موقف الغرب بين الهلالين


ليس صحيحا أن الغرب راض عن سقوط الأنظمة العربية وأكثر صحة أنه غير راض عن سقوط نظام بشار الأسد خدمة لأنفسهم ولربيبتهم الكيان الإسرائيلي وهي التي ما أبدت ترحيبا بسقوط بشار بل تخوفت من سقوطه حتى تاريخه، والسبب واضح فسوريا الأسد عدا عن تآمرها مع الغرب إذ انكشف ذلك في وقوفها مع الغرب ضد العراق وامتعض بعض مفكري السياسة في الغرب من هذا الانكشاف – فسوريا الاسد الآن بالنسبة للغرب خنجر في خاصرة القوة العربية الإسلامية التي بدأت تتشكل حول الكيان الإسرائيلي المحتل ومن مصلحتها بقاء نظام بشار الأسد

فإسرائيل تدرك والغرب من قبل أن الهلال الشيعي خاصة ( طائفة بشار) لا يشكل خطرا حقيقيا على مصالحهم في المنطقة كما يشكل القوس أو الهلال السني الذي بدأ يتشكل حول الكيان الإسرائيلي على امتداد شواطئ البحر الأبيض المتوسط فالتاريخ لم يسجل مدا شيعيا يذكر نحو الغرب ولم يسجل طردا للحملات الصليبية من المشرق العربي أو قوة حضارية تُهاب فكل ذلك كان على يد الدولة السنية . وإذا كان من بد لسقوط النظام في سوريا فيريده الغرب بعد أن تنهك سوريا تماما وتحيّد قوتها التي كانت تؤمل أن تستخدمها في وجه أي خطر يتشكل من السنة فلم نشهد أي توتر على حد سوريا مع الكيان الغاصب وبنفس الوقت بقي الكيان الغاصب متيقظا من تسلح سوريا ليس خوفا من نظامه ولكن خوفا من سقوطه ووقوع السلاح بيد مخلصة لأوطانها.

فمن مصلحة الغرب والكيان الإسرائيلي الإبقاء على النظام السوري كخنجر في خاصرة القوة الجديدة التي بدأت تتشكل في المنطقة ابتداء من تركيا فتونس فمصر وليبيا واليمن وكلما سقط نظام عربي بائد قام نظام إسلامي

وتلعب أمريكيا ومن دار في فلكها على إذكاء الصراع بين إيران وتركيا لإشعال نيران الحرب كما فعلت مع إيران والعراق في عهد صدام وتحاول استخدام العراق لإشعال الحرب بينهما. فالغرب غير راض عما يجري في تركيا وخائف من دورها القادم وخاصة إذا تمكنت القوى الإسلامية في مصر وسوريا وهي تسعى جاهدة مع المجلس العسكري في مصر والقلة التي لم تستطع السيطرة على البرلمان لاحتواء هذه القوة ، وإن استطاع المجلس العسكري أن يزور إرادة الشعب سيفعل والمجلس العسكري يماطل ويحاول إرضاء الغرب ولكن الشعب واع لذلك والمجلس كما يبدو لا يريد دمار مصر بالحرب الداخلية فالغرب والمجلس العسكري كلاهما واقع ما بين نارين.
وها هو الغرب يتعلم من غفلته عن تونس ومصر وسوء ظنه بقبائل اليمن وخطئه في تقدير الموقف في ليبيا حيال ما يجري في سوريا فلم يتحرك الغرب جادا إلى الآن لإسقاط النظام السوري وليس العذر روسيا والصين بل انه يختبئ وراء موقف الدب الروسي والتنين الصيني وهو راض عن موقفهما حتى إذا سقط النظام قبل أن يتمكن من ركوب عربة الشعب السوري قال منعتني روسيا والصين، وإذا بقي النظام فهذا ما يريدونه للوقوف في وجه الدولة الجديدة في المنطقة - لقد هدموا بغداد رغما عن الصين وروسيا أو قل,اسكروا الدب الروسي بالمال والتنين الصيني بالاستثمارات
لقد تلاقت مصالح الغرب وإسرائيل وإيران( وإيران ليست عميلة) والنظام السوري والضحية لهذا التلاقي التراجيدي دماء الشعب السوري فلم يعد الخطر النووي الإيراني الأولوية الأولى في السياسات الغربية وربما أصبح بمثابة الدرع الواقي لهم من قادم الأيام كما فعلوا بالعراق في مواجهة إيران مع إثارة القلاقل هنا وهناك
لكن ربما تغيرت المعطيات،فالنواطير انكشفوا أمام الشعوب وكشفوا سوءاتهم على أسيادهم بعظيم سرقاتهم فصاروا جرادا على شعوبهم ولان الغرب بحاجة لهم أمدهم بالمال إلى إن تأتي ساعة استبدالهم ، فكانت النية مبيتة لكن على غير ما يجري الآن. تغيرت المعطيات فالشعوب على صحوة فلم يعد ينطلي عليها الزيف والخداع والتلاعب كما كان. نعم صحت الشعوب ولنا في اليمين المثل فشعب قبلي مدجج بالسلاح والقنابل تباع في المتاجر ولم يطلقوا على بعضهم طلقة واحدة وهذا ما يثير خوف الغرب. فالوعي داء المتسلطين والفاسدين فإذا الشعب أراد مستقبله بحرية وكرامة صحت فيه همة الرجال وتحلى بالحكمة والوعي. لقد خسر الغرب الرهان على الحروب القبلية وخسر الرهان على نواطيره من حكام العرب أمام إرادة الشعوب وهو خاسر لثقة الشعب العربي والأمة المسلمة لقد خسرت الغرب وأصبحت أمامنا عارية لا تثير فينا شهوة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات