جسد بلا روح ..


في ذات أربعاء ، وصلتني رسالة ، مكتوب فيها لا تتحدث بالسياسة ، تبسمت ! ومضيت سائرا في طريقي ، وأنا أتسأل لماذا وصلتني هذه الرسالة في الوقت الراهن ؟ من الذي بعثها ؟ ولماذا بعثها ؟ وماذا يريد ؟ وهل حقا تحدثت بالسياسة ؟ وهل تجاوزت الخطوط الحمراء لتصلني هذه الرسالة ؟ أمسكت الرسالة مرة أخرى وقرأتها . ثم حضنتها وبكيت ! ثم حممتها ، وكفنتها ، ودفنتها وحدي ، ورجعت إلى البيت في آخر الليل ، سألني جدي أين كنت ؟ وكيف أمضيت يومك ؟ ولماذا لا أراك اليوم كسائر الأيام ؟ ولماذا الدموع على وجنتيك ؟ ولماذا شكلك متعفر بالتراب ؟ وهل تشاجرت مع أحد ؟ هززتُ برأسي ، وذهبت إلى فراشي ، كرر السؤال مرة ثانية ، هل ضربك أحد ؟ هل هناك أشخاص قسموا ظهرك ؟ بكيت وبدأت الدموع تسيل ، قمت من فراشي كالمذعور ! جدي لا تسألني ، كفى أسئلة يا جدي ! دعني أتجرع الموت وحدي ، دعني أشكوا همي لنفسي ، ابتعد عني ، لا تتحدث معي ، نطق جدي في وقت ليس فيه وقت للحديث ، وقال يا هذا دعك من وساوس الشيطان ، واتبع كلام الرحمان ، تعش في أمان ، ضحكت حتى ذُعر جدي ، ثم قال أظنك يا هذا جننت ، قلت له حقا جننت ، أي وساوس تتحدث عنها ، وأي أمان تنطق عنه ، وهل كلام الرحمان يطلب منا أن نعيش بسلام ، قاطعني جدي صاحب العكاز السوداء قائلا : من علمك هذا الكلام ، ألا تخشى على نفسك أن تسجن ، ألا ترى أن هناك جلادين يضرمون النار في من يتحدث بحديثك ، ألا تشاهد كيف يعيش هؤلاء البشر حولك ، نطقت وبنبرة عالية ، جدي لأول مرة أراك تنطق كلمة حق ، انتفض جدي وضربني بالعكاز ، وقال سحقا لك ، ألا تخجل على نفسك وأنت تنعتني بطريقة ملتوية بأنني كاذب ، قلت عفوا يا جدي ، أنا لم اقصد هذا ، قال : ويحك وتكذب وأنا مسجل لكل حديثك ، تبسمت ! وقلت يا جدي ألم تعترف أن البشر حولنا عائشون ، قال نعم عائشون ، قلت تمنيت أن تقول يا جدي عن هؤلاء البشر ميتون ، لأن الميت يا جدي في كل الشرائع يكرم ، ويكون له مراسم تشيع ، وحضور مهيب ، أما هؤلاء الذين تقول عنهم عائشون ، لا يكرمون ، ولا يكفنون ، ولا يعترف بهم أنهم بشر ، صرخ جدي قائلا : ما هذا الهذيان الذي تهذي به ؟ ومن شوش افكارك ؟ يبدو أنك لا تعرف معنى الحرية ، ولم تذق طعم الديمقراطية ، ولم تستلذ بالعيش بأمان ، هززت رأسي وقلت : يا جدي الم تنظر أمامك ، الم تلتفت خلفك ، الم تتحسس عن يمينك وشمالك ، الم تعرف أن الديمقراطية والحرية والأمان ، والتقدم والازدهار ، لن يكون حليف امتنا ، ما دام هناك بشر عائشون ، يا جدي أمتنا جسد بلا روح ، تأكل وتشرب لتعيش ، لا تأكل وتشرب لتحيا ، هناك فرق يا جدي بين أمة تعيش لتحيا ، وامة تلهو لتعيش ، جدي دعك من هذه الافكار المسمومة ، والأقوال المتعفنة ، جدي لا تناقشني ، فامتنا جسد بلا روح .




تعليقات القراء

أم عمر الطراون .
أمتنا جسد بلا روح يا جدي . روووووووووووووووووووووووووعة .
05-09-2012 09:35 PM
معتز الدعجه
نعم صدقت كلام رائع وحقيقة مرة والله المستعان
06-09-2012 02:11 PM
سيف الحسامية
نعم متنا جسد بلا روح تاكل وتشرب وتنام وبدنا راتب يصرف علينا
07-09-2012 12:16 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات