زغرودة وطن


تزدحم سماء الأردن هذه الأيام بزغاريد الفرح احتفالاً بتخريج الأبناء من جامعاتهم ، وتمتلئ القلوب بهجة بهذه المناسبة التي طال انتظارها حتى أصبحت حلماً يكبر ، ويكبر وجاءت ساعة مخاض ولادته بزغرودة تعطر الحناجر بالأغنيات ، والوالدان بالفطرة مشدودان نحو أبنائهم بعين الأمل ، بحصاد وافر، وسلال يضحك ما فيها من خيرات ، وقد حفظنا من قديم مثلاً شعبياً يقول – ما في واحد بيحب حدا يكون أحسن منو غير الأب بيحب ابنو يكون أحسن منو – فأي فضيلة تلك التي تُعمّـر قلب الأب وهو الذي نذر نفسه من أجل ولده ، هذا الأب الذي يملؤه إحساس بالفرح والمسؤولية منذ اللحظة الأولى التي يُبشره الأهل بقدوم مولوده ، ويبقى هذا الإحساس يتنامى معه ليصل به إلى المحطة الأولى وهي النجاح بانتظار الوصول إلى المحطة الثانية وهي الزواج ، وبالمقابل تبقى عواطف الأم أكثر توهجاً ، ولا يخلو يومها من أدعية بالرضا ، والسلامة لولدها .
إن هذه الصورة تُمثل أُسرية العلاقة بكل شفافيتها ، وصدقها، وحميميتها في البيت الأردني ، وهي نابضة في قلب كل أب وأم ، يتساوى فيها الجميع بعفويتهم ، يتساوى فيها الفلاح الذي يسعى إلى ظل شجرة ، والملك الذي يسعى إلى ظل راية ، تتعانق الشجرة مع الراية بلحظة فرح وتكملان معاً الصورة الكلية للوطن فرحاً بنجاح الأبناء .
الملك ليس نسيج وحده كأب في هذه الأحاسيس ، والملكة ليست فريدة عصرها في أدعيتها المستجابة ، وهما إذ يعيشان اللحظة الرائعة التي يعيشها كل بيت أردني بنجاح ولي العهد إنما يتممان الصورة الأسرية لهذا الوطن ، وطن يمتد فينا فرحاً ، وزغاريد ، وطن يسكننا أرضاً طاهرة، ونسكنه شعباً وفياً
فرحة الوالدين ليست استثناء في حياتنا ، وفرحة الشعب بقائده وأسرته أيضاً ليست استثناء ، إننا نكبر بأبنائنا في كل موقع كانوا فيه ، ونفرح بهم ومن أجلهم في كل ساحة يملؤنها أغنيات ، ونعانقهم تحت أي سماء تُظللهم ، هم حبة القلب ،وهم رعشة الروح ، وصدق الشاعر حين قال : أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض .
نلتقي معاً شعباً وقيادة تحت ظل راية، أو تحت ظل شجرة لا فرق ، المهم أننا نلتقي أحباباً ، أبناء ،وآباء ، نلتقي والجباه تطاول السماء .
نمد أيدينا لتعانق يد القائد ، فعناق الأيدي ، عناق القلوب ، وتخرج بعدها من حنجرة الأصابع زغرودة وطن تُغني مبرووووك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات