امريكا 'الرجل المريض' والمقبل اخطر!


يتساءل البعض بجدية بالغة وهو يتابع الوضع العام الذي تعيشه الولايات المتحدة الامريكية على المسرح الدولي وفي الساحات المختلفة التي تتواجد فيها فيما اذا كانت قد تحولت حقا الى اشبه ما يكون بـ"الرجل المريض"، وهو الوصف الذي اطلق على الامبراطورية العثمانية في سنواتها الاخيرة؟ !

قد يستغرب البعض مثل هذه المقارنة للوهلة الاولى لاسيما اذا ما نظر الى الامر من بعد واحد وهو البعد العسكري، فالدولة الامبراطورية التي نحن بصدد توصيفها بالرجل المريض، هي الدولة الاقوى عسكريا في العالم والاكثر نفوذا والاكثر اشغالا للعالم بحضورها وتأثير هذا الحضور في فعل وانفعال الحدث اليومي ولا احد بقادر او براغب على ان يشكك في ذلك ابدا !
واعرف سلفا بان البعض من المتشبهين بـ"الغالب" والذين غالبا ما تبهرهم الاضواء وبهرجة الصورة وحسابات المادة الطاغية على المشهد العام سوف يستنكرون سلفا مثل هذه الفرضية وسيصفونها بالواهية وانها ليست سوى اضغاث احلام وفي احسن الاحوال ليست سوى رغبات وآمال طوباوية !

لكن كلامي في الواقع وحديثي ليس موجها الى هؤلاء، وانما موجها بالاساس الى اولئك المتابعين والمتتبعين الموضوعيين لما يجري من تحولات حقيقية في موازين القوى العالمية، فالى هؤلاء جميعا اقول :
تعالوا ننظر بواقعية الى ما يجري على الارض وليس على الشاشات البراقة !

فقد دخلت الولايات المتحدة الامريكية منذ واقعة الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) الشهيرة وتبلور ظاهرة المحافظين الجدد الذين ظلوا مسيطرين على صناعة القرار في واشنطن الى حين الانتهاء من عصر بوش الابن، في عدد من الحروب الكبرى التي كان يفترض بها ان تنتهي كما نظر لها احد رموزها وهو فوكوياما الى ما سماه بـ"نهاية التاريخ" اي كما كان يقول العراقيون في اوائل القرن العشرين طبقا لما كان متناقلا بينهم والذي ذهب فيما بعد مذهب المثل: " ماكو ورا عبادان قرية"!

اي ان اقصى ما كان يتوقعه الانسان من تطور للتاريخ قد انجزته الرأسمالية الغربية بصورتها الامريكية وما على شعوب العالم الا ان ترضخ لهذا العنفوان الامريكي المتألق !
بالطبع لابد من ان نبدأ بالمحاسبة من حيث تطور فوكوياما نفسه، فكما هو معروف فانه سحب نظريته في اواخر عهد بوش الابن من التداول ووجهت الى سياساته انتقادات حادة ولاذعة على اكثر من صعيد !

واما الاهم فان الطموح الامبراطوري الذي انطلقت على اساسه قصة الامبراطورية الامريكية باعتبارها "نهاية التاريخ" فهي حروب واشنطن الشهيرة ضد الارهاب وعلى افغانستان وعلى العراق، واخرى بالوكالة خاضتها نيابة عنها قاعدتها المتقدمة اسرائيل في لبنان اولاً وفي غزة ثانياً في الايام الاخيرة من الفترة الانتقالية بين عهدين .

1 ـ في حربها ضد الارهاب استطاعت امريكا ان تنشر "ثقافة" الارهاب في كل انحاء العالم بامتياز بعد ان كانت تقول انه محصور في بلاد المسلمين ونابع منهم فقط !
2 ـ في حربها ضد افغانستان اي ضد طالبان والقاعدة كما ادعت ليس فقط لم تربح واشنطن الحرب ضد هاتين الجماعتين، بل انها اعادتهما الى واجهة افغانستان وجوارها الباكستاني بعد كل تلك السنوات برونق وحيوية ووجه تقدمي لم تكن الحركتان بقادرة على تحقيقه لو صرفت المليارات !

3 ـ في حربها ضد العراق فانها بالاضافة الى صورة الحذاء المعبرة والتي لخصها الصحافي العراقي النبيل منتظر الزيدي وهو يودع بها عصر بوش، فانها واستنادا الى تقارير غربية وعالمية فقد اسست دولة هي الاولى عالميا في الفساد، بالاضافة الى غرق كل سفن المحافظين الجدد واحلامهم الامبراطورية في مستنقع ابوغريب "الديمقراطي" البشع!

4 ـ في الحربين بالوكالة التي شنتهما ضد لبنان وفلسطين فقدت واشنطن ليس فقط ماء وجهها والى الابد كقوة عالمية، بل وانهت المهمة الوظيفية التي من اجلها زرعت اسرائيل في المنطقة !
5 ـ واما جردة الحساب الاهم من وراء كل هذه الحروب العالمية فهي تحويل امريكا الدولة العظمى الى "مجرد جمهورية موز" والتعبير لتوماس فريدمان منظر الحروب الآنفة والتي انقلب عليها في نهاية عهد بوش مثل العديدين من امثاله، بالاضافة الى اغراق البلاد بأكداس من الديون واقتصاد مريض وركود اقتصادي منقطع النظير واعصار مالي عالمي اجبر واشنطن على تأميم كازينو القمار الدولي التي كانت قد فتحتها ادارة بوش الابن ولجأت الى تأميم النظام الرأسمالي الرسمي بطرق باساليب اشتراكية من مخلفات العهد الستالين!

6 ـ اما النتيجة الاهم والتي لا يختلف عليها اثنان عاقلان ثاقبا النظر بان العالم من حول امريكا آخذ في التعامل اليوم مع امريكا على اساس انها دولة مفلسة ينبغي التعامل معها في اطار مؤتمرعالمي مفتوح هدفه كيفية تقاسم هذا الارث الامبراطوري وتدجين عملية تفكيكه واعادة رسم توازن جديد للقوى بما لا يدفع بالاقتصاد العالمي الى الانهيار !

يقول دوغلاس هينوود وهو مدير صحيفة "ليفتنت اوبزرفر" على ما اظن في تصريحات له على فضائية "الجزيرة" مؤخرا معلقا على حالة التخبط المالي والاقتصادي المزرية لبلاده ما نصه : نحن امة دار اقتصادها الراهن على اخلاقيات الاحتيال والمقامرة، وهذا ليس ابن الامس، انه منذ القرن التاسع عشر ...." !

تصوروا امة قام اقتصادها على الاحتيال والمقامرة، وحروبها على الكذب والخداع وتلفيق القضايا المزورة وملفات الاتهام القائمة على عناصر مجهولة الهوية تباع وتشترى في بازار الحروب الاستخبارية القذرة كما حصل مع العراق ولا يزالون يحاولون عبثا مع ايران، ويستعدون الآن للدخول في مغامرة جديدة حول سورية، ماذا يمكن ان نتوقع لزعامة كهذه تجثم على امة يقول عنها المدعي العام لها بأنها أمة من الجبناء، واليكم نص ما ورد على لسان اريك هولدر المدعي العام الامريكي كما ورد في صحيفة "ديلي تلغراف" في العشرين من (فبراير) الحالي :
" ان الامريكيين منفصلون اجتماعيا طواعية، على امتداد الخطوط العرقية ... وان الشعب الامريكي يقضي عطلاته الاسبوعية وحياته الخاصة في شرانق عرقية محمية.... وانه بالرغم من ان هذه الامة تفتخر بانها بوتقة صهر عرقي في الامور العنصرية، الا اننا كنا دائما واعتقد اننا سنستمر في كثير من النواحي امة جبناء"!

اعرف ان البعض من المرجفين في المدينة سيحاولون جلد الذات وان بلادنا ليست احسن من امريكا وسينبري من يهاجم ايران او العرب او كلاهما ويعدد مساوئ انظمة بلادنا، لكنني اقول لهم مرة واحدة والى الابد، كونوا منصفين وصادقين مع اهلكم وبانوراميين ولو مرة واحدة وقولوا لنا من هو المهزوم من الداخل الآن رغم عظمة امكاناته المادية الذاتية والمنهوبة من الشعوب ومن هو المنتصر والمرفوع الرأس رغم فقر امكاناته المادية المباشرة؟!

هذا هو القدر المتيقن من المنظور من الامور واما المستور منها فانه لن يطول ستره فالقادم اعظم !



تعليقات القراء

ابواحمد الطفيلي
حسب الدراسات الاسلامية 2010 بداية انهيار امريكا
وفي 2017 انتهاء امريكككككككككككككككككككككا
وفي 2022 زوال دولة اسرائيييييييييييييييييييييييييييل

والله اعلم
03-03-2009 03:04 PM
الى الاخ ابو احمد الطفيلي
يا ريت يا اخي الكريم انه تزودنا بمعلومات على اساس اي دراسة استندت على هذا الكلام لاني حابب اقرأ في هالموضوع الشيق وشكرا لك....
03-03-2009 03:06 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات