الإصلاح الحقيقي يبدأ بالتفاؤل


إن كثرة الإشكالات والقضايا المصطنعة التي يطيب للبعض افتعالها كثيرا ما تعكّر مسار أي تحول إصلاحي نسعى له ونتمناه .. ما يخلق الكثير من التساؤلات التي توحي بأن وراء الستار تختفي جهات تسعى بكل صلف للحيلولة دون البلوغ لأي هدف منشود في الإصلاح المنطقي للقيم المستهلكة في منهجية إدارة الدولة والمؤسسات ومن ثم الاتجاه نحو إغراقنا في دوامات الفوضى والظلام.
ثمة إفراط ملحوظ من الغبطة والتشاؤم معاً حيال أي تحول أو تغيير داخل المجتمع الأردني
وهناك من لديه الرغبة في العمل على بناء إصلاح حقيقي كمبدأ ونظام مؤسسي والتزام لا تنازل عنه باعتباره صمام أمان للوقاية من الفساد المستشري الذي يجتاحنا بين الحين والآخر.
لكن الفرح والغبطة إلى حد المغالاة في التمني لا يخدم الإصلاح الحقيقي كونه لا ينضبط بالوعي والتفكير المسؤول تجاه كل خطوة نُقدم عليها، ذلك أن فرمتته بعض المؤسسات وتحديثها وإصلاح ما عطب فيها على مدار سنين يستدعي تضافر جهود الغيارى المخلصين للمحاسبة وتغيير الوعي في مختلف قطاعاتها باتجاه النضج الاجتماعي لإقصاء المشبوهين ومحاسبتهم للوصول للنزاهة وإشاعة روح التكامل بين جميع عناصرها ومكونات ، إضافة إلى السعي للقضاء على الشللية الاحتكارية المفسدة. ذلك ما سيكون تحديا كبيرا يحتاج إلى الدعم والجرأة والشجاعة والإسناد من الساعين إلى إيجاد منظومة إصلاح حقيقي .. ما يفرض العمل على خلق إجماع لإصلاح جدي بعيدا عن المراوغة والخداع وخلط الغث بالسمين والجري وراء الأوهام أو اصطناعها، للانحراف بعيدا عن الهدف .
الجميع مطالبون اليوم بتحمل المسؤولية تجاه أي إصلاح أو أي تغيير مؤسسي بدون مغالاة في الغبطة أو التشاؤم،لان السلوك الموضوعي المتزن مع الواقع وقضاياه ومستجداته مدخلنا لإدراك متطلبات الولوج الآمن والمتدرج والمنظم للمجتمع والدولة بعيداً عن ضيق الأفق ومصادرة حق الآخر في الرأي والشراكة والإبداع.
لا شك بأن الفاؤل الموضوعي المتعقل يمثل طاقة ضرورية للتغيير وأساساً قوياً للتحول الإيجابي واستدراك المعايير والضوابط التي ينبغي حضورها في كل مؤسسة من مؤسسات الدولة .. للعمل باتساق تام وتكامل منظم في خدمة المجتمع، لأن أداء الواجب الوظيفي يجب أن يكون تحت المراقبة والمحاسبة الدائمة حتى تستعيد مؤسساتنا الوطنية عافيتها ودورها الاجتماعي.
بعيدا عن النهب والسلب والاستحواذ على القرارات والمقدرات .
إن الخطوات التي لمسناها وان كانت غير كافية تجعلني متفائلاً لأن ثمة تحولاً اجتماعياً تجاه العمل المؤسسي مبشراً بمراقبة اجتماعية للمؤسسات الوطنية .. وإن كان خجولا ومتواضعاً لكنه يعتبر تحسناً ملحوظاً، بالرغم من كثرة العوامل التي أسهمت في تغييب المجتمع عن متابعة أداء المؤسسات باعتباره صاحب المصلحة الأولى فيها والمتضرر الأوحد من العبث والفساد .. لكن المواطن الأردني امتلك وعيا وثقافة مكنته من التحدث بصوت عال حيال أية قضية من قضايا الوطن .
إن المتغيرات الإقليمية تخدم تنامي التغيير والتحول الإصلاحي والتنموي والمؤسسي ، بل وتدفع بقوة وقدرة لإنجاحه رغم بعض الإعاقات التي ترسبت بفعل المراحل والأحداث، والأهم في الأمر إننا يجب أن نتفاءل حيال المكاسب التي ننتزعها بين الحين والآخر من بين مخالب الفاسدين والعازفين على أوتاره .
لن نتشاءم مهما تعثرت خطانا، لأن التحول نحو الإصلاح ديمقراطياً واجتماعياً وتنموياً وإدارياً يحمل معه الكثير من المتاعب والمعاناة وما علينا إلا العمل والمصابرة ، فأولئك الذين ضاقت أنفسهم بالآخر نقول لهم أن الزمن تجاوزهم ، وسيسقطون تباعا وما البقاء إلا للأصلح .. لذلك يجب أن ندعو للتفاؤل لتبدأ تباشيره تلوح في الأفق القريب وليس كما يعتقد البعض فالله مولانا ، وناصرنا والأردن الجديد خاليا من تراكمات الماضي آت لا محالة .. بعيدا عن الفساد والمفسدين والمضطربين والمتشبثين بزمانهم غير آبهين سوى بالسطو على مقدرات الوطن ومكتسباته .
حمى الله الأردن باقيا دوما يزخر ويزهو بالنشامى الغيارى المحبين والمخلصين وستبقى البيارق هاشميه بقيادتها بأذن الله وسيبقى الوطن مرفوع الراية كما هم أبنائه...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات