اعادة انتاج الازمه وبنفس الادوات !


انبلج فجر هبة نيسان في عام 89 عما سمي بالديمقراطية , واطلاق الحريات العامه وحريه ممارسة الحياة السياسية عبر الاحزاب التي حضيت بترخيص ودعم رسمي بدا للوهلة الاولى سعيا" رسميا" للتنمية السياسية , اسفر عن انتخابات نزيهة فرغت مضامين الاحتقان والنقمة الشعبية الناشئة عن التردي الاقتصادي والاجتماعي وكافة مناحي الحياة التي دفع ثمنها كل مواطن اردني كالمعتاد حيث هبطت قيمة الدينار في حينها مقابل العملات وبالتالي قوته الشرائية الامر الذي كلف الكادحين والشرائح الاجتماعية اثمان باهضه كتبعات للسياسات الخاطئة والنهب والفساد والارتهان لراس المال المركزي والاذعان لوصفات صندوق النقد الدولي .
استطاعت حيلة ارساء الديمقراطية التي انطلت على الجميع و المدروسة بعناية ان تفرغ النقمة والتوترات الجماهيرية من مضامينها , وان تخمد النيران وتنزع فتيل النقمه , وان تحقق ما سعى اليه النظام وهو اجراء مسح للقوى والتنظيمات بحيث اصبحت الخارطة السياسية كتاب مفتوح امامه ليتمكن على ضؤ ذلك من الالتفاف على المطالب والاحتقان وان يخترق هذه القوى ويفككها في صورة بشعة لتخندقه في الضفة المناهضة لمصالح الكتلة الاجتماعية الاردنية الساحقة صاحبة المصلحة في التغيير .
وعبر انتخابات اقرب ما تكون للنزاهه طفت القوى السياسية على السطح واتضحت خارطتها الاجتماعية والتنظيمية والجماهيريه وظهر حجمها الحقيقي مما مكن النظام من الالتفاف على التوجهات الديمقراطية واختراق وتفكيك هذه القوى والتنظيمات , ثم جرى بعدها حل مجلس النواب مرآة هذه القوى , وسُن على عجل ودون مسوغ دستوري قانون الانتخاب سئ الصيت ذو الصوت الواحد المؤقت الذي جرت على اساسه الانتخابات التاليه وافرز مجلس نواب بني على قانون باطل اقراتفاقية وادي عربه .
تلت تلك الحقبة التي دجُنت بها القوى السياسية واصبحت مجاميع من المثقفين والنخب تمارس ترف التنظير واعداد الوصفات النضالية والتحرريه دون توجه حقيقي للجماهيرصاحبة المصلحة حاضنة المشروع النهضوي التحرري كما وجدت الجماهير نفسها في حالة عقم وتشرذم ويتم سياسي .
دخلت التنظيمات بفعل التدجين بيت طاعة النظام في حقبة مايسمى بالتحولات الاقتصادية بعد اتضاح صورة هذه القوى وحجمها الحقيقي وتمكن النظام من التعاطي معها بما يضمن تنفيذ ما تلى من ويلات استحقاقا لاملاءات ادوات الامبرياليه صندوق النقد والبنك الدوليين .
فاقمت الازمة التي نشات بسبب هذه السياسات وبسبب ازمة راس المال المركزي وازمة الراسمالية برمتها والتي عكست نفسها بصورة مزيدا" من بؤر الفقر والبطالة والتهميش والاستئثار بالسلطة والثروة والامتيازات والفساد وتفكيك النسيج الاجتماعي ومؤسسات الدولة الممنهج مما رتب ازمة مركبة دفعت الشارع للتحرك بدون قيادة تنظيمية حقيقيه وبدون برنامج واضح للتغيير وبدون رؤيا موحده رافظا هذه السياسات ومطالبا بالتغير متقدمابحسه العفوي الثوري على القوى السياسية التي لا زالت تقطن عباءة النظام وتنتظر فيما تنتظر الخمسين الف دينار والمكاسب والعطايا التي طال انتظارها , ولن تاتي .
استجاب النظام بداية بشكل سطحي للمطالب واستطاع ان يستوعب حراك الشارع وان يخترقه ويفككه ومن لم يستجب حاول قمعه باستخدام القبضة الامنية وسياسة تكميم الافواه وكل الوسائل التي برع بها . وتبدلت الحكومات ومجالس النواب بشكل مراثوني متعاقبة معمقة الازمة بفعل هبوطها من الاعلى وغياب الرؤيا والبرنامج وافتقارها للولاية العامه وعدم ادراكها لكُنه الازمة وكمون البعد الاجتماعي في حركة الشارع وضيق الوقت المتاح لها لاداء الحدالادنى من الاستحقاقات , ومضى الوقت لكن الازمة تعمقت , فمصدر هذه الازمة هو الامبريالية التي تعاني ووتعمق ازمتها وتعكس حالها علينا مزيدا من الفقر وتحميل جيوب الشرائح الاجتماعية تبعاتها .
لكن النظام الذي برع في ترحيل الازمات ادرك ان الحالة السياسية ليست بكامل عافيتها وتفتقر للبوصلة السياسية وتفتقر للحزب القائد وللائتلاف الحزبي والجبهة الوطنية العريضة التي يتعين ان تقود المرحلة وتؤطر الجماهير صاحبة المصلحة بهدي ومرجعية لبرنامج الحد الادنى وبالتالي فقد ضرب بكل ادعاءاته عن الاصلاح وارساء الديمقراطية والحد من الفساد ومحاسبة الفاسدين عرض الحائط .
وقد جائت الحكومة المحافظة الاخيره عنوانا ساطعا" لهذا الاستخفاف والاذعان للامبريالية فقد عادت بنا لمربع الازمة الاول واعادت انتاج الازمة مرة اخرى فزجت بالمناضلين السياسين بالسجون وطوت ملفات الفساد وضيقت على الحريات وقانون المطبوعات سئ الصيت الاخير نموذجا على هذا النهج .
اما اخطر خطوات الحكومة هو السطو على مدخرات الاردنيين في مؤسسة الضمان الاجتماعي فالعبث والسطو على هذه المدخرات هو ترك الفئات الاجتماعية المتضررة نهبا للمجهول وسرقة مستقبلهم ومستقبل ابناهم في حالة سطورسمي كالعاده على ثروات شعبنا ومقدراته .
كما ان ما يجري من صفقات في البنك العربي وبنك الاسكان , خطير جدا ايضا فهي ايضا اموال الاردنيين ومدخراتهم ناهيك عمن ينوي شراء هذه البنوك والذي يمكن ان يوظفها في تمويل مشبوه وخطير ايضا , كما ان التعيينات في الوظائف تشي بنفس عقلية الاستئثار وعقلية الهبات والعطايا للاقارب والازلام والمحاسيب .
هي اذاعودة للمربع الاول واعادة انتاج الازمة وتعميقها , من المفيد التحذير من خطورة ما يجري والى اي مدي سيذهب بالاردن والاردنيين .
وليس هناك من رد سوى السعي من قبل القوى السياسيه لمشروع تحرري نهضوي وبرنامج جمعي يحقق مصالح الكتلة الاجتماعية الساحقه يمكنها من التظافر والتضامن والالتفاف حوله للتصدي للخطرالداهم القادم برنامج تهتدي اليه كل التيارات السياسية يلتف حوله الاردنيون تخلص اليه عبر حوار جدي مخلص .
اما الترويج للانتخابات القادمه ولحكومات تشكل من خلالها فذلك فبركة من نوع جديد وطريف وتكراردون كلل لنفس النغمة عند حل وتشكيل كل حكومة ومجلس نواب, يسعى كالعادة لتضليل وتزييف وعي الجماهير وشراء الوقت والمراوحة في نفس الحالة فاقدة الارادة السياسيه المذعنة للامبرياليه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات