نصائح لطلبة الطب في الجامعة الهاشمية


الحمد لله، والصّلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الأمين،
أيها الأبناء خريجي الفوج الأوّل من طلبة كليّة الطبّ،
أيها السيدات والسادة النجب،
الزملاء والزميلات أعضاء هيئة التدريس،
أيها الجمع الأكرم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أمّا بعد،
فما أجمل أن يلتقي المرء في يوم كهذا بكوكبة من الأعزّاء يتطلعون إلى مستقبل وضاء، سيعلون فيه الصّروح، ويسيرون في سبل الخير، لتحقيق أمجاد قصّر عن تحقيقها آخرون. ونحن إذ نفتخر بان نجد فيكم أصحاب العزائم توجيهاً وتدريساً وتعليماً وصقلاً للمواهب وشحذاً للهمم، لأنكم من معشر أولي علم وخلق، لنذكركم بأن الحياة الجامعية بكل مفرداتها أشمل من درس وامتحان، بل هي مجال واسع لصقل الشخصية وتطويرها، يعيش الطلبة فيها واقعا حلوا ومرا، وأوقاتا عسيرة ويسيرة، وأياما مدبرة ومقبلة، فلا تظنوا أن للعلم والعمل والعطاء حدوداً. قال صلىّ الله عليه وسلم " لا يزال الرجل عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل".
أيها الجمع الأكرم،
إنه ليشرفني أن أرحب بكم أجمل ترحيب، باسمي وباسم جميع منتسبي كلية الطب، ونحن نشهد في حفل التخريج البهيج هذا أبنائنا وبناتنا وهم يؤدون القسم الطبي، ولا يسعني إلا أن أتقدم بخالص التهنئة لكم جميعا بهذه الكوكبة المشرقة من الأطباء من أبنائنا الأعزاء مهجة قلوبنا وفلذات أكبادنا الذين نقدر لهم تعبهم وسهرهم وتفانيهم طيلة تلك السنوات الست بأيامها ولياليها من اجل تعلم هذه المهنة الإنسانية المقدسة.
وها هو ذا حفلنا اليوم يزداد شرفاً والأردن يحتفل بالذكرى السادسة والستين لاستقلاله؛ فحفل تخريجكم في هذا الموسم، أبنائي الأطباء، له تميّز واضح بتزامنه مع هذه المناسبة الوطنية الجليلة التي يقدرها كل أردني وأردنية.

أيّتها الأمهات، أيها الآباء،
إنّنا فرحون معكم بتخريج الفوج الأول من طلبة كلية الطب، فقد كنتم معهم حين قُبِلوا، وحين درسوا، وحين بحثوا، وحين خفقت قلوبكم شوقاً إليهم إن تأخّروا، وأراكم تسكبون الدّموع ترحيباً وابتهاجاً بهذا المشهد الّذين تروْن فيه أبناءكم وحبّات عيونكم يحملون شهاداتهم بأيمانهم، وقد أصبحوا أطباء، فحُقّ لكم أنْ تفرحوا بما صبرتم من أجله، وقاسيتم له سنوات طويلة، وأحسب أنّهم سيبادلونكم الصّبر بالبّر، والمقاساة بالإسعاد ومزيد من النّجاح.

أبنائي الأطّباء الخرّيجون،
إنّي سألقي عليكم كلمات آملاً أن لا تفرطوا بها أبداً، فحديثي إليكم اليوم حديث الأب، وهي رؤىً ووصايا آثرت أن أسمعكم إيّاها في يوم بهجتكم، فلقد عشتم فينا ستّ سنين، وها نحن نلقيها إليكم بالمودّة الخالصة.

أولاً: خير ما نستهلُّ به النصح أن تجعلوا تعظيم الخالق عز وجل همّكم
الأوّل، فلا ترضوا أحداً في سخطه، ولا تجاملوا على حساب ما ترون، واعلموا أنّ الإنسان هو مستودع سرّ الله، وتتجلّى عظمته تعالى في خلقه.
ثانياً: لمّا كنتم النّخبة والصّفوة، فإنّ عليكم أن تكونوا قادة الرّأي وسادة
الفكر، فعليكم بإعمال عقولكم، ولا تأخذوا العلم إلاّ مع دليله، فمع تفوّقكم في علومكم وتشخيص مرضاكم، ينبغي أن يكون كلّ واحد منكم مبدعاً في قضايا الفكر والثّقافة، فإنْ فعلتم، كنتم صدور مجالس العلم والفكر، ولا بدّ من التّنبيه على أنّ عليكم تعظيم ذواتكم، فكونوا بعلومكم أعزّة شامخين، وإيّاكم والانحدار إلى مهاوي السقوط، وهذا لا يكون إلاّ بحفظ معارفكم بالعزّة والأنفة.

ثالثاً: ليكن لكم رأي في شؤون الأمّة، فأنتم البناة ورافعو الصّروح، فهذه الأمة أسدت إليكم كل كريمه، أفليس من حقها أن تردوّا إحسانها بالإحسان، فانتم سترتحلون وستلقون من لم يعرف عنّا شيئاً، فانصحوا هؤلاء الناس بالحجج والمنطق، وإن المعوّل عليكم في رد التهم وتفنيد ودحض الترهّات عنها وعن رجالها الصالحين، لتظل كغيرها من أمم العالم المتقدم أنموذجاً لكل فضيلة وخُلق.
رابعاً: وأرى أنّ ترفعوا شأنكم بالنّظر في لغتكم العربّية، لغة أصحاب الجنة،
فإنّكم إنْ أحسنتم إليها فلن تضلّوا، فهي عزّكم وفخركم.
خامساً: وأرى أن تجهدوا أنفسكم في مكافأة آبائكم وأمّهاتكم، الّذين أفنوا كلّ عزيز لديهم حتّى بلغتم هذه المنزلة، والزموا رضاهم، بالعزائم المتعالية، والهمم الوثّابة.

سادساً: صلوا أساتذتكم بكريم السّؤال عنهم، وشاوروهم فيما ينوبكم، وعودوا إليهم في تأصيل علومكم، وإنّ أعظم هدّية يقدّمها أحدكم إلينا أن نراكم في أرفع المواقع وأن تذكرونا بخير.

سابعاً: كونوا أمناء على مرضاكم، فانتم مستودع سرائرهم ومكنوناتهم، وأنزلوا الناس منازلهم، كأنهم إخوانكم.

ثامناً: وألقوا إلى مرضاكم بالمودة والرحمة وعاملوهم معاملة إنسانية لا تتأثر بالموروث المادي وقيم اليوم المادية التي جعلت من كل شيء سلعة تباع وتشترى.

تاسعاً: وإياكم أن تقربوا الفاحشة، واذهنوا قول السوء وفعله، واجعلوا بينكم وبين الفساد والمفسدين أمدا بعيداً، ولا تفسدوا في الأرض، واذهنوا فساد النفس فإنه من عمل الشيطان، وارضوا بالقليل؛ فتجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، ولا تلبسوا الحق بالباطل ، ولا تقولوا كذباً، واجتنبوه، وإذا خاطبكم الجاهلون قولوا " سلاماً"، وكونوا حكماء ( لا مجرد أطباء )، وادفعوا بالتي هي أحسن، وكونوا وقافين عند حدود الحق، ولا تكونوا خوانين، وقولوا للناس حسنى، وكونوا من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، وكونوا فعالين لعمل الخير، وتفانوا في إسداء النصح وصادق القول، ولا تغشوا؛ فمن غشنا فإنه عدو لنا وليس منا، واحذروا أن يؤتين من قبلكم، واجتنبوا الحرام، و أرضوا للناس ما ترضونه لأهليكم، وخالطوهم بخلق حسن، ولا تشيعوا قول الزور، وجالسوا أولي العزم من أهل العلم و أقروا لهم بفضلهم ولا تنكروه، وأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر فإن ذلك من عزم الأمور.

أيّتها الأمهات، أيها الآباء،
من ثنايا الوعد بالعطاء الخير ينبت الأمل، ومن مداد الثقة بهذه الأمة وبهذا الوطن ستسطر معاني السمو والكبرياء، ومن هذه الغراس الطيبة ستوقد بأذن الله مشاعل العلم والأيمان، التي يراهن عليها قائدنا وتراهن عليها أمتنا، ونحن معها، فهم الواقع الجميل، والمستقبل الواعد، بكل ما يحمله ذلك من تحديات، فسيروا يا أبنائي على بركة اللّه، وكونوا كما هيّهأناكم للمعالي، فاللّه تعالى يحبّ معالي الأمور.

أيها السادة النجب،
وفي نهاء هذه الكلمة، فإننّي أخص بالشكر كل الّذين قدّموا رؤاهم منذ أن كانت كلّية الطب رسماً على وَرَق، وإلى الزملاء أعضاء الهيئة التدريسية فيها، صفوة الصفوة، المعلمين على الدوام وعقل الأمة وأملها في سرائها وضرائها الذين يسمو العلم بهم والذين يعطون ولا يأخذون، وإلى كل الّذين أسهموا في إنجاح هذا الحفل من أسرة الجامعة يظل الشكر موصولاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أ.د. كمال الدين بني هاني
رئيس الجامعة الهاشمية/عميد كلية الطب



تعليقات القراء

dr.nasr bataineh
you are a great doctor and a vary polite prof. and a calm father have a massage i respect your looking and inspection in good doctors having a wisdom along a doctor job
05-06-2012 11:26 PM
محمد محسن بني هاني
د بني هاني مفخره من مفاخر الاردن .كل الاحترام .
12-06-2012 03:28 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات