ساعي البريد


لي صديق يعمل في البريد ، وأحيانا نتجاذب أطراف الحديث ، أخبرني مرة أن هناك قلة قليلة ما زالت تستخدم الرسائل البريدية ، في زمن الإنترنت والمسجات والسكاي بي .

أنا بموت في الرسائل ، في زمناتي كتبت رسائل بعدد شعر رأسي ، لكنها لم تمر من خلال ساعي البريد ، إنما كانت تمر من خلال الأسوار والشبابيك ، وفي ثنايا الكتب.

سألته من دافع الفضول عن مصير الرسائل التي لا يستلمها أصحابها ، ماذا تفعلون بها ؟ ، أخبرني أنها تبقى لديهم لفترة ومن ثم يتلفونها ، قال لي "بدك الصراحة" البعض يقوم بفتحها وتفقد ما فيها .

ترى كم همسة عشق قرأها عامل البريد وأحس بها وهي ليست له .
كم دمعة شوق ذرفها عامل البريد على أثر دعوات "سميحة" لحسنين" بالعودة لمصر "بئى" "الحتة مضلمه من دونك ".
ترى كم منتظر ما زال ينتظر ، وكم آخر قطع الأمل والرجاء ، وكم آخر عرف الإجابة " قلة الرد رد " .
للعلم قد يبعث المرسل برسائل متتالية ، ولا واحدة تصل أيضا.

سألت صديقي عن السبب ، أخبرني أن هناك عدة أسباب ، إما أن يكون عنوان المرسل إليه غير واضح ، أو أن يكون قد رحل عن عنوانه ، همس في اذني وقال "أحيانا يكون السبب تقاعس ساعي البريد " ما بده يغلب حاله " .

أمس قرأت خبرا يقول " رسالة من العام 1933 تجد طريقها الى أصحابها "

منذ سنوات طويلة ونحن نكتب رسائلنا ، رسالة تلو الأخرى ، مرة بشوق ومرة بعتب ومرة بحب ، مرة بحبر ومرة بقهر ومرة بدم .
لم تصل بعد ولا واحدة والسبب ليس إلا ساعي البريد ، فالخط واضح والعنوان معروف .


المحامي خلدون محمد الرواشدة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات