من حق المخطط الاقتصادي أن يعتمد أفضل الصيغ تفاؤلاً في حديثه عن الانجازات والتوقعات, وهذا الحق يكون مبرراً في حالة الحديث عن قضايا مثل الاستثمار والادخار والاستيراد والتصدير وما يماثلها, لكن توسيع هذا الحق بحيث يصل الى موضوع مثل الفقر سوف يصنف في سياق التمويه أكثر مما هو في سياق بث التفاؤل.

وزيرة التخطيط قالت في حديث صحافي أمس أن الجهود الحكومية أدت الى انخفاض عدد مناطق جيوب الفقر من 22 الى 10 بحسب آخر الاحصاءات.

أغلب الظن أن مثل هذا التصريح لا يفيد حتى على الصعيد النفسي, ذلك أن فكرة جيوب الفقر هي مجرد مؤشر احصائي, فقد تم حساب نسب الفقر في مختلف المناطق ثم جرى اعتماد النسبة 27% كحد أدنى للدخول الى تلك الجيوب, فتبين أن هناك 20 جيباً بحد أعلى يصل الى نسبة فقر 73% في منطقة الرويشد. وما حصل في آخر احصاء انه خرجت 10 جيوب من قائمة 2002 ودخلت مكانها 10 جيوب أخرى مع بقاء الحد الأدنى لنسبة جيب الفقر عند 27%.

مع ذلك فإن الفقر بحسب منطق وزارة التخطيط أقرب الى الشأن "الورقي" أي المكتبي, وهو ما يقود الوزارة الى المبالغة في الأرقام سلباً أو إيجاباً, وسوف أكتفي هنا بالاشارة الى حالة منطقة كفرنجة في عجلون التي انتقلت خلال اربع سنوات من الموقع 68 في تسلسل الفقر لتحتل المركز الثامن بين جيوب الفقر العشرين, بينما انتقلت محافظة الزرقاء من الموقع الأفقر الثاني الى الموقع الأغنى الرابع بين المحافظات!

وعندما تسأل وزارة التخطيط عن تفسير لهذا, بكون الجواب أنه جرى اعتماد أرقام دائرة الاحصاءات, وإذا عدت بالسؤال الى الاحصاءات فسيقولون إننا نقوم بإحصاءات غير معدة أصلاً لدراسة الفقر, وبالطبع فإن موقف الدائرة صحيح علمياً لأنها تجري احصاءات شاملة بينما تتطلب دراسة الفقر منهجيات أخرى تعتبر الاحصاءات واحدة منها فقط.

ahmad.abukhalil@alarabalyawm.net