الاعتصامات والاعتصامات المضادة


منذ ايام ويستعر فتيل فتنة تطل على الاردنيين بثوب جديد غير معهود من خلال بعض وسائل الاعلام وخاصة الالكتروني ،حيث تشهد الساحة تنفيذ اعتصتمات امام منازل بعض المسؤولين الحاليين والسابقين في اجهزة الدولة المختلفة تنديدا حسب ادعاء المنظمين من الحراك الشعبي باعمال فساد يرتكبها او ارتكبها هؤلا الاشخاص.فبعد الاعتصام الذي نفذته مجموعة من المعارضة الاردنية امام منزل مدير مكتب جلالة الملك الاسبوع الماضي واعلانها عن تنفيذ الاعتصام الثاني امام منزل عبد الرؤوف الروابده رئيس الوزراء الاسبق اليوم السبت تطالعنا الاخبار التي ترشح من المواقع الالكترونية عن توافد الالاف من ابناء الشمال وعشائر في الصريح وبني كنانة والرمثا باتجاه منزل الروابده في عمان للتصدي للمعتصمين من المعارضة كما تتسرب معلومات عن نية بعض الجماعات اقامة اعتصامات مضادة امام منازل رموز المعارضة في ظاهرة غير مسبوقة وكأنما البلد اصبحت حارات وقبائل وعشائر وتتخذ منحى خطير جدا لا يبشر بالخير للوطن وامنه واستقراره ،حيث تناسى الجميع ان الوطن اغلى من الاشخاص والالقاب والمراكز وان الامن اعز من المناصب والمسميات الوظيفية وان الانتماء لا يكون بمنصب او مركز او كرسي حكومي .واشتداد الازمة التي يمكن تسميتها بحرب الاعتصامات يؤكد على ضرورة التزام الحكومة بكافة اجهزتها بالالتزام بمسؤولياتها لحماية الوطن من الفتنة التي تتقد على مرآى ومسمع الحكومة وتأمين الامن والآمان للجميع والاسراع بتنفيذ التوجيهات الملكية واتخاذ كافة الاجراءات للمضي قدما في مسيرة الاصلاح الشامل وفي مقدمته الكشف عن الفاسدين وتقديمهم الى المحاكمة العادلة التي تضمن ارتياح الشارع المتأزم بسبب التلكوء في محاسبة الفاسدين .
والاغرب في هذه الظاهرة الجديدة والتي تنذر بامكانية ترك الشارع يواجه بعضه انها لم تواجه حتى اليوم باية اجراءات حازمة لصدها واغلاق الباب امام مثيريها كي لا تتحول البلاد الى مسرح تصفية الحسابات الشخصية والعودة الى زمن داحس والغبراء وعلى رأي المثل القائل "عد رجالك وارد الميه" وان تترك الامور للعشيرة والجهة وكل يعد رجاله لمواجهة الاخرين مما يشكل خطر الحرب الاهلية او الجهوية التي يتربص اعداء الاردن لاثارتها والتي يصعب وقفها ان نشبت لاسمح الله ،فالقضية ليست قضية الروابده والعبداللات وعماد الفاخوري بل انها اخطر من ذلك كونها تتستر خلف قناع المعارضة والتذرع بذريعة واهية "مكافحة الفساد" ومحاربة الفاسدين وهي بنفس الوقت تلبس الطابع الطبقي الذي من الممكن ان يتحول الى صراع طبقي وبالتالي والكل يعرف نهاياته ،بحيث ان المجتمع والحراك الاردني والصراع الدائر ليس صراعا على السلطة وليس سياسيا بقدر ما هو صراع اقتصادي معيشي بامتياز نتيجة التباين الكبير والهوة الواسعة في التركيبة الطبقية للمجتمع الاردني حيث هناك طبقة الاغنياء واصحاب النفوذ والثروات والمناصب التي تورث من جيل الى جيل من نفس الطبقة من الاباء للابناء والاحفاد واستأثرت هذه الطبقة بالوظائف والمال والجاه والكراسي وتشكل جزءا بسيطا من المجتمع الاردني يقابلها الطبقة الاكبر الفقيرة والمستضعفة وتعاني من الكبت والحرمان سواء على مستوى الوظائف او جمع قوت يومها تنهكها الضرائب والديون البنكية وبالويل تحصل تعليم ابنائها في الابتدائية ويضطر غالبيتها الى بيع ما ورثته من عقار او ارض لتعليم ابنائها في الجامعات ليتخرجوا ويصطفوا في صفوف العاطلين عن العمل في الوقت الذي يعين فيه ابناء طبقة الاغنياء وهم على مقاعد الدراسة وبوظائف عليا ولنا في وزارة الخارجية ورئاسة الوزراء والديوان الملكي خير شاهد على ذلك.هذه الممارسات هي التي دفعت بالطبقة المسحوقة والمحرومة من حقوقها الى اعلان ان جاز تسميته "بالعصيان" واللجوء الى الشارع متلحفين بما يسمى المعارضة او الحراك للتعبير عن عدم الرضى بالاستمرار بهذه السياسة ،وهو ما دفعها الى اقامة مثل هذه الاعتصامات التي كما اشرنا تنذر بحالة خطيرة .فاليوم يتجمع العشرات اما م منازل الاغنياء ويواجهون بخطوات لا يمكن وصفها الا بالتصعيدية حسب ما توارد على المواقع من توافد الالاف للدفاع عن الروابده لتنحى الامور مناحي اخرى ويشتد التصعيد العشائري والطبقي الى ان يصل الى انفجار صراع طبقي بامتياز ،صراع الفقراء والاغنياء وهو ما قاد في العديد من دول العالم الى حروب وثورات نخشى وقوعها لان الجوعى والمظلومين ان لم يجدوا ما يأكلون فلا ضير لديهم ان يقفوا ليس معتصمون بل مخربون ويأكلوا ان استطاعوا كل ما يقع تحت ايديهم حتى الاغنياء انفسهم.
من هنا لا بد من مراجعة المواقف ومن جميع الاطراف لكي لا تتطور الحال الى مثل هذه النهاية المأساوية لا قدر الله ونصبح عندها نادمين، فالوقت والزمن لا زال ينعم بالمتسع وعلى الحكومة اولا ان تسارع بالاستجابة الى نداءات الاصلاح التي وفر لها الملك الارادة السياسية ومحاسبة كل من تسول له نفسه بالتطاول او تطاول على المال العام والمضي بمحاسبة كل من تثبت ادانته فعلا لا اقوال ودون الالتفات الى موقعه السابق او الحالي فالاردنيون سواء امام القانون ولتتوقف هذه المهزلة المسماة بالاعتصامات والاعتصامات المضادة التي يحاول طرف اخر تنفيذها امام منازل المعارضة كردة فعل تولد الفتنة الملعونة .
والله اسأل الخير لهذا البلد وقيادته وشعبه الطيب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات