في انتظار الدخان الابيض


قمة الدوحة المقبلة, هي اول قمة عربية يسبقها هذا الكم من اللقاءات والاتصالات بين الزعماء العرب قبل انعقادها وتحت شعار انجاح القمة.

في القمم السابقة, كانت الخلافات تترك لمؤتمر وزراء الخارجية الذين يعكفون على اعداد جدول اعمال القمة, فاذا ما تبين ان الخلافات مستحكمة بين عدد من الدول الرئيسية فان الغياب يكون هو سيد الموقف حيث تقتصر المشاركة على عدد محدود من القادة, ويمكن الان القول, ان جميع القمم السابقة التي تلت قمة بيروت كانت فاشلة وبعضها طور الخلافات وعمقها بدل ان يجد لها الحلول.

الوضع العربي, اضافة الى سيرة القمم وخيبات الامل بها, يجعل اي محلل سياسي يبتعد عن التفاؤل او اطلاق عبارات الاشادة بالتحركات السياسية التي تجري ولقاءات القمم الثنائية والثلاثية والرباعية التي حدثت او التي ستحدث بين زعماء من »دول الاعتدال« وزعماء »من دول الممانعة«.

الامور ستكون محكومة بنتائجها, والدخان الابيض سيخرج من قمة الدوحة ان نجحت الوساطات والمصالحات, وسيكون دخانا اسود اذا استمرت الاحوال على ما هي عليه خاصة الموقف من حصار غزة ومن القضية الفلسطينية بشكل عام.

نأمل ان لا تبنى المصالحات بين الزعماء على تسوية المسائل الشخصية فقط, ومع اهمية هذا الجانب الا ان المطلوب هو الاتفاق العربي - العربي على ملفات ازمات وصراعات المنطقة. وفي مقدمتها (1) القضية الفلسطينية والموقف الواجب اتخاذه تجاه وصول حكومة اسرائيلية ترفض عملية السلام ولا تعترف بقيام دولة فلسطينية. (2) الملف الايراني بجميع اوراقه, من المفاعل النووي الى دور ايران في الساحة العربية, العراقية والفلسطينية بشكل خاص.

بالنسبة للملف الاول, لم يعد مجدياً اعادة (بروزة) المبادرة العربية في قرارات قمة الدوحة المقبلة, في وقت لا يوجد فيه شريك اسرائيلي مستعد لقبول هذه المبادرة. القضية الفلسطينية وصلت الى مرحلة خطيرة, لا يكفي لمساندتها التمسك بالمبادرة ومقولة الدولتين. فالاستيطان وتهويد القدس وحصار غزة قضايا تحتاج الى مبادرات عربية شاملة تقود هجوماً معاكساً, بوسائل سياسية واقتصادية واعلامية, لتحريك المجتمع الدولي والضغط على اسرائيل والدعوة لمعاقبتها.

اما التذرع بالانقسام الفلسطيني لتجنب اتخاذ المواقف, فهو مقبول في تصريحات سياسية لدولة او اخرى, لكنه غير مقبول من قبل مجلس زعماء الامة الذي يفترض به ان ينهي هذا الانقسام بحيث لا تنفض قمة الدوحة من دون اجبار الاطراف الفلسطينية على العودة الى الوحدة الوطنية والنضالية, فاذا اتفق عرب الدوحة, فان الفلسطينيين سيتفقون, واذا اختلفوا فان علامات خلافاتهم تظهر بتعميق الانقسام الفلسطيني.

وبالنسبة لملف ايران, فمن حق الشعوب العربية ان تسمع موقفاً عربياً واضحاِ وشفافاً حول ماذا يريد العرب من ايران. فالنفوذ الايراني بالمنطقة دخل من باب القمم العربية السابقة وانقساماتها حول العراق وفلسطين ولبنان, وعندما تُرك مصير وأمن العرب بيد امريكا والقوى الاجنبية اصبح النفوذ الايراني امرا واقعا, ومن دون اعادة مفهوم الامن العربي المشترك, لن يلوم احد سورية وحزب الله وحماس وبعض احزاب العراق على التوجه صوب طهران لمواجهة اسرائيل وامريكا في مسألة »احتلال العراق«.0


taher.odwan@alarabalyawm.net



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات