واقع الاصلاح الاقتصادي


رغم معدلات النمو الجيدة في الناتج المحلي الإجمالي للأردن وتجاوز معدلات نموه 5% في العديد من السنوات, إلا إن ذلك لم يحل دون انخفاض القوة الشرائية للمواطن الأردني عبر السنين الماضية بشكل واضح وصريح, والأكثر من ذلك اتساع جيوب الفقر في ظل محاولة الحكومات المتعاقبة للسيطرة على تلك الجيوب والحيلولة دون اتساعها من خلال تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في تلك المناطق التي تعيش في حالة صعبة من البطالة والفقر ,ولكن للأسف كانت النتيجة عكسية, فقد ارتفعت جيوب الفقر في محافظات المملكة بنسبة تقارب 50% على مدى السنوات السابقة بشكل مؤلم.

تعتبر الضرائب المصدر الرئيس لرفد خزينة الدولة , و تعتبر الضرائب على المبيعات الإيراد الأول لخزينة الدولة, بحيث يدفع المواطن ضريبة عامة على المبيعات على غالبية السلع والخدمات بغض النظر عن حجم دخله ومستوى معيشته , وما يشكله ذلك من عدم العدالة في المعاملة الضريبية, فالأصل إن يكون دخل المواطن هو الأساس في المعاملة الضريبية , بحيث يزداد مقدار الضريبة المفروضة على المواطن بازدياد دخله,وبهذا يتم تحقيق مبدأ التصاعدية في فرض الضرائب على المواطنين بحسب مستوى دخولهم ,لا إن يتم فرض الضرائب على كافة السلع والمنتجات و بشكل لا يحقق العدالة.



وفيما يتعلق بمشاريع الإصلاح المالي والاقتصادي التي انتهجها الأردن تطبيقا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية, والتي حظيت ببعض النجاحات من جهة علاجها لبعض الاختلالات والتشوهات في بعض الجوانب المالية للسياسات المالية المتبعة في الأردن , إلا أن مشاريع الإصلاح المالي لم تستطع تحقيق اثر ايجابي ملموس على المواطن العادي وخصوصا في المناطق الأقل حظا في الاردن,ولم يكد يلمس أثار تلك السياسات سوى قلة قليلة من المواطنين ممن يملكون رؤوس الاموال.

بالطبع حاوله الحكومات المتوالية مواجهة الآثار السلبية المترتبة على فئات المجتمع الفقيرة ومحدودة الدخل نتيجة لتطبيق خطط الإصلاح المالي الدولية ,وقامت بتخصيص الأموال ووضع المشاريع لمواجهة تلك الآثار,ولكن مشاريع ما يسمى "حزم الأمان الاجتماعي" فشلت ولم تحقق الغاية التي أوجدت من أجلها وذلك لعدة أسباب ومنها نقص الخبرات ,وسوء التطبيق وعدم مقدرة تلك المشاريع على توليد فرص العمل والتدريب للأردنيين .

شعور المواطن المتنامي بعدم الثقة في القرارات والخطط الحكومية المتخذة بشكل عام والمتعلقة بسياسة خصخصة القطاع العام بشكل خاص, يعود إلى شعور المواطنين بعدم الأمان والخوف من تردي أوضاعهم الاجتماعية و الاقتصادية مستقبلا ,بسبب عدم إشراك المواطنين في القطاعات والشركات التي تم خصخصتها وبيعها إلى المستثمرين ، كون ان الهدف الأساسي لأي مستثمر هو تحقيق اعلي عائد ممكن من الإرباح بغض النظر عن أي شيء أخر,فلان يعبئ المستثمر بتدريب وتشغيل سكان المنطقة وإنفاق الأموال على البيئة المحلية من تلقاء نفسه هكذا ,وهنا يأتي دور الحكومة بالضغط على أصحاب القطاع الخاص وتحفيزهم ليشاركوا في تنمية المجتمعات المحلية ، من خلال وضع برامج تنمية تركز على تأهيل المواطنين في تلك المحافظات وتأهيلهم للانخراط في سوق العمل ورفع كفاءاتهم وإنتاجياتهم.
إن تحقيق التنمية المستدامة في البيئات المحلية لا يمكن ان يتم الا من خلال المشاركة و التفاعل الايجابي ما بين سكان تلك المناطق وأصحاب العمل بتدريبهم وتشغيلهم ليصبحوا فاعلين في مجتمعاتهم,وبذلك يتم تخفيض معدلات الفقر والبطالة في تلك المجتمعات ,ويتم تخفيض نسبة الجرائم أيضا لانشغال الجميع في أعمالهم وانشطتهم الانتاجية بعيدا عن الفراغ واللهو,وبذلك تخرج جيوب الفقر من شبح العوز والبطالة إلى حياة الرفاه والأمان الاجتماعي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات