هي أكبر من أزمة مياه!


مجموعة حوادث واعتصامات لافتة سجلت في أكثر من منطقة ومدينة خلال الأيام القليلة الماضية، أغلق في كل واحدة منها مئات المواطنين شوارع رئيسة، وأحرقوا خلالها إطارات "الكاوتشوك"، في احتجاجات صاخبة على انقطاع المياه، بما ينذر بصيف ساخن حقيقي للحكومة ووزارة المياه، إن استمرت الإدارة المرتبكة والمتخبطة في قضية خدمية حيوية للمواطنين!ففي القويسمة في عمان الخميس الماضي، والرمثا والزرقاء في اليومين الماضيين، توالت اعتصامات صاخبة لمئات المواطنين المحتجين على انقطاع المياه لعدة أسابيع عن مناطقهم، ما تركهم في حالة يرثى لها، في ظل موجة الحر الأخيرة؛ فيما ما يزال سكان مناطق وأحياء أخرى يعانون ذات المشكلة، في مرحلة الشكوى الإعلامية وعبر أثير الإذاعات، في انتظار فرج، هو الكفيل وحده بمنع وصولهم إلى مرحلة النزول إلى الشارع.لا يمكن وصف مئات وآلاف المحتجين على انقطاع المياه بـ"المعارضين العدميين" للحكومة، كما تستمرئ الحكومة ومناصروها وصف الحراكات الشعبية والفعاليات المطالبة بإصلاحات سياسية. ولا يمكن لأحد أن يدعي أن هؤلاء المحتجين ينفذون أجندات قوى سياسية. ولا علاقة لهذه الاحتجاجات بالسياسة إلا من ناحية واحدة فقط، هي فشل الأجهزة الرسمية ووزارة المياه في الإدارة الحصيفة لهذا القطاع! والتي تكفي الناس حاجاتهم، في حدودها الدنيا على الأقل.المثير للغرابة أن وزير المياه خرج أول من أمس، في مؤتمره الصحفي، ليرد بصورة غير مباشرة على تزايد مساحة وحدّة الاحتجاجات من قبل مواطنين على انقطاع المياه، عبر تحميل مشكلة الاعتداءات المتكررة على مصادر مياه مختلفة، وعلى تجهيزاتها وكوابلها الكهربائية، المسؤولية عن انقطاع المياه عن العديد من المناطق والأحياء، ليخلص الوزير إلى مناشدة المواطنين مساعدة الوزارة في التصدي لقضية الاعتداءات! التي أشار إلى أنه تم تسجيل 50 منها على المصادر المائية منذ بداية العام الحالي.نوافق الوزير على خطورة ظاهرة الاعتداء على مصادر المياه، وكوابل الكهرباء ولوحات التشغيل لهذه المصادر، باعتبارها أساسا جريمة وخرقا للقانون، فضلا عن تسببها في انقطاع المياه لفترات قد تطول عن بعض المناطق والأحياء، لكننا نختلف معه في التهرب من مسؤولياته هو والأجهزة الحكومية، بالتسليم بصعوبة ضبط هذه الظاهرة، والتي تتكرر منذ سنوات، وإن كانت ازدادت في السنتين الأخيرتين، والاكتفاء بمناشدة "ضمير" المواطن للمساعدة في وقف هذه القضية!فالقضية هي مسؤولية الحكومة والوزارة والحكام الإداريين بصورة أساسية، ممن عليهم عدم المهادنة في فرض القانون على كل من يخترقه بالاعتداء على مصادر المياه، في بلد تجمع فيه اعتصامات واحتجاجات قضايا المياه والخدمات أعدادا أكبر من المواطنين منها في اعتصامات المطالب السياسية والإصلاحية.ليس ذنب سكان بعض أحياء الرمثا أو الزرقاء أو العاصمة تزايد حوادث الاعتداء على مصادر المياه وتجهيزاتها، ليدفعوا الثمن من تلبية احتياجاتهم المائية في حدودها الدنيا، بل هو ذنب الوزير والمسؤول والحكومة التي تقصر في تأمين مثل هذه الخدمة الحيوية لجميع المواطنين. وليس ذنب المواطن أن تقصر الحكومة في معاقبة أي موظف أو مسؤول يتهاون في واجبه، بحماية مصادر المياه وتأمين تدفق شريان الحياة لكل مواطن وحي وقرية.ورغم أهمية دور قضية الاعتداءات على مصادر المياه في التسبب بجزء مهم من أزمة انقطاع المياه عن بعض الأحياء، فإن القصة تتعلق أساسا في الفشل المتراكم في إدارة الموارد، وضبط هذه الإدارة، سواء في المياه أو الصحة أو خدمات عامة كثيرة، الأمر الذي يتطلب من المسؤول أن يتوقف قليلا اليوم قبل أن يسأل: لماذا يحتجون ويشكون؟! أو لماذا لا يتفهمون الظروف؟!majed.toba@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات