رمضان


كان مشهد التمر هندي والسوس والخروب ، مغريا بالفعل والطعم ، وقادرا على اجباري على الشراء ، كنت وقتها أسير اليه بلا حول ولاقوة لأشتري من كل صنف كيس ، لتكون الرشفة منها قادرة لوحدها على اطفاء عطش الصيام الطويل .

قبل الغروب وعلى بعد ساعة او اكثر من الأذان ، كنت أذهب لأسرق من نوافذ البيوت ، رائحة القدور والطناجر العامرة بالطعام والزاد ، كانت رائحة الثوم دليلا على أن الضحية اليوم هي الملوخية ، ورائحة الخيار دليلا على أن هناك في ذلك المنزل مقلوبة .

قبل الغروب ، كانت الأكياس ممتلئة بالحب والخبز ، كانت طوابير القطايف طقسا خامسا يفوق طقوس الفصول الأربعة ، والتجمعات البشرية الملهفة حول بسطات النعنع والجرجير والفجل وأصوات الباعة المبحوحة بالعطش ترنيمة عشق ولحنا يروي بعذوبته النفس المرهقة .

قبل الغروب ، وجوه خاشعة بالصوم قانعة بالرزق ملهوفة على ساعة الأذان ، وأطفال بأجساد هزيلة انهكها الجوع والعطش ، وما صبرها الا خوفهم من النار لو أفطروا .

قبيل الغروب ، تجتمع الأسرة ، حول مائدة الافطار ولسان حالهم يتساءل "قديش ظايل للأذان" ، بينما الأم تمسح آخر قطرة من عرق التعب وهي تتمتم بأذكار وأيات قرآنية وتصبرنا بقولها " ماظل قد ما راح" .

وقتها كنا نشعر أن رمضان جالسا معنا على سفرة الطعام .

من كم رمضان وجاي ... حضر على مائدتنا كل شيء ألا ... رمضان نفسه .


المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات