المطالبة بدفن قانون الصوت الواحد يحتاج لولادة الهوية الوطنية


اجزم بأن الأولوية لدى النظام السياسي في هذه الفترة الحرجة هو ضمان اشتراك جميع القوى السياسية في العملية الانتخابية ، واعتقد بأن عدم مشاركة الإخوان المسلمين بالتحديد سيكون له انعكاسات سلبية على العملية الانتخابية برمتها ، وسنعود إلى نقطة الصفر ، وستخرج أصوات تنادي بعدم شرعية البرلمان وبأنه مزور وبأن نوابه تم تعينهم من قبل المخابرات العامة ، وربما يتم التصعيد من قبل جهة حزبية أو شعبية إذا ما تمت الانتخابات على ضوء القانون الحالي وهذا ما يخالف تطلعات الملك الذي يريد إجراء الانتخابات ليتم التغيير من تحت قبة البرلمان وليس من الشارع ، علماً بأن الشارع كان له الفضل الكبير في الكشف عن الكثير من التجاوزات وفضح كل الفاسدين عبر الطرق السلمية وهذا ما لا نختلف عليه .

وما لا يخفى على احد الارتباط الوثيق بين قانون الانتخاب و ملف الهوية الأردنية ومفهوم المواطنة ليس في الأردن وحسب بل في جميع أنحاء العالم وعلى رأسها الدول ( الديمقراطية ) واعتقد بأن هذا الملف يشكل العائق الأول والوحيد أمام الخروج بقانون توافقي ترضى عنه القوى السياسية باختلاف ايدولوجياتها . وهذا ما قاله الملك بطرق مباشرة وغير مباشرة ( كيف لنا أن نقوم بدفن نظام الصوت الواحد وما زالت هناك هويتان على قيد الحياة في بلد واحد يحمل أبنائهم جميعاً الجنسية الأردنية ) .

ويبدو بأن هناك بعض القوى المؤثرة شيئاً ما على الساحة السياسية الأردنية يريدون تحقيق مطالبهم ( الإصلاحية ) وتفصيل القوانين على مقاسهم دون النظر إلى المصلحة العليا للوطن والمتمثلة بتحديد الهوية الأردنية والتي على أساسها يتم البناء وهناك شواهد يومية نراها في الشارع وفي الجامعات وفي المقاهي وعلى المدرجات وفي الصالونات السياسية بل وصلت حتى للمدارس ولا يستطيع احد إنكارها ، نراهم يتجاهلونها بل ويقفزون عنها وهي التي تقف عائقاً أساسيا في مدى الفهم الحقيقي لمفهوم الهوية الوطنية الأردنية ومدى التزام الأردنيين كافة بالانتماء لهذه الهوية ، وهذا يدل على سعيهم لتحقيق مصالحهم ( الضيقة ) والتي لا تتوافق مع مصالح الدولة وهويتها الوطنية ، مما يأخذنا إلى تقاطع خطير في مرحلة تتطلب من الجميع الحفاظ على الوطن ومقدراته .

لست هنا للحديث عن المنابت والأصول ، فأنا لا أؤمن بتلك المفاهيم ،وما أؤمن به أن كل من يحمل الجنسية الأردنية سواءً أكان من أصول فلسطينية أو سورية أو سودانية أو حتى من بلاد السند والهند يجب عليه احترام هذه الجنسية وأن يكون أردنيا قولاً وفعلاً ، وأن يتم بناء مواقفه الاجتماعية والسياسية والفكرية وحتى الرياضية على أساس المواطنة الحقه وانتمائه الذي لا يقبل الشك للوطن ، فالانتماء للوطن يسبق كل الانتماءات الولاءات ، فأما أن تكون أردنيا قولاً وفعلاً وأما لتجاهر بأنتمائاتك الأخرى لنتخلص من التخفي وراء العباءة الأردنية بأقوالنا ونخالفها بأفعالنا وبتصرفات لا تدل على انتمائنا لتلك العباءة التي أظلت الجميع على تراب واحد وتحت سماء وعلم واحد .

يجب أن نعي بأن التجارب العديدة السابقة التي مرت بها المملكة أثبتت بأن ملف الهوية الأردنية لا ينفع معه المساحيق التجميلية ولا الخطابات النارية ولا التنظير ولا محاربة الأخر ، ويجب أن يكون هناك قرار سيادي ينهي الخلاف حول الهوية الأردنية ومفهومها الشامل ، حينها فقط سنخرج بالقوانين والأنظمة من رحم الدستور تترجم حسم الملف الأهم على الساحة السياسية الأردنية وعلى رأس تلك القوانين قانون انتخاب عصري يتوافق عليه كل الأردنيين ويمنح الناخب ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو حتى عشرة أصوات .


الكاتب
محمد صلاح الغويري
m.jor29@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات