القرصنة ام التنمية ام الاصلاح ؟؟


سعت الدول الغربية منذ عقود إلى استهبال شعوب العالم الثالث عبر ما سمي بأدوات الدعم والارشاد والاصلاح. فتوالت على دولنا اللجان الدولية لتقديم النصح لما هو بنظرهم مطلوب منا فعله حتى يستقيم بنا الحال وننفض عن نفسنا غبار الجهل والتخلف إلى مراحل النمو والتقدم . اللجان الدولية التي اتت إلى دولنا تحت مبررات ومسميات عدة كانت دائما تزعم العلم بأسباب جهلنا وتخلفنا وبالتالي اخذت على عاتقها بالاتفاق مع اولياء امورنا لمعالجة حالتنا بشتى السبل وأيا كانت . فجاء صندوق النقد الدولي ببرامجه الطويلة الامد ، كما تدفقت علينا منظمات دولية عدة كل منها تدعي الخبرة في كل شؤون الحكم من رأسه حتى اخمص قدميه. ولكن الغريب في تلك الجهات ان ايا منها لم يقدم لا النصح ولا الرشد إلى حكوماتنا - او لربما لا يستسيغ ان يعرف - ان الشرط الاساسي لأي عملية اصلاحية لا يبدأ في مؤسسات السلطة الفرعية ، بل بلزوم توفير البيئة الديمقراطية المناسبة ليتمكن المواطن من اخذ حقه في عملية التطوير والبناء، لأن الانتقاص من حقوق المواطن السياسية والاعتداء عليها يصبح مبررا للإعتداء على كل شأن آخر اقل منه درجة . وبالتالي فات على تلك الجهات الناصحة – او شاءت ان تستغفل- ان تقول كلمتها بأن المقدمة الاولى لأي عملية اصلاحية لا تبدأ بإصلاح قواعد مشاريع الدولة واحدة تلو الاخرى، بل في اصلاح سياسات اصحاب القرار الذين كان يخططون ويرسمون لتلك المشاريع لعقود طويلة ، والذين بفعل استفرادهم بزمام الحكم اوصلوا حال الدولة ومشاريعها إلى ما هي عليه الآن. وبدلا من تقديم النصح الامين لحكوماتنا فهي ذهبت نحو الاجهاز على الصفة الوطنية المتبقية لمؤسساتنا واحلال الشركات الاجنبية بدلا عنها. وبالتالي بات المواطن يستشعر في عملية اقصائه عن المشاركة في إدارة وصناعة مؤسساته ليس اعتداء على حقوقه السياسية والاقتصادية وحسب بل اعتداء على صميم كرامته وهتك لاكبر معاني المواطنة والولاء التي سمع عنها طوال حياته في هذا البلد.
ومن اكثر ضروب الاعتداء على كرامة المواطن في بلده تمثلت في فضيحة ميناء الحاويات في العقبة ، والذي بلغ حد الاستخفاف والعجز بمسؤولينا ان يستحضروا اكبر شركات العالم في الحاويات لكي تقوم بتركيب رافعتي حاويات وبرنامج لإدارة حركتها في مينائه الوحيد وتضمينه إلى تلك الشركة الاجنبية لخمسة وعشرين عاما . كم كان مؤلما على ابن العقبة او على كل مواطن في هذا البلد ان يشهد عملية قرصنة اقتصادية تجري بوضح النهار بحق اكثر الصروح الاقتصادية اهمية في بلده وهو ميناء العقبة.. هذا ناهيك عن عمليات بيع الميناء ككل والتي تفيض فسادا بكل صفحة فيها دون ان يجد المواطن اية وسيلة يحمي بها مقدرات بلده او يوقف نزيف التفريط بها نحو الخارج.
مثل تلك السياسات الدولية ، لم يكن من شأنها تقديم النصح والارشاد الى دولنا من قريب او بعيد ، بل كانت بلغة المواطن البسيطة عمليات قرصنة دولية ترتكب على ارضه وعلى حقه بثروات بلده وبوضح النهار .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات