دولة الرئيس في ثياب فرعون


يتجاذبُ العقلُ والعاطفةُ ،وتتنازعُ الرغباتُ والمقاصدُ في الإجابةِ على السؤالِ الأهمِّ الذِي هوَ موضوعُ حديثُ اليومِ وهوَ لِماذا الانتخاباتُ ؟ .
إنَّ الانتخاباتِ بِواقِعِها الحالِي سلبيَّةٌ وغيرُ مجديةً ،لأنَّ الحكومةَ لمْ نُحسِنْ التعاملَ معَها وِفقَ المِنهَجِ الصحيحِ لبناءِ سلطةِ وَطنيَّةِ صَحِيحَةِ ؛ومِنْ ثُمَّ لا مجالَ لأنْ يتخبطَ المُواطنُ ،أو أنْ يتعثَّرَ ،أو أنْ تتنازعَهُ الشبُهاتُ ،والشهواتُ في ظِلِّ هذا الواقعِ.
ولعلَّ الكثيرَ مِنَّا يقولُ : نحنُ شاركْنَا في الانتخاباتِ النيابيَّةِ السابقةِ ،فلمْ تُقدِّمْ لنا المجالسُ النيابيَّةُ سوى الخَيبَةِ ؛فالطموحاتُ ،والآمالُ لمْ يتحققُ منها شيءٌ ،لذلكَ لا حاجةَ لنا بِهَا .
إنَّ الرسوبَ المروِّعَ للحكومةِ والمجالسِ النيابيَّةِ الحالِي ترميز 111 والسابقةِ المزوَّرةِ ،أفقدَها المصداقيَّةَ لضعفِ أدائِها و افتقارِها إلى الكفاءَةِ ،والتعامُلِ معَ التشريعِ .
إنَّ أهميَّةَ الانتخاباتِ تكمنُ في أنَّها تعبرُ عنْ هُويَّةِ المجتمعِ في مَنْ يُرشحُهم ، وتُعبِّرُ عنْ شخصيةِ المجتمعِ في مَنْ يختارُهم لتمثيلهِ ، إنَّها تترجمُ الوِجهَةَ التي يريدُها المجتمعُ ،إنَّ الانتخاباتِ لهَا أكثرَ مِنْ مدلولٍ وأكثرَ مِن مُؤشرٍ في كشفِ المجتمعِ واختيارِه وإرادتِهِ وفي مَن يُقدمُه ويُصدِّره في المقدمةِ ، لهذا لا يجوزُ لأيٍّ كانَ أنْ يُزَوِّرُ أرادتَهُ أو أنْ يفرضَ عليْه رأيَهُ.
إنَّ نظامَ الصوتِ الواحدِ يا دولة الرئيس لَهوَ التزويرُ بعينِهِ للإرادةِ الشعبيَّةِ الذِي يُشَكِّلُ تحدٍ حَقيقيٍّ للإرادةِ الشَّعبيَّةِ ؛وهو الأسوأُ بينَ النُظمِ الانتخابيَّةِ علَى هذا الكوكبِ كونه ليسَ قادراً ولا مُؤهلاً للانتقالِ بالحياةِ السِّياسِيَّةِ فِي الأردنِّ إلى المَرحلَةِ المُقبلةِ ؛ سواءٌ أكانَ ذلكَ علَى الصَّعيدِ السِّياسيِّ أو الاجتماعيِّ لا سِيَّما وقدْ جُرِّبَ هذا النظامُ لأربعِ دَوراتٍ متتاليةٍ منذُ العامِ 1993 م وقدْ أثبتَ فشَلَهُ الذريعَ ،بلْ إنَّهُ قدْ أحدثَ ضررًا كبيرًا في أداءِ مُؤسَساتِ الدولةِ وتحديدًا مجلسَ النوَّابِ الذِي أفقدَه الثقةَ المُؤَسَسيَّة ؛وهذا مُؤشرٌ مقلقٌ لا يقتصِرُ عليهِ فحسبْ , كَونُهُ يُمثلُ أحدَ أركانِ الدولةِ الأردنيَّةِ ،بلْ يتسعُ لِيؤثرَ علَى الثقةِ المؤسَسيَّةِ بمؤسساتٍ وأجهزةٍ أخرى ،اضافةً إلى أنْ ضَعْفِ الثِقةِ المُؤسَسيَّةِ بأيِّ مِنْ مُؤسساتِ الدولةِ ينتقصُ مِنَ الثِقةِ بالدولةِ عُموماً.
لقدْ اعترَى الانتخاباتِ وما زالَ يعتريْهَا كثيرًا مِنَ الأخطاءِ ، ومِن ثمَّ يجبُ الكفُ وعدمُ الخوضِ في دائرةِ التنقيصِ والتشهيرِ والاستهتارِ بالمواطنِ والعبثِ بإرادتِهِ ؛واعتبارِ المُقاطعةِ والدعوةِ لها خُروجاً مِن الملةِ أو لعبةٍ سياسيةٍ تمارسُ للهروبِ من المسؤوليةِ ؛لتوزيعِ صكوكِ الانتماءِ فلستَ أنتَ الرقيبَ على قلوبِ الناسِ ولستَ أنتَ مَنْ يمنحُ صكَّ البراءةَ لِمَن تريدُ ، فكما أنَّ التسجيلَ للانتخاباتِ هو تطبيقٌ حقيقيٌّ لمفهومِ الولاءِ والانتماءِ فكذلك الاستماعُ للشعبِ والانصياعِ لإرادتهِ هو الولاءُ والانتماءُ عينه وهو حقٌ وطنيٌّ وواجبٌ دستوريٌّ.
لقدْ كانَ منَ الواجبِ أنْ يتسعَ صدرُكَ وعقُلك لاستيعابِ ذلكَ كلهِ ،وهذا مِنْ أدبياتِ المجتمعِ المتحضرِ ، فهذا فاروقُ هذهِ الأمةِ عمرُ بنُ الخطابِ – رضِيَ اللهُ عنْهُ – قامَ على المِنبرِ فقالَ : [ لو رأيْتم فيَّ اعوجاجًا ما كنتُم فاعلِين ؟ فقامَ إليْهِ أحدُ الحاضرِين شاهرًا سيفَهُ وقالَ :واللهِ لو رأينَا فيك َاعوجاجًا لقوَّمنَاكَ بحدِ سيوفِنا !] فقالَ : الحمدُ للهِ الذِى جعلَ فِى امَّةِ محمدٍ مَنْ يُقوِّمُ اعوجاجَ عمرَ بسيفهِ .
فهلْ تريدُ يا دولةَ الرئيسِ شعبًا تأمرُهُ فيطيعُكَ وتحدثُهُ فلا يُرَدُّ عليكَ كالأدواتِ والآلاتِ أو كالبهائمِ والعجماواتِ ،وأعوانًا مِنَ الطِرازِ الهامانِيِّ أمثالَ وزيرِ الإعلامِ ،إنَّ فرعونَ إنسانٌ عاديٌّ كسائرِ بني آدمَ ولكنَّه استضعفَ الناسَ واستخفَّ قومَهُ ولمْ يجدْ مَنْ يردُّه عن غيِّهِ فلمَّا وقفَ قالَ : أنا رَبُّكُم الأعلى !خرُّوا لهُ ساجِدينَ وذلكَ قولُه تعالى : [فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ] وقدْ جاءَ في تفسيرِ هذهِ الآيةِ ::استخفافُ الجبابرةِ للجماهيرِ أمرٌ لا غرابةَ فيهِ ; فهمْ يعزِلونَ الجماهيرَ أولاً عن كلِّ سبلِ المعرفةِ ويحجبون عنهم الحقائقَ حتَّى ينسوها ،ولا يَعودوا يبحثونَ عنها ،ويُلقون في رَوعِهم ما يشاءون مِنْ المؤثراتِ حتَّى تنطبعَ نفوسُهم بهذهِ المؤثراتِ المصطنعَةِ . ومِنْ ثمَّ يسهلُ استخفافُهم بعدَ ذلكَ ،ويلينُ قيادُهُم ،فيذهبون بهم ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشِمالِ مُطمَئنين !ولا يملكُ الجبَّار أنْ يفعلَ بالجماهيرِ هذهِ الفعلةِ إلا وهم فاسِقون لا يستقيمونَ على طريقٍ ،ولا يمسكونَ بحبلِ اللهِ ،ولا يَزِنُونَ بميزانِ الإيمان . فأمَّا المؤمنون فيصعبُ خداعَهُم واستخفافَهم واللعبَ بهم كالريشةِ في مهبِّ الريحِ . ومِن هنا يُعلِّلُ القرآنَ استجابةَ الجماهيرِ لفرعونَ فيقولُ: فاستخفَّ قومَهُ فأطاعوهُ إنَّهم كانوا قوماً فاسِقين
فالذي يتحمَّلُ المسؤوليَّةَ كاملةً عن أيِّ إخفاقٍ قادمٍ ،أمامَ اللهِ ثمَّ أمامَ الشعبِ وأمامَ التاريِخ أنتَ وحدَكَ يا دولةَ الرئيس لعدمِ إصغائك لأيِّ نُصْحٍ ،فلم تلتفتُ لأيِّ نقدٍ ،لا مِن شقيقٍ ولا مِن صديقٍ ،ولا مِن حليفٍ ولا مِن نصيرٍ، فباتَ الجميعُ علَى يقينٍ مِن أنَّ مصيرًا مُحزنًا واقعٌ لا محالةَ جرَّاءَ سياسة التعنت وقسوة الراس في إدارةِ الأزْمَاتِ ؛والعجزِ عن الوفاءِ بمتطلباتِ تطويرِ الدولةِ ومؤسساتِها ،والانهيارِ المُريعِ في ثقةِ المُواطنِينَ بالدولةِ ،وإدراكِ المخاطرِ المترتبةِ على تعثرِ عمليةِ الإصلاحِ الشاملِ ،وانهيارِ الإجماعِ الوطنيِّ على ثوابتِ الحكمِ وتعاطيك معَ أبناءِ شعبِكَ باستخفافٍ ؛إنَّك تستهينُ تمامًا بهم وليسَ لهم أيُّ وزنٍ عندك. فهلْ هذا الأسلوبُ الفجُّ الذي تنتهجُ سوفَ يُثنِي المُقاطعينَ ويقيمُ علاقاتٍ وديةٍ معهَم ؟قالَ اللهُ تعالى : [وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ] إذا ما الفائدة من ( الزعل )والتشكيك بولاء وانتماء عباد الله ؟
فمن( يزعل ) فإنه في حقيقة الأمر لازم (يزعل) على نفسه ومصيره الذي ربطه بقانون انتخابي مشوه لا يستحق العمل به.

Montaser1956@hotmail.com



تعليقات القراء

ازرور اردني
مين انت حتى اتسب اسيادك



واين طاعة ولي الامر وحديث الرسول ولو جلد ظهرك



لازم نجلد ظهرك حتى تعرف حق الله في اطاعة ولي الامر



يا زلمة بيكفى انه ابن النبي
14-08-2012 02:54 PM
مع الاسف
الى رقم واحد بالظاهر انك ضعيف في اللغة العربية لانه لغتك سنسكريتية فلذلك مابتميز بين رئيس الحكومة اللي الكاتب كاتب عنه و الملك لذلك راجع لغتك جيدا احسن ما تقع بورطة الها اول ما الها اخر
14-08-2012 03:58 PM
أمونة
يريدنا رئيس الحكومة قطيع من الاغنام يسوقنا حسبما يريد ولايريد من احد ان يقول لا وكأن قراراته قرآن منزل لا يجب مخالفته فإذا خالفه احد فهو مسلوخ من وطنيته وانتمائه ما هذا؟؟؟؟؟؟؟؟
14-08-2012 04:03 PM
سنمار
كلام يكتب بمداد من الذهب في تشخيص الواقع الذي نعانيه فالحكومة قد اصمت الآذان عن شعبها وانفردت بقراراتها فهي المسؤولة عن كل النتائج
14-08-2012 04:05 PM
مخلص
لا لقانون انتخاب مشوه
14-08-2012 04:17 PM
متشائم
الكل يدعو الناس للنتخاب انامش معيد ولااسرتي ولااولادي وجيعان في بلدي وقرفونا من الحياه على ايش بدي انتخب
14-08-2012 04:57 PM
شاهوب الى تعليق 1 ازرور
يا رجل الكاتب يتكلم عن الانتخابات ورئيس الحكومه يعني الطراونه ولم يسب او يشتم اتق الله فيما تكتب
((بعض الناس لا يترك مناسبه او حدث تمر دون تسحيج))
14-08-2012 09:20 PM
م ر ا ق ب
مقتبس

فلستَ أنتَ الرقيبَ على قلوبِ الناسِ ولستَ أنتَ مَنْ يمنحُ صكَّ البراءةَ لِمَن تريدُ ، فكما أنَّ التسجيلَ للانتخاباتِ هو تطبيقٌ حقيقيٌّ لمفهومِ الولاءِ والانتماءِ فكذلك الاستماعُ للشعبِ والانصياعِ لإرادتهِ هو الولاءُ والانتماءُ عينه وهو حقٌ وطنيٌّ وواجبٌ دستوريٌّ.
14-08-2012 10:18 PM
رانية
الله يحفظك شيخنا الجليل في هذه الليلة المباركة التي اسأل الله عز وجل ان يمد في عمرك وان يحفظ عليك عقلك وقلمك الذي هو بمثابة السيف المصلت على رقاب الظالمين قساة الاكباد اعداء الشعب
15-08-2012 01:27 AM
ابن الشمال (الزعبي)
احسنت قولاً و فعلاً جزاك الله عنا كل خير.
15-08-2012 02:12 PM
ايمن الحوراني
نعم ان من يتجحمل كامل المسؤولية هو فايز الطراونة رئيس الحكومة الذي يحاول ان يضحك على الشعب عبر توزيع الولاءات ويجب ان يحاسب على عدم الاستماع للشارع
17-08-2012 09:52 PM
علي الزعبي
الصوت الواحد له هدف واحد هو المحافظه على اتفاقية الذل وادي عربه والشعب والاردن بعدها يذهب الى الجحيم.
18-08-2012 02:29 AM
عماد الامير
الى علي الزعبي
يا اخي تفكيرك غريب ما علاقة معاهدة وادي عربة بالموضوع ؟ اذا كنت تقصد ان الدولة تخشى ان ينجح الاخوان ليلغوا معاهدة وادي عربة فانت غلطاااااااان فها قد نجح الاخوان في مصر بل وسيطروا على كل شيء فهل الغوا كامب ديفيد ؟ هل طردوا السفير الاسرائيلي ؟ واكيد لا يغيب عن ذهنك ان الجماعة في الاردن تحت امر القيادة في مصر ..
اخي العزيز اذا كان الشعب يريد الاسلاميون في المجلس سينتخبونهم ولو كان لكل مواطن نصف صوت واذا لم يريدونهم لن يصلوا ولو كان للمواطن عشرة اصوات ولكن المقاطعة هي حجة الجماعة السياسية قبل ان تكون اسلامية لأنهم يعرفون مسبقا بانهم فقدوا التعاطف من الشارع الاردني الجماعة نفسها كانت تمجد بشار بانه سيد المقاومة وذهبوا اليه وقبلوا ايادية لأنه سيد المقاومة والآن تضاربت مصالحهم معه فاصبح هو من يحمي الكيان الصهيوني لأربعين عاما مضت ... صدقني اخي الجماعة همها مصالحي بحت وليس الوطن
18-08-2012 11:43 PM
طفيلي حر
اتمنى من رئيس الوزراء عدم عرض مجوهراته امام الناس وهذا ما حدث في لقاء التلفزيوني بحيث يعرض الخاتم والساعة من ذهب والشعب مش قادر يشتري خبز وحسبي الله ونعم الوكيل
20-08-2012 02:09 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات