انتخابات أم تعيينات


حسم جلالة الملك الجدل حول موضوع الانتخابات النيابية، بالتأكيد على إجراءها قبل نهاية العام، في إشارة مهمة منه إلى أن الأردنيين سيحتفلون بمضي العام الثاني من انطلاق المسيرات الاحتجاجية المطالبة بالإصلاح، بولادة المجلس النيابي السابع عشر الذي من المتوقع أن يكون الخطوة الأولى في مراحل تشكيل الحكومة البرلمانية، والتي يُعول عليها لحل كل المشاكل المتراكمة عبر سنين عمر المملكة، ودخول مرحلة جديدة من أطوار النشوء والارتقاء الديمقراطي، الذي سيسمح للسلطة التنفيذية من ممارسة مهامها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بحرية مطلقة، ويعطي لدولة رئيس الوزراء حقه المسلوب باستعادة الولاية العامة.
فرغم البشرى التي تستبشر بها الأوساط الشعبية، التي لا تنطوي تحت أي راية من رايات الأحزاب أو التكتلات السياسية، من اندفاع الملك وحرصه وتأكيده على مواصلة العمل الجاد، لتهيئة الظروف المناسبة لإنجاح الانتخابات النيابية، إلا أن إصرار القوى السياسية المعارضة، وإصرارها على مقاطعة الانتخابات، تجعل من مصداقية التوجهات الحكومية بالعزم على المضي في تبني مشاريع الإصلاحات محل نظر، وعلى محك المصداقية، فمطالب المعارضة باختصار ترجع لأمرين هما، رفض قانون الصوت الواحد، وفتح قنوات حوار جادة بينها وبين أصحاب القرار، وهما الأمران اللذان يشكلان نقطة الافتراق عند أصحاب القرار.
عند ذلك تجد أن الاعتراف بشرعية النواب الذين سيحضون بكرسي النيابة، أمر محل نظر، مدفوعا بضغط الأحزاب المعارضة برفض النتائج، والتشكيك بنزاهة العملية الانتخابية في كل مراحلها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان من لم يحالفه الحظ في الفوز بالانتخابات سيدخل في سجال النزاهة والمصداقية والشفافية لكل مراحل العملية الانتخابية، ويكون بذلك انظم إلى صفوف المعارضة ضمناً.
وبذلك فان الأجواء العامة التي تأتي الانتخابات النيابية في ظلها، يسودها نوع من القلق متعدد المصادر، فمن ناحية الأحزاب والتنسيقيات الشعبية فهي لا تزال معلنه مقاطعة الانتخابات، والتي كان من المفترض أن تراعي الحكومة مطالبهم الإصلاحية والعمل على تحقيقها، على اعتبار أن هذه الفئات هي المحرك الرئيسي للمسيرات والاعتصامات المطالبة بالإصلاح، وفي حالة عدم تحقيق مطالبهم، فلن تجدي عملية تغيير الوجوه في مجلس الأمة بشقيه أي منفعة للحكومة، أو المصلحة الوطنية، بل وعلى العكس من ذلك فان الانتخابات في هذه الحالة ستزيد من مشاعر الغضب، وتعمل على زيادة الضغط على الحكومة، التي ستجد نفسها تسرعت في إجراء الانتخابات، في ظل ظروف وبيئة تشريعية غير مناسبة، كما إن إجراء الانتخابات سيعمل على تحميل الدولة أعباء ونفقات مالية إضافية، لم يتم أصلا رصدها في موازنة الدولة لهذا العام، والتي سيتم تأمينها لهذه الغاية بغض النظر عن البند أو الفصل المالي، في حين أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها المملكة تستدعي ضبط النفقات لمواجهة العجز المتفاقم في الموازنة.
فنحن بحاجة إلى إدارة المرحلة بحكمة سياسية بالغة، لتكون انتخابية نيابية شعبية، أكثر من إدارتها ومعالجتها برؤية أمنية، لتكون تعيينات أمنية بشرعية شعبية، والتي ستعمل على إظهار أصحاب القرار أمام العالم بأنهم استنفذوا كل الخيارات الممكنة لإرضاء جميع الأطراف، بتقديم التنازل تلو الآخر، إلا أن المعارضة تأبى إلا أن تنفرد وتشذ عن الإجماع الوطني، كوسيلة من الإدارات المسيطرة على القرار السياسي في البلاد، لتشويه صورة كل الجماعات المطالبة بالإصلاح، بغض النظر عن مدى تقاربها في وجهات النظر مع صاحب القرار.

kayedrkibat@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات