الحركةُ الإسلاميةُ: فكر مُكتنـِزٌ وأداءٌ مُنتهـِزٌ


لقد سجّلت الحركة الإسلامية في الأردن  في مراحل مختلفة ، نضوجا فكريا ونهوضا أخلاقيا ودعوةً إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنى ، يحدو أصحابها في ذلك الأملُ في النزوع إلى المجد،والتوثب للمعالي ، والرغبة في الرقي والتقدم ، والتطلع نحو الغايات البعيدة ، والأهداف السامية ، فعلا الصرح ، وشمخ البنيان ، وتعالت الأخلاق وسمقت الهمم ،  وذلك حين كانت الحركة تنشد الحرية والاستقلال والعلم والعمل ، وكان أمن الأردن واستقلاله وتطويره  المرتكز الرئيس في فلسفتها .

واليوم نشهد انقلابا على المبادئ ، وانحدارا مؤسفا ، وتراجعا مخيفا ، بعد أن ارتدت قياداتها عباءة الارتجال والضجيج والصخب ، في محاولة لتغطية عورة الحركة التي انكشفت بعد صراعات داخلية مريرة ، وتنافسات جهوية ، لقد باتوا اليوم يكرهون أنفسهم ويكرهون المجتمع ويروجون لحجج ساذجة ، وأفكار وضيعة ، تبرز سلوكهم العاجز أمام التغيير والتطوير ، بعد أن فقدوا القدرة على علاج مشكلاتهم التي تنهش عظم الحركة وتهدد مستقبلها.

في الوقت الذي يقف فيه الأردن اليوم على أعتاب مرحلة عصيبة ، تتطلب استنفار الجميع ، واستثارة الطاقات والعقول ، للحفاظ على مكتسباته الوطنية ، ودرء المخاطر عنه ، والإسهام في تشكيل مستقبله سياسيا واجتماعيا وثقافيا ، نجد قيادي الحركة يقفزون من فوق عوامل استقراره الوطن وثوابته القومية ، وينهمكون في توافه ، تصرفهم عن العناية بما هو أهم للمجتمع ، وأنفع لهم في حاضرهم ومستقبلهم ، بما يرفع من شأن الوطن ، ويعلي مكانته ، ويبقيه في حال تسمح له بإبقائه سندا مخلصا لأشقائه ، وداعما قويّا لقضاياهم .

إننا وإذ نسجل عتبنا على ما آلت إليه الحركة من ضياع ، ونشعر بالمرارة لفقدها بوصلة التمييز ، فإننا ما زلنا نؤمّل فيها خيرا ، ونستبشر في أن تكون لهم قيادات أوعى ، وزعامات أكفأ ،تسهم أكثر من غيرها في تعزيز مفاهيم التصالح مع المجتمع ، ورصّ صفوفه ،وبثِّ روح العمل والإيثار فيه ،  وأن تكون أكثر حصافة في تعاطيها السياسي مع مختلف قضايا الوطن ، فلا يبيعونه ولا يبيعوننا ، يُعملون العقل ، ويؤصّلون الانتماء ، ويتجاوزون الأهواء ، ويمنحون بلدهم ما يستحقّه من ولاء مطلق ، وإخلاص صادق ، وترفّع عن مزالق التشكيك والتخويف والتخوين ، حتى يعود للحركة ألقها المندثر ، وتقوم بأدوارها المنبثقة من الفكر الإسلامي المستنير.

 Kh.darabseh@yahoo.com



تعليقات القراء

وفي
كلام موجز لكنه معبر حقيقة عن أوضاع الحرك الإسلامية في الأردن ، تسلم يداك.
09-03-2009 11:26 AM
أبو محمد
هذا تصوير رائع لواقع الحركة ، نتمنى أن يعودوا لرشدهم
09-03-2009 12:09 PM
ابو ايسر
كلام رائع ومقاله جميله ومعبره جزاك الله كل الخير يا استاذ خالد
09-03-2009 12:50 PM
جويعد
...هذا النحليل دلالة على مقار وعيك المتميز في واقع الحركة لك مني كل تقدير وامتنان
09-03-2009 08:27 PM
ابن معان
الله يعطيك العافية يا استاذ خالد على هذا التحليل البناء والدقيق لما يحدث للحركة الاسلامية في الاردن.والى الامام ان شاء الله.
10-03-2009 01:19 AM
كركي اصيل
الصحيح انك ابدعت بهذا المقال يا استاذ خالد نتمنى من الحركة الاسلامية تصحيح مواقفها تجاه الاردن وحكومته وشعبه.
10-03-2009 01:22 AM
عبدالله العجلوني
الحقيقة انك ابدعت يا استاذ خالد في تصوير الحالة التي تمر فيها الحركة الاسلامية وفشل اسلوبها في التعامل مع مسجدات الاوضاع والدليل الانقسامات في صفوفها.
10-03-2009 01:26 AM
الاستاذ عبدالله الرواشده
سلمت يداك يا استاذ خالد على هذا المقال والذي بينت فيه الدور الذي يجب ان تقوم به الحركة الاسلامية تجاه الوطن ومساندته بدلا من الانتقادات المستمره التي لا جدوى منها.
10-03-2009 01:30 AM
اردني وكلي فخر
ياريت يسمعوا هالحكي الحركة الاسلامية ويطبقوه بدل الاتهامات والانتقادات اللي ما ليها فائدة.
10-03-2009 01:33 AM
رمثاوي
الله يحيي اصلك يا استاذ خالد والى الامام ان شاء الله.
10-03-2009 01:34 AM
fayez
تحليل منطقي، ولغة جميلة ومعبرة.
10-03-2009 09:10 AM
سعيد
ما أروع هذه العبارات........مشكوووووووووووووووووووووووور
10-03-2009 11:27 AM
اردني
والله كلامك ذهب يا استاذ خالد
11-03-2009 11:30 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات