كيف نستعد لرمضان


شهر رمضان المبارك على الأبواب . ضيف ننتظره كل عام . وكما نستعد لاستقبال ضيف عزيز ، أو غائب حبيب عائد ، وجب أن نُعد العدّة ونشمر عن ساعد الجد ، فهو موسم ، وللمواسم طقوسها وعاداتها . فكيف نستعد لاستقال هذا الحبيب المنتظر . وطبعا لكل منّا طريقته وأسلوبه .
فرب الأسرة وبأوامر مشدّدة من ربتها ، يبدأ الاستعداد بتخصيص ميزانية خاصّة تزيد عمّا اعتادت علية الأسرة . ويطوف الأسواق ليشتري المواد والأصناف المختلة من الأغذية . وتتحول المطابخ إلى مستودعات والبرّاد بحاجة إلى آخر فلم يعد قادرا على استيعاب المزيد . وقد يضطر للاستدانة أو أخذ سلفة على الراتب المكدود أصلا قبل رمضان . وتستمر هذه العملية لأسابيع قبل رمضان وتزداد في الليلة التي يُعلن فيها أن غدا سيكون غرّة رمضان المبارك . فيكتشف أكثر الناس أنهم لم يجهّزوا لسحور اليوم الأول ، فتمتلئ الأسواق والمحلات بالناس وكأن رمضان جاء فجأة .
والتاجر أيضا يستعد لهذا الموسم بطريقته . فيُخرج من مستودعاته بضاعة كانت كاسدة وأقترب موعدها على الانتهاء إن لم يكن قد انتهى فعلا . فالناس يشترون دون البحث والتدقيق سيّما إذا تم البيع بعرض وهمي . ولا يخلو الأمر طبعا من زيادات كبيرة على الأسعار . فرمضان موسم ، والتجارة شطارة واستغلال للمواسم ، وصاحب الحاجة أرعن .
والحكومة أيضا تستعد فتعلن قبل أشهر أنها ستقوم بتوفير المواد الغذائية وأن المخزون الإستراتيجي مطمئن ، واعدة بأن شحنات مستوردة في طريقا للوصول . كما أنها لن تألو جهدا عن مراقبة الأسعار والتفتيش عن مدى صلاحية الأغذية عند التجار، وتعلن أنها لن تتهاون في التلاعب بقوت المواطن سعرا وجودة . فالمواطن خط أحمر وهي تسهر على خدمته وراحته .
ووسائل الأعلام أيضا تستعد على طريقتها . فتقوم بشلفقة مسلسلات أُعدّت خصّيصا لرمضان .وتتسابق القنوات على بثها فبين كل مسلسلين مسلسل آخر . وكلها ومن محاسن الصُّدف تتكون من ثلاثين حلقة بالتمام والكمال ، ولا مانع بزيادة حلقتين أو أكثر ليستمتع الناس بالعيد أيضا . وتخصص برامج للطبخ وأعداد الوجبات . وطبعا دون نسيان البرامج الترفيهية والمسابقات التي تجعل رمضان معها أحلى .. وبمفهوم المخالفة فبدونها يصبح علقما أو لا طعم له .
وما بين الطعام والشراب والمسلسلات والسهرات ينقضي رمضان ولا نشعر إلا ونحن نشطب آخر يوم في الرزنامة أو نقلب آخر ورقة في المفكرة . قضيناه في التنقل بين القنوات والبرامج . قلبنا ليلنا نهارا نملأه بالطعام والشراب والسهر ، والنهار ليلا نقضيه في النوم تحت وسائل التبريد والتكييف . وسهّلت الحكومة ذلك بتأخير الدوام وتقليل ساعاته . وتأخير وتقديم مواعيد الصلاة .
رمضان يا أخوة شهر عبادة وتطهر . فرمضان إلى رمضان ، والصلاة إلى الصلاة مكفرات لما بينها إذا اجتنبت الكبائر . وقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يُغفر له ، كذلك من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يُدخلاه الجنّة .
ونحن نستعد لرمضان يجب أن نتذكر من لا يستطيعون الاستعداد لأنهم يعيشون ظروفا استثنائية وصعبة من الخوف وانعدام الأمن . وفقراء لا يملكون إلا النظر والتّحسر والناس يحملون ما لذ وطاب لأسرهم يكون مصير أكثره الحاويات . كما يجب أن نتذكر ونترحم على أناس كانوا بيننا في رمضان الماضي وربما بدأ بعضهم الاستعداد ولكن قدر الله كان الأسبق ، ولا ندري فقد نكون منهم .. لذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم بلغنا رمضان وبارك لنا فيه . أسأل الله أن يكون رمضان أحلى بصحبة القرآن ومع الصلاة والصدقة والدعاء والذكر وصلة الأرحام وكل رمضان والجميع بخير .



تعليقات القراء

ام البراء
جزيت خيرا اخي على ذلك فهذا هو الصحيح فالناس تعد لرمضان على انه شهر للترفيه وانه لدنيا فلا يستغلونه للأخره فنسأل الله ان يبلغنا اياه ويبارك لنا فيه ويجعلنا من عتقأه
11-07-2012 08:56 AM
هذلول
الفاضل و ابن الاكرمين
الكاتب و الاستاذ
محمد بدر
تحيه طيبه و بعد
يبدو انك مشغولا جدا الى درجه انه لا وقت لديك لقراءة التعليقات على مقالاتك الكريمه السابقه.
ما علينا.
من مدونات ابي العلاء المعري عن العبادات:


والدين عند المعرّي في حقيقته هو الجانب السلوكي العملي أكثر من جانب الطقوس والشعائر .. التدين الطقوسي الشعائري لاقيمة له إذا لم يهذب أخلاق الإنسان ويرتقي بها ويردعها عن الشر والرذائل .. الدين هو التحلّي بالأخلاق الفاضلة الحميدة والتطهّر من الأخلاق الرديئة والسيئة .. وهنا يتوافق المعري مع الفلسفات العقلية التي ترى أن الدين هو الموقف الأخلاقي وأن الأخلاق العَمَلية هي جوهر أي دين
وقد هاجم أبو العلاء في شعره الأفراد، وعاب سلوك أولئك الذين يتخذون المبادئ والعقيدة وسيلة للوصول إلى مكاسب شخصية.
ولم يخف عليه
، "أن هنالك فرقاً بين الموقف تجاه فلسفة هذه الحركات ومبادئها وبين الموقف تجاه القادة، أو المستغلين لهذه المبادئ والأفكار."(6)
لى أن ما كان ينكره أبو العلاء أشد الإنكار،
أن معظم الناس قد حسبوا التدين مجرد عبادات جسدية وحركات بدنية، إذا أداها المرء فقد التزم بطاعة الله وحظي برضوانه، وهو غافل عن أن الغرض من هذه العبادات،
" ليس تكبيد الجسد ألواناً من التعب والنصب"
" وإنما هو السمو بالروح والارتقاء بالنفس والصفاء في العمل والإقبال على الخير"

"ما الخير صوم يذوب الصائمون له *** ولا صلاة، ولا صوف على جسد"

"وإنما هو ترك الشر مطرّحاً *** ونفضك الصدر من غل ومن حسد"

ويقول في الفصول والغايات:
"صوم النية أفضل من الصيام لأن الجوارح تتبع القلب، وربما صامت اليد وأفطر اللسان"

و اخيرا :
يلخص نظرته تجاه هؤلاء النوع من الناس:

" "أنا أحمد الله على العمى، كما يحمده غيري على البصر، فقد صنع لي وأحسن بي إذ كفاني رؤية الثقلاء البغضاء".


جراسا الغاليه
المحرر المبجل
الكاتب الفاضل
مع عظيم مودتي و احترامي
12-07-2012 09:53 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات