حديث في مقاطعة الأنتخابات


بادرت جماعة الأخوان المسلمين بإعلان مقاطعة الأنتخابات النيابية القادمة لأسباب تتعلق بالعودة الى قانون الصوت الواحد على حد تصريح زكي بني ارشيد الذي أكد أن القانون الحالي هو قانون متخلف ورجعي ! ودعا الى تشكيل حكومة ظل مع القوى السياسية التي تتوافق وموقف الحركه ، وقد تبادر الى ذهني عدد من الحقائق و الملاحظات أود الأشارة اليها هنا والتي يمكن تناولها بالنقاط التالية :
اولا : هل كان قرارمقاطعة الأنتخابات النيابية مبنيا على تفاهمات داخلية واستشارات القواعد الحزبية للحركه وخاصة منهم اولئك " الحردانين " الذين مورست بحقهم سياسة الاقصاء والتهميش ، أم ان الأمر مناط بالمكتب التنفيذي الذي يحكم السيطرة عليه مجموعة التيار الحمساوي الذين فاوضوا حكومة سابقة وقدموا كل التنازلات حيال التعديلات الدستورية والملكية الدستورية والتضحية بالحراك الشعبي ، مقابل تسهيل عودة حركة حماس الى البلاد ، وهذا ما جرى أصلا بعد أن تلقوا وعدا من الخصاونه للإستجابة الى عدد من مطالبهم التي سرعان ما تبخرت برحيل الرجل ، فعاد الأخوان الى الشارع وبادوات جديده تمكنهم من السطوة على المخيمات والحراك الشعبي لرفد برامجهم وزيادة الضغط على الحكومة للإستجابة لمطالبهم .
ثانيا : هل مقاطعة الأنتخابات هو القرار الصحيح والنهائي واللاعودة عنه لأنه لم يستجيب لمطالب الحركة بزيادة عدد مقاعد مجلس النواب على القائمة النسبية " الوطنية " الى 25 مقعدا ، من أجل ان تستحوذ عليها الحركه وتستثني منها غالبية ابناء المحافظات ! إذ سبق للحركة ان رفضت القائمة النسبية التي منحت تمثيلا عادلا لكل المحافظات مع منح محافظات عمان واربد والزرقاء مقاعد إضافية ، فكيف لنا ان نقنع أن المقاطعة تتعلق بموقف وطني حريص على إخراج البلاد من أزمتها ، وهي بنفس الوقت تمارس تهميشا وإقصاءا لفئة كبيرة من الشعب ولا ترغب بوجودهم داخل المجلس ، والامر واضح حول مكاسب وغنائم تسعى الحركة للحصول عليها بعد ان " تفرعنت " جراء الانتصارات التي حققها الاسلاميون في عدد من الدول ، فأعتقدت واهمة أن الظروف متاحة لنقل التجارب هناك الى الأردن ، وهو الأمر الصعب ، بل المستحيل ، إذ يمكن القول أن إخوان مصر أو المغرب أو تونس نجحوا هناك وانتصروا لأنهم يحبون بلادهم ويعملون من أجلها ، على عكس ما يحمله التيار المتشدد او الحمساوي او الصقور تجاه الأردن وشعبه !!
ثالثا : وفي حالة العمل بمقاطعة الأنتخابات ، ألا تتحمل الحركة مسئولية أخلاقية ووطنية في السماح بتكرار نسخة المجلس الحالي بصورته المؤلمه المقيتة !! وبأعتقادي لو أن الحركة شاركت في انتخابات عام 2010 لما وصل الأمر الى الحالة التي شهدها المجلس وتأثيرات قراراته وتوجهاته التي منحت كل الفاسدين اذونات البراءة ، وشرّعت بيع الثروات ونهبها وسعت لتحقيق مكاسب شخصية على حساب ظروف الوطن وأزمته الصعبه ، ولأمكن التحالف مع عدد من النواب الحاليين الذين تمايزوا في برامجهم الوطنية ودعواهم الى الأصلاح والحفاظ على الوطن ، ولأمكن انقاذ ما يمكن انقاذه ، لكن شهوة السلطة والتهميش والتفرد والتغريد خارج السرب هي التي تدفع الحركة دوما لحسابات المكاسب والغنائم على حساب مصلحة الوطن ، والاتفاقيات غير المعلنه مع حكومة الخصاونه تثيت إدعاءاتنا نحوهم .
رابعا : لن يُكتب لدعوة المقاطعة التي تنتهجا الحركة ومن قد يشاركها في القرار نجاح أكيد ، بل سيندفع الناس وفي مختلف المحافظات والمخيمات الى المشاركة وبفعالية على غرار الانتخابات السابقة إن لم يكن اكثر ، وذلك لأن الناس وفي المحافظات تحديدا أدركت ان الحركة الاسلامية لا تحمل اية اجندة أردنية خالصة ، وان ألاردن ليس سوى أرض رباط وحشد ووطن بديل يجري التنسيق بخصوصه مع تيارات الفساد واصحاب الحقوق المنقوصه ،إذ لازالت الحركة ترفض الاعتراف بفك العلاقة مع الضفه ، ولم تدعو الى وقف التجنيس اورفض سياسة التوطين التي تتفق مع بعض التيارات العاملة على هذا البرنامج ، وحتى في مجالات معاناة الناس وهمومها الاجتماعية والأقتصادية فقد تجاهلت الحركة مطالب الشعب الأردني الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفساد والرد على من شتموا وقللوا من قدر الأردنيين ، ولم يطالبوا حتى اللحظة بمراجعة برامج الخصخصة وتصويب معادلتها ، وحتى في مخيمات الأردن ، حيث تعتقد الحركة أن قوتها تكمن هناك ، فقد أعلن وجهاء وأبناء ونواب يمثلون تلك المواقع رفضهم لسياسة امتطاء الظهر التي تمارسها الحركة الأسلامية وتستقوي بها في مواجهة الدولة من أجل اجندة خاصة ،وحتى على مستوى داخلي تم الكشف عنه ، فقد مارس التيار المحكم قبضته على الجماعه أو ما يعرف بالتيار الحمساوي دورا إقصائيا بحق حتى ابناء الحركة ورموزهم الوطنية التاريخية الى الحد الذي كادت أن تتفجر فيه الأوضاع الداخلية لولا مرونة ووعي تلك القيادات المهمشه ووعود الإقصائيين بتعديل تلك الخروقات ، ولا أخال ان اولئك " المهمشين " يوافقون التيار الحمساوي موقفه من الانتخابات حتى اللحظه .
خامسا : ان مقاطعة الأنتخابات سيبقي البلاد رهينة المعارضة في الشارع واستمرار الفوضى والتسيب الأمني والاجتماعي ، واستمرار مشاريع بيع ونهب الثروات ومنح العطاءات العشوائية الضارة لدول وشركات اجنبية ، وسيرافقها اتساع مظاهر الخلل الأمني والبلطجة ودخول الأجندة الخارجية واستكمال عملية الخصخصة والتوطين في ظل غياب واضح للقوى الفاعلة ولا يستبعد في ظل المقاطعة أن يعود أركان حرب الخصخصة والفساد الى مواقعهم في ظل مجلس يخلو من الأحزاب و, وخاصة في ظل الحديث عن ضغوطات تمارس على الأردن من قبل دول وشخصيات " خليجية "تضغط بأتجاه عودتهم الى الواجه ، فالمقاطعة لن تنفع سوى اولئك النفر من الفاسدين الذين حالت الظروف الحالية دون عودتهم الى الواجهة ،وسيجدون في المجلس القادم المفرغ من الأحزاب والقوى فرصتهم للعوده طالما أن الأمر يتعلق بمزايا ومكاسب إضافية يحصل عليها المجلس القادم ، وعلينا تجاوز كل الملاحظات على قانون الأنتخاب لو كنا نهتم بمحاربة كل تلك البرامج الضارة في البلاد ، وحتى لو كان معدوا القانون يميلون لمقاطعة الحركة الأسلامية وإبعادها عن المجلس لوقت تستكمل فيه بقية مشاريع التصفية ، فأن على الحركة الوقوف الى جانب الوطن وإثبات إنتماءها للوطن والشعب ، والحيلولة دون تمكين اولئك الناس من التفرد واللعب وتخريب الاوطان ، فما جرى داخل المجلس مؤخرا ما هو إلا صورة من صور رغبة ذلك التيار في ضرب وتحطيم نفسية المواطن وإبعاده عن هموم الوطن وتحدياته وتشكيل عقدة " نفسية تحارب الوطن ومؤسساته ، لتخلو لهم الأجواء ويستفردون بحكمه والتحكم بثرواته ، فهل انتم راضون عن أداء هذا المجلس وما آلت اليه حال البلاد في عهده ! أم أن الواجب يفرض الدخول الى المجلس وإعادة الهيبة والأحترام له وطرد اولئك النفر وإعادتهم الى حيث ينتمون قبل أن يستكملوا تدمير الوطن ونشر مفاسدهم .
الدعوة لمقاطعة الانتخابات دعوة عدمية ، و لايمكن لحزب وطني يسعى لإخراج البلاد من أزمتها أن يدعو بها مالم يكن لديه اجندة تفوق مصالح الوطن ، ويمكن لأحزاب المقاطعة أن تأخذ على نفسها قليلا ، فلايوجد قانون في العالم يرضي الجميع ، ولا يمكن ان يحظى بتوافق شعبي وحزبي ، لكن الانتخابات هي العجلة التي علينا دفعها للخروج من الأزمة حتى لو كانت تلك العجلة مصابة ببعض العطب ، والانتقال ولو بكل ملاحظاتنا على القانون الى استكمال عملية الاصلاح من داخل المجلس وخارجه وعلى رأسها القانون نفسه ، وعلينا أن نجرب العمل ضمن المؤسسات المتاحة ونبتعد قليلا عن الشارع الذي لم نفلح في تحقيق أي نتائج ايجابية كبرى من خلاله ، فلا الشعارات ولا السقوف العالية ولا كل الوان الحراك حققت شيئا ، فالدعوة للمقاطعة تعني أن تعيش في الظلام بالرغم من توفر الشمعة ...



تعليقات القراء

احمد كريشان
كل ماذكرته بخصوص الجماعه صحيح ، اذا كانوا ما ارتاحوا لبعضهم ، فهل سيرتاحوا لبناء الوطن ن وغدا قد يشاركون ويديروا ظهرهم للحراك ولكل الشعب مقابل مقعد أو مقعدين
20-06-2012 07:26 PM
عادل صمادي
التهديد بالمقاطعه سلاح يستخدمه الأخوان للحصول على مكاسب ، وانا اتفق مع الكاتب خير من ان تلعن الظلام اشعل شمعه ، غياب البعض عن الساحه كان سبب في ظهور الاشكال التي.....في المجلس
20-06-2012 07:36 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات