إذا كان ركوب الحمير حلّا فإنّ امتطاء الجِحاش حلولا


وبعد كلّ قرار تتخذه الحكومات المتعاقبة في رفع سلعة ما، يلجأ المواطنون إلى ابتكار حلول التفافية إبداعية فريدة من نوعها، تتسم أحيانا بالمسحة الكلاسيكية والعودة إلى الأيام الخوالي؛ فبدلا من صوبات الغاز والكاز مثلا، لجأ بعضنا إلى استعمال( الجلّة) في مواقيد خاصة، كما قام البعض الآخر بغزو ثرواتنا الطبيعية من الغابات الحرجية، وأخذ بها قطعا وبترا واجتثاثا طلبا للدفء شتاء.
وبعد أن رفع بنزين أوكتان 95 أخيرا في عهد هذه الحكومة، تم طرح البديل من قبل أحد الزملاء الكتاب في العودة إلى ركوب الحمير. وبعد رفع بنزين أوكتان 90 سيلجأ المواطنون إلى امتطاء صهوة الجحاش والكرار، بعد أن أصرت الحكومة على ذات النمط من الحلول الاقتصادية والمالية وذلك بهرولتها سريعا صوب جيب المواطن؛ ولكن ليتها رفعت دون إبداء الأسباب والأعذار، فقد كان العذر الذي ساقته ............... ( حجة الحكومة في رفع الاسعار هو للحد من عمليات الغش التي بات بعض أصحاب محطات البنزين يمارسها وذلك من خلال خلط بنزين اوكتان 95 مع اوكتان 90. موقع سرايا). إن عمليات الغش ما هي إلا ردود فعل اكتسبها اللصوص الصغار من الحيتان الكبار. أين أجهزتكم الرقابية؟ هل ما تزال في سباتها؟ أين كوادركم التفتيشية؟ هل ما يزالون يفترشون المكاتب المكندشة، والكراسي الفرّارة؟ ماهذه الحلول الاستبقائية التي أتحفتمونا بها؟
على هذا النمط من التفكير، ارفعوا الغاز الآن قبل أن تخلطه المحطات بالكاز أو العكس غدا. ارفعوا سعر الكاكا قبل أن يخلطها الباعة بالبندورة. ارفعوا سعر تبن القمح( أوكتان 90) قبل أن يخلطه المزارعون بتبن الكرسنة والقطانة.( أوكتان 95)
إن لسان حال المواطن الأردني الذي أنهكتموه يقول لكم: اختصروا الشرّ.
وإليكم هذه الحسبة الساذجة؛ لو اقتطعتم من جيوب سكان لواء الكورة، مثلا والذي يربو عددهم على 127000 نسمة تقريبا، دينارا واحدا، فإنّ كل ما ستجمعونه لن يعادل جناح بعوضة في سدّ جزء من العجز المالي الذي نعاني منه. هذا المبلغ لا يعادل جناح ناموسة ولا هسهسة مع الرواتب الخيالية التي تنساب آمنة مطمئنة في جيوب وأرصدة الأفذاذ في الهيئات المستقلة الستين وأشباهها. هذا المبلغ يتوارى خجلا أمام رواتب وامتيازات وتسهيلات أصحاب المعالي والسعادة وأمثالهم. هذا المبلغ قد لا يسعفه الحظ بشراء سيارة واحدة فقط من كراج سيارة متنفذ أو مرتش. هذا المبلغ البسيط لا يملأ زاوية في بطن أجرب من البطون الجرب التي أفقرت البلد وأوصلته إلى ما هو عليه.
هذا المبلغ هو صفر واقعي في رصيد سرسري واحد من سراسرة هذا البلد.
بالمقابل، ألسنا نحن المواطنين من نزيد الطين بلة؟ فإذا ارتفع سعر سلعة ما فإننا نقوم بالإقبال عليها بشراهة؛ فما إن ارتفع سعر القهوة مثلا، حتى أصبحنا بين ليلة وضحاها مدمنين على شربها؛ في الشارع والسيارة والأكشاك التي تنتشر "على مدّ عينك والنظر". لاحظوا التوافد الخانق على محطات البنزين عند سماع نية الحكومة على رفع سعره. تابعوا الشغف المنقطع النظير للبندورة عند شحّ وجودها وارتفاع سعرها. حتى( الجعابير) إذا شممنا خبرا في ارتفاع ثمنها، فسنقبل على شرائها، متذاكرين فوائدها ومزاياها. فمتى سنقلب طرفي هذه المعادلة!!!
هناك من يجرّ البلد إلى الهاوية- لا سمح الله ولا قدّر-: الصهاينة أزالوا الألغام، ويتدربون على عبور نهر الأردن. والخلايا النائمة تنتظر ساعة صفر يرتقبونها، والسفارات الغربية على أرضنا معنية بالشأن المحلي من حيث اجتماعات موظفيها مع بعض رموز الحراك. ولا غرابة أن يحل علينا برنار ليفي ضيفا كما حل في تونس ومصر. وآخرون يوقدون نارا تحت الرماد، ويذرعون المملكة في كافة الأرجاء، ومسؤولون يستفزون المواطن بكرامته ووصفه مرة بالحمير وأخرى بالحثالة، ومسؤولون يستفزون المواطن أيضا بقرارات وإجراءات يراها تقصم ظهره وتطفئ أي بارقة أمل في الإصلاح الذي ينشده جلالة الملك والخيرين من أبناء هذا البلد.
الأردن درّة نفيسة، وليس سلعة في سوق نخاسة المرتزقين.



تعليقات القراء

كمران
...
رد من المحرر:
نعتذر...
13-06-2012 08:36 PM
علي
أمانة الله هذا عنوان مقال أو مقال
14-06-2012 07:26 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات