المغتربون الأردنيون والانتخابات النيابية


فأبناؤنا المقيمون خارج المملكة سواء للعمل أم للدراسة أم لغيرها, أردنيون لهم الحق في مباشرة حقوقهم السياسية كباقي حقوقهم المنصوص عليها في الدستور دون تمييز مع أخوتهم الأردنيين المقيمين في المملكة وأن ممارسة جميع الأردنيين لهذه الحقوق هي من المسلمات وغير قابلة للاجتهاد أو التأويل أو التفسير.
وإن من بين تلك الحقوق حق الانتخاب وحق الترشح للانتخابات النيابية وهذا الحق يستند إلى أحكام الدستور وليس منحة أو صدقة.
وبمناسبة شروع مجلس النواب في مناقشة مشروع قانون الانتخاب واجتماع جلالة الملك بأعضائه في هذا اليوم, يتبين أنه لم يتضمن أي نص واضح يشير إلى حق الأردنيين المقيمين خارج المملكة من المشاركة في الانتخابات, وبتقديري فإن ذلك يشكل قصوراً واعتداء على هذ الحق الدستوري ويتعين أن ينص عليه بالقانون في نصوص آمرة وواضحة وصريحة تجيز لأي أردني يتواجد خارج المملكة في يوم الانتخاب أن يمارس حقه من خلال بعثاتنا الديبلوماسية بالدول التي يقيم فيها والتي لديها والحمدلله الوقت والفراغين الكبيرين؟.
ولتحقيق ذلك فإنه يتحتم على الجهات الإشرافية والرقابية على الانتخابات أن تتولى إصدار واتخاذ القرارات المناسبة لتمكين هؤلاء من ممارسة هذا الحق, مما يوسع قاعدة المشاركة في الانتخابات, إذا كلما توسعت قاعدة المشاركة في الانتخابات النيابية والتي يتوجب أن تستند إلى قانون عصري بعيداً عن الهوى والغرض ينال قبول ومباركة غالبية الأردنيين ويطبق بكفاءة ونزاهة وعدالة, فإن ذلك سيساهم في عملية الإصلاح والتحديث في المملكة على كافة الصعد والذي ستكون مخرجاته إفراز مجلس نيابي كفؤ ومؤهل وبعيداً عن الهوى والمؤثرات, ليقوم بواجبه التشريعي والرقابي بكفاءة وبقوة واقتدار ولا يرد القول أنه بإمكان الأردنيين المقيمين في الخارج الحضور للمملكة للتصويت في يوم الانتخاب, فهذا القول في حال الأخذ به يعتبر قيداً ومانعاً مقصوداً ومتعمداً من عدم مشاركة هؤلاء في الانتخابات, إذ لا يعقل أن يطلب من مواطن يقيم في الاغتراب أن يترك عمله ويتكبد نفقات ومصاريف للحضور للإدلاء بصوته, وهذا الطلب هو تعجيزي وغير قابل للتطبيق ومرفوض جملة وتفصيلاً.
إن من بين واجبات الحكومة إجراء انتخابات نيابية بموجب قانون انتخاب دستوري وعصري يشارك من خلاله وبه جميع الأردنيين الذين تنطبق عليهم الشروط الواجب توافرها بالناخب أينما كانوا وأن يتم ذلك ببساطة ويسر وسهولة بعيداً عن الكلفة أو المشقة, وهذا المطلب هو من البديهيات ولا حاجة لتذكير مجلس النواب به, حيث أن غالبية دول العالم يشارك بانتخاباتها التشريعية جميع أبنائها الذين لهم حق الانتخاب, سواء أكانوا مقيمين بداخلها أم بخارجها وتعمل على توفير جميع الوسائل والمتطلبات لممارسة هذا الحق في الدول التي يقيمون مواطنيها فيها وذلك من خلال بعثاتها الدبلوماسية والتي تعتبر امتداداً لأرض الوطن وسيادته وخير مثال على ذلك ما نشهده حالياً في انتخابات رئيس جمهورية مصر العربية والتي فتحت الصناديق للمصريين في جميع أنحاء العالم للمشاركة في هذا الحق, وكنت أتمنى قبل أن تشرع اللجنة القانونية في مناقشة مشروع قانون الانتخاب أن تطلب من وزارة الخارجية تزويدها بأعداد الأردنيين المقيمين خارج المملكة وممن يحق لهم المشاركة في الانتخابات النيابية للتوصل إلى تصور في هذا الخصوص, وبتقديري فإن هذا العدد سيكون كبيراً وفي حال مشاركة هؤلاء بالانتخابات النيابية, فإن أصواتهم ستؤثر بنتيجة الانتخاب بما سيصب ذلك في مصلحة البلد, لكون هذه الفئة هي من الفئات المثقفة والواعية والحريصة على الأردن والتي ساهمت وتساهم في بنائه بدمها وعرقها ومعاناتها ومحبتها له وستكون أصواتهم نقية وطاهرة ونظيفة بعيدة عن المؤثرات والتأثيرات التي تعبث بإرادة الناخبين في صندوق الانتخاب, وستكون مؤثرة بنتيجة الانتخاب ومخرجاته وإنني أطالب الجميع بأن يعمل على إقناع مجلس النواب بإشراك أبنائنا بالخارج في الانتخابات النيابية وممارستهم لهذا الحق من خلال بعثاتنا الديبلوماسية في الخارج, ولا أن يبقوا مهمشين ومغيبين كما كان ذلك في قوانين الانتخاب الحالية والسابقة.
وأخيراً فيمكن القول إن قانون الانتخاب هو الأساس لعملية الإصلاح بمفهومها الشامل وله دور وقائي وعلاجي في معالجة المشاكل التي يواجهها الوطن وأبناؤه, مما يتعين أن يكون عادلاً وشاملاً ومنصفاً لجميع مكونات المجتمع الأردني وأن تكون غايته خدمة الوطن وأبنائه ويتم تطبيقه بنزاهة وعدالة, ويبقى صالحاً لمدة معقولة لا أن تناله يد التعديل قبل أن يجف مداده كما هو الحال بالنسبة لعدد من القوانين التي تم تعديلها و/أو إلغاؤها قبل جفاف مدادها, وأن نتذكر دائماً أن الإشخاص زائلون والوطن باقٍ وسيبقى وطننا بإذن الله قوياً ومهاباً ومحصناً بأبنائه بوحدتهم واتحادهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات