بعد طول غياب


على وجه القمر تمر نسائم الحياة بطريقها عبر النور الموجه إلى الأرض , عاصمة الحياة لتوقد شمعة تضيء ما حولها من غياهب الأرض ومداخلها , لتنبت بلقاء عناصر الطبيعة واجتماعها جميعا دون أي استثناء ,تنبت قصة حياة الأرض المستمدة من الطاقة الشمسية وعوامل تكون كل مخلوقات الله سبحانه ما أعظم ما خلق ! .

غالبا ما يأتي الفرج بعد طول صبر كما الفجر يأتي ليزيل ظلام ليلة طويلة دامسة , بكل الحقد الطويل تزول عثرات العصر الحديث ..بعد صبر طويل كما هو صبر أيوب ,تلوح رايات التحرر ..كما السلم والحرب ..والسقوط في فخ السياسة والاقتصاد , لتهرم تفاصيل ما عاد بالإمكان جمعها وترميمها , الصيف حار جدا هذا العام , حتى إني اعتقدت انه لم يأخذ فاصله الطبيعي المتمثل بفترة الاعتدال (فصل الربيع ) وهي فترة نقاهة الأرض التي ما أخذنا نصيبنا منها هذا العام على وجه الخصوص .

ويأتي بعد طول غياب ,لينشر الخير بعد طول صبر وبعد طول عناء , ينشره بلين وترفق ليدخل في العقول بقناعة وعشق للمضمون وقناعة تامة بالفكرة التي تجلو الماضي بكل قباحاته وعاهاته , وتستسلم الأنفاس للقادم بعد كل هذا الانتظار وكل هذا الجفاء , تستسلم له بكل تودد , انه القادم بعد كل هذه السنين التي هرمت بها عيون طفلة ما زالت في العاشرة من العمر وهي تتودد لوالدها الممدد في مسكنه الجديد ,أن يا والدي تعال إلى ابنتك التي ما عادت تطيق الحياة بدون أن تمسك بذراعك التي بترت تحت قوة وجبروت التعذيب .

ما عاد بنا يوم التنكيل إلا كما عادت بنا الدنيا كيوم الغد القادم الذي لا يأتي , ما عاد طريق يجمعنا إلا الدعاء لله كما قال رفاق هناك بحناجر تتضرع في كل يوم بعد أن فقدت كل استغائة صداها في جبال الشام تقول عبارة أخالها مشهورة بيننا حد كبيرا , (ما إلنا غيرك يا الله).

بعد طول غياب يأتي الفرج قبل زوال الصيف الحار , بل وربما قبل الشهر الفضيل رمضان , وبعد طول غياب تخط الأنامل أحرف على خجل وتردد بعد أكثر من عشرين محاولة فاشلة ,لأنه مع كل الذي يحدث ويحدث في كل يوم , تقف الكتابة كالدموع المتحجرة في العيون , تعقبها صرخات أطفال شهداء , يتبعها وجع وأنين الضعفاء ,ترسمها الأيدي بكل سخاء , تلفظها الأنفاس وتداري لحظة غياب من امتهن الكتابة ليسقط في دوامة الاستشعار والوقوف لحظات طول لقرأت الفاتحة على أرواح من ماتوا في سبيل حرية الأجيال القادمة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات