ليلة الشك


تتنهد تنهيدة ألم بنـَفـَسِ متقطعِ وهي ترفع فنجان الشاي لتداعب برشفاتهِ (شفتاها)..
الليلة ليلة الشك .. لحظات ويجتمع شمل شيوخ الأمة لتحديد هل الغـد أول شهر رمضان أم اليوم الأخير والمكمل لشهر شعبان..
تتذكر طفولتها وعشقها لهذا الشهر بعبقه ونسماته الرحمانية وفرحتها الغامرة بفانوس رمضان.. تتذكر عائلتها والتفافهم حول مائدة الإفطار والإبتسامة العريضة التي كانت تعلو شفاه كل منهم وتمتماتهم بالدعاء وثقتهم اللامتناهية في تحقيق أحلامهم ..
أطلقت العنان لأنين أفكارها وشجن روحها ، منذ فترة طويلة لم تشعر بحلاوة هذا الشهر الكريم.. لم تذق شهده.. منذ تزوجت.
كانت تتمنى أن تـُحلق فراشات الأمل فوق زهور بيتها لتسكب الأمان والطمأنينة في قلوب أطفالها..
كانت تتمنى أن تعـبر هي وزوجها نهر الود الدائم ؛ ولكن زوجها - سامحه الله - يتفنن في وأد بذور المحبة ، وهدم جسور التواصل بين قلوبهما بعصبيته ، وبتفجيره الدائم للمشاكل ، ومعاملته السيئة لكل أهل بيته ؛ فالتكبر خــُلق له لكي يتعالى على زوجته وأولاده..
على مدار السنوات الماضية ظلت دعوتهم أن يرحمهم الله من هذا الأب المتعجرف بساديته.. المريض بحب إيذاء كل رعـيته.. كانوا يستظلون بصحاري الحلم وأمنيتهم الوحيدة أن يمرر الله شهر رمضان عليهم بالخير والسلام ، بدون إهانة منه أو عصبية ، أو محاولة منه لإغضابهم على الطعام ، وكسر الباقي من سعادتهم أثناء تناول الإفطار الذي يحلمون بشهيته طيلة النهار.
تنهض الأم من جلستها عندما يصل إلى سمعها أن الغد أول أيام رمضان.. يعلو صوت الألحان الآثيرة للقلوب (رمضان جانا وفرحنا به أهلا رمضان ..)
تسمع صدى آتٍ من غرفة الطفلين ، وفرحة عادة لا تكتمل بحلول هذا الشهر... تبتسم ابتسامة مكلومة ، و تختنق في صدرها آهة وجع وتـُمَنـِّى الروح والنفس أن الغد أجمل...
بالرغم من الدموع التي تـُحاصر أهدابها ؛ تحاول اصطناع البشاشة..
تدخل إلى مطبخها تطمئن أن كل شيء متوفر... الجبن , البيض , الخس , الخيار.. والزبادي الذي تعودت أن تصنعه بيديها لطفليها ...
وحدها تسأل ويجيب لسان حالها - بعد فترة تركيز ليست بالقليلة - آآآآه نسيتُ الفول لا يوجد بالثلاجة فول!!. وأولادي لا يمكن أن يتسحروا بدونه!!
بسرعة وبصوت حنون نادت على ابنها:
- يا عـمر
أجاب..
- نعم يا أمي هل تريدين مني شيئاً؟
- نعم يا حبيبي أريد منك أن تخرج الآن لتشتري لنا الفول من أجل السحور
- حاضر , هل تريدين شيئاً آخر؟.. فكري قبل أن أخرج؟
- لا ياحبيبي كله جاهز ، والثلاجة فيها كل شيء.. لو أنت أردت لنفسِـك شيئاً أولأختك.. اشتريه بدون تفكير, فالغد صيام ويجب أن تأكلا كل ما تتمناه نفسيكما وغداً إن شاء الله سوف أُجهز لكما أطيب سفـرة وأشهى طعام
- حقاً يا أمي؟.. ربنا يحميك ِوتسلم إيديكِ أنا أرغـب في الحمام المحشي
- أُجهز لك حمام ومحشيات وجلاش.. واختار أنت وأختك الحلو
- يارب يديمك لنا يا أحلى أم..
وفي سرعة البرق خرج الإبن لشراء طلبها لكي تكتمل وجبة السحور.. ظلت الأم تـُرتب أفكارها وتشحذ خيالها طالبة من الله العون في هداية زوجها أو رفع حراب ظلمه عنهم..
عادت لنفس السؤال.. كيف يكون أول يوم في رمضان؟.. وكيف تستطيع بهدوئها وصبرها الحفاظ على فرحة طفليها؟.. وتفادي الإستجابة لمنغصات الأب.. وكيف تستطيع أن تتجنب أفعاله في حقها وحق الطفلين.. رافعة عينيها المتلألئتان بالدموع إلى السماء
مرددة: الحل في الصلاة والصبر والدعاء ، وتحمل الألم من أجل الله فقط.. ثم الأبناء.
شعرت بثقلِ في جفنيها ، وكأن النوم يُداعبهما..
لحظات وسمعت دقات متسارعة على الباب.. فتمددت بواسق القلق وأورقت في مرايا الروح ، وانقبض قلبها.. وبخطوات تـُسابق دقات قلبها.. اتجهت إلى ناحية الباب.. فتحته.. شاهدت الرجال يحملون زوجها وهو غارق في دمه ينبض نبضاته الأخيرة.. صرخت.. استغاثت.. ولكن الزوج والأب لفظ أنفاسه الأخيرة وهو بين أحضانها.. وكانت آخر كلماته: (ريم سامحيني..)
تركها لأسنة الوحدة تمزق أوصال حلمها بالسعادة.. غارقة في نهر من الحيرة واليأس!!..
نهضت ريم مفزوعة من غفوتها على صوت زوجها وهو ينهر أبنائهما ويكيل لهما الكلمات على سببِ تافه كعادته التي لم ينساها في ليلة الشك.. أو غيرها
حينها تمنت أن تعود وتـُبحر أكثر في غفوتها.
بقلم ميمي قدري
الى ملف نور رمضان الإبداعي



تعليقات القراء

الله محيي الجيش الحر
الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر الله محيي الجيش الحر
07-08-2012 12:40 AM
نانا المجالي
اخت ميمي قصتك جميله ومعبره لانها فعلا تظهر الجانب العاطفي وهذا هو الواقع الاليم للمراه الشرقيه فهي يجب ان تلعب جميع الادوار من ام حنونه للموظفه للطباخه والعامله بالمنزل ويا ريت الزوج المصون او بالاخص رجلنا الاردني يقدر تضحياتنا بجي بالاخر بستولي على الراتب ومع هيك احنا جنس حواء حنونات بس ينصاب ابو العيال او يمرض بننسى كل اسوته وبنسامحه شو السبب ما بنعرف يتعرفي اخت ميمي حلوه هالقضيه تكون موضوع نقاش في جراسا الغاليه وتحيه كبيره وطيبه لكادر جراسا وتحيه خاصه للمحرر
07-08-2012 02:00 AM
هذلول
اقتباس:
(ليلة الشك)
معنى كلمة:
الشك:حسب قاموس المعاني(قاموس عربي عربي):

الشك :
مص‍ شك ج شكوك ، الريب ، خلاف اليقين .
المعجم: مصطلحات فقهية - [ ابحث في المعنى ]
كثير الشك :
هو من يشك كثيرا في عباداته ، كأن يكثر الشك في صلاته أو وضوئه ، وقالوا بأن كثير الشك يعرف بأن يشك في نفس المورد في كل ثلاث عبادات متتالية مرة . وحكمه عدم وجوب الاعتناء بشكه .
المعجم: مصطلحات فقهية - [ ابحث في المعنى ]
يوم الشك :
هو اليوم المردد بين كونه الأول من شهر رمضان أو الثلاثين من شهر شعبان ، أيضا اليوم المردد بين كونه الثلاثين من شهر رمضان أو الأول من شوال .
المعجم: مصطلحات فقهية - [ ابحث في المعنى ]
يوم الشك :
اليوم التالي للتاسع والعشرين من شعبان إذا غم الهلال .
المعجم: مصطلحات فقهية - [ ابحث في المعنى ]
يوم الشك :
يوم الثلاثين من شعبان إذا غم الهلال
المعجم: مصطلحات فقهية - [ ابحث في المعنى ]
الشَّكُّ - شَكُّ:
الشَّكُّ : حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الاثبات والنفي ويتوقف عن الحكم .
و الشَّكُّ صُدَيْعٌ صَغير في العَظْم . والجمع : شُكُوكٌ .

و الشك ايضا:

الشك من أخطر الأسباب التى تعجل بأنهيار وأستحالـة التـواصـل بيـن الطرفيـن

ومن ثم .. يلجأ الإنسان إلى الظن في حكمـه على الأشياء دون أن يكون على بينـة صحيحـة

فالظن ليس طريقاً سليماً للوصول إلى الحقيقـة .. ويختلف الشك بأختلاف مزاج الفرد وذكائـه

ومعارفـه وظروفـه الخاصـة .. وعلى الجملـة .. بأختلاف شخصيتـه .. فيتراوح بيـن الأهتمام النقدي العابـر

وبيـن الإرتياب الحاد .. ويبدأ يظهر الشك في حياة الإنسان في الشطر الثاني من مرحلـة المراهقـة

ويكون أكثـر قابليـة للشك .. خصوصاً إذا كانت البيئـة التي يعيش فيها تستخدم في تشكيلـهُ أجتماعيـاً

أسلوباً تعسفيـاً .. وكذلك يرتبط الشك بالتربيـة والتنشئـة الأجتماعيـة وسيـرة الشخص الذاتيـة



وكثيراً ما يسقط بعضاً من سلوكياتـه وأفعالـه على الآخريـن .. ولا يقتصر الشك على أفراد معينيـن

بل نجد بعضهم شكاكاً وهو من المتعلميـن .. أوالحاصليـن على درجات علميـة عاليـة

وفي مراكز مرموقـة .. وقد يحتاج الشكاك إلى علاج نفسي وأرشاد سلوكي ومعرفي

وقد يحتاج إلى علاج دوائي وقد يتطرق الأمر إلى علاج جراحي .. وقانـا الله وإيـاكم الشك والريبـة



وأختم هذا الكلام بقول الأميـر الشاعر عبد الله الفيصـل :

أكاد أشـُك في نفسي لأني .... أكاد أشـُك فيك وأنت منـي

يقول الناس أنك خـُنت عهدي .... ولم تحفظ هواي ولم تصـُنى

وما أنا بالمُصدق فيـك قولاً .... ولكني شقيت بحُسن ظنـي

و قالوا:
الشك هو الدوران في حلقه مفرغه
والعيش في حالة ترقب دائما خوفا من حدوث شيئ !!
هذا الاحساس صعب ويتعب نفسيا وبدنيا

و اخيرا:


الشك بين الزوجين كالورم الخبيث على اقل تشبيه

ان لم يواجه من لحظة ظهور علاماته فسينتشر بالحياة الزوجية مخلفا وراءه اثارة بالغة لا نرى فيها الا الدمار

من رحمة الله علينا انه حذرنا من الشك وقال ان بعضه اثم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ

وامرنا بالتحري عند سماع اي خبر مهما كان هذا الخبر " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6


لذلك يجب ان نتعامل مع مقدمات الشك

يعني اي سلوك لم يعتد عليه الزوجان من بعضهما

اي ملاحظات غريبة كارقام غريبة على الهاتف او ايميلات او او اي شي

لا يجب ان نقف نراقب مكتوفي الايدي

كذلك لا يجب ان نواجه الاخر على انه محل اتهام فهذا امر خطير

الفاضله و بنت الاكرمين
الكاتبه و الاستاذه
ميمي قدري
جراسا الغاليه
المحرر المبجل





07-08-2012 09:43 AM
هذلول
لقد نسيت
و النسيان
احدى الطبائع
ماعلينا


من مدونات ابي العلاء المعري عن العبادات:


والدين عند المعرّي في حقيقته هو الجانب السلوكي العملي أكثر من جانب الطقوس والشعائر .. التدين الطقوسي الشعائري لاقيمة له إذا لم يهذب أخلاق الإنسان ويرتقي بها ويردعها عن الشر والرذائل .. الدين هو التحلّي بالأخلاق الفاضلة الحميدة والتطهّر من الأخلاق الرديئة والسيئة .. وهنا يتوافق المعري مع الفلسفات العقلية التي ترى أن الدين هو الموقف الأخلاقي وأن الأخلاق العَمَلية هي جوهر أي دين
وقد هاجم أبو العلاء في شعره الأفراد، وعاب سلوك أولئك الذين يتخذون المبادئ والعقيدة وسيلة للوصول إلى مكاسب شخصية.
ولم يخف عليه
، "أن هنالك فرقاً بين الموقف تجاه فلسفة هذه الحركات ومبادئها وبين الموقف تجاه القادة، أو المستغلين لهذه المبادئ والأفكار."(6)
لى أن ما كان ينكره أبو العلاء أشد الإنكار،
أن معظم الناس قد حسبوا التدين مجرد عبادات جسدية وحركات بدنية، إذا أداها المرء فقد التزم بطاعة الله وحظي برضوانه، وهو غافل عن أن الغرض من هذه العبادات،
" ليس تكبيد الجسد ألواناً من التعب والنصب"
" وإنما هو السمو بالروح والارتقاء بالنفس والصفاء في العمل والإقبال على الخير"

"ما الخير صوم يذوب الصائمون له *** ولا صلاة، ولا صوف على جسد"

"وإنما هو ترك الشر مطرّحاً *** ونفضك الصدر من غل ومن حسد"

ويقول في الفصول والغايات:
"صوم النية أفضل من الصيام لأن الجوارح تتبع القلب، وربما صامت اليد وأفطر اللسان"

و اخيرا :
يلخص نظرته تجاه هؤلاء النوع من الناس:

" "أنا أحمد الله على العمى، كما يحمده غيري على البصر، فقد صنع لي وأحسن بي إذ كفاني رؤية الثقلاء البغضاء".



الفاضله و بنت الاكرمين
الكاتبه و الاستاذه
ميمي قدري
جراسا الغاليه
المحرر المبجل
التوقيع:هذلول
ليس بباحث
07-08-2012 09:47 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات