الذي لا يتبع صندوق النقد الدولي , وهذا يسجل لعائلة الاسد , سواء اتفقنا معها ام اختلفنا.
اضع مجريات هذا التاريخ امام كل من لديه عقل راجح سواء في سوريا أم خارجها من العرب, وخاصة اولئك الذين يختارون المواقف تبعا للاهواء الغربية. ولنقرأ ايها الاردنيين تاريخنا المنهوب جيدا لنتعرف على قيمة انفسنا , فلا نؤذي وطننا.

كم كنت اتمنى لو ان حكوماتنا المتعاقبة تعلمت من سوريا ومن نظام الاسد, الذي تعاديه وتقف ضده , كيف تعتمد على لإنقاذ الاردن من التبعية لصندوق النقد الدولي , وتخلصه من المديونية التي اوصلته حد الافلاس .فعلى القادة الاردنيين في الصف الاول أن يبكوا سوريا , اذا لم يكن من اجلها فمن اجل الاردن المتباكى عليه .
وقفة للتأمل:" القضاء على الوطن البديل يتطلب حماية النظام السوري ودعمه لكي لا ينهار, فلماذا نسمي من يقتل الجندي السوري النظامي ثائر وبطل ومحرر؟ , ومن يقتل العابث بحرية وأمن سوريا مجرم وفاسد؟. ".
Quraan1964@yahoo.com
عضو اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات