مصر بين العلقم والمر


لم تنجح الثورة المصرية بالتعبير الحقيقي عن مشعلي الثورة في الانتخابات المصرية ، فالمرحلة الأولى من الإنتخابات أفضت إلى صعود كل من محمد مرسي مرشح الإخوان وأحمد شفيق أحد أركان النظام السابق وكليهما لم يعبرا عن مكونات الثورة الحقيقية فلذلك يعتقد البعض ان من أسباب فشل الثورة أنها لم تمثل تمثيلا حقيقيا عن الافراد والجهات التي اشعلت الثورة ، فالإخوان لم يعترفوا بدورهم في الثورة في بدايتها كذلك السلفيين والكثير من الأحزاب والجماعات، فالثورة عبرت عن الضغط الجماهيري والكبت السياسي التي عانت منه مصر والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية على مدار أربعون عاماً بالإضافة الى انه بعد انتهاء الثورة بقيت مكونات النظام السابق بكاملها دون رأس النظام وبعض أركانه الرئيسية ولا اعتقد أن هذا يعيب الثورة إلا أنه كان يجب العمل على تغيير الدستور بما يكفل وجود التغيير الحقيقي ، وإنجاح الثورة يظهر بتغير معالم الحكم والسياسة في البلد صانعة الثورة فلذلك لم تنجح الثورة نجاحاً يؤهلها للتغير الحقيقي والجذري ، إن المتوقع من الجولة الثانية للانتخابات وبدون التفكير العاطفي واعطاء الفرصة للتفكير الموضوعي هو احتمالية فوز أحمد شفيق وذلك لعدد من الاسباب أولها عدم وجود برنامج حقيقي وتطبيقي للإخوان المسلمين لتسيير امور الدولة المصرية فكثيراُ ما تسمع بالدولة الاسلامية التي يطالب بها الإخوان المسلمين وعلى أرض الواقع لا يوجد تطبيق أو خطة تطبيقية لذلك ، بالإضافة الى العامل الإقتصادي فالإقتصاد المصري خرج من الثورة يبحث عن الإستقرار السياسي فلديه ما يعانيه من بطالة وفقر وتدني الإنتاجية وتراجع السياحة والتصدير فالديموقراطية في دول العالم الثالث ترجح إختيار العلقم لتجنب المر فالديموقراطية في دول لا يكاد أفراده يجدون أساسيات الحياة فهو سيختار من عرفه من تجارب سابقة أو من يضمن الإستقرار أو من يحسن وضعه المعيشي ، وثالثا قد يسعى الناخب الى البحث عن الإستقرار السياسي ومن خلال التوازن بين السلطة التشريعية والتي هي بيد الإخوان المسلمين والسلفيين وبين السلطة التنفيذية التي قد يتولاها أحمد شفيق أحد النظام السابق أو بالأحرى بكونه يمثل الجيش و الذي هو الجهة السيادية حاليا في النظام المصري والتي يدين لها الشعب المصري بالولاء والشكر لحمايته الثورة ، والمتبع للإعلام المصري في الشهور السابقة وجد ماكنة إعلامية استهدفت الإخوان المسلمين والسلفيين مع ترسيخ فكرة التجربة الفلسطينية لدى المواطن المصري ،بالإضافة الى أن مشاركة الناخبين في المرحلة الاولى لم تكن كبيرة كما أن الإخوان استنفذوا حشدهم الكبير ولم يحدثوا فارقا ملحوظا ، وإن الملاحظ ان التكتلات والدعم من المرشحين الخاسرين وناخبيهم معظمها تتجه الى شفيق ، على أي حال إن الأيام القادمة كفيلة بتوضيح المشهد الإنتخابي وما ستؤول إليه الإنتخابات المصرية ويتضح الرئيس القادم وإن فاز مرسي أو شفيق ستكون النتيجة مرضية للطرفين لأن الجميع أحتكموا الى صناديق الإقتراع وسيتقبلوا النتائج مهما كانت ، لأن الإستقرار السياسي بقيادة مرسي أو شفيق ستحرك عجلة الحياة الى الامام و سيظل تداول السلطة هو الدافع ايضا الى الإستقرار وستبقى الأربع سنوات إختبارية الى حين الانتخابات القادمة و حتى لا تقع مصر الشقيقة في حالة من العنف يجب على المفكرين والسياسيين ورجال الدين الدعوة إلى التآلف ونبذ الخلافات والإحتكام الى القانون وصناديق الإقتراع وتجنب الفتن ما ظهر منها وما بطن ، لتبقى مصر صاحبة الرسالة القومية والإسلامية في المنطقة، وأخيرا إن دور مصر التاريخي في القضية الفلسطينية لا حدود له فقدمت آلاف الشهداء والجرحى ودعمتها بالمال والرجال والقرارات السياسية إلا اني أتحفظ على الرهانات القادمة في أي فائز من المرشحيَّن فأعباء مصر أكبر في المرحلة الحالية من القضايا الخارجية مهما كان تأثيرها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات