اذعان


الإذعان لغة يعني سرعة التنفيذ مع الطاعة التامة والخضوع والرضى وسلاسة الانقياد . هذه المعاني والتي تُشعر بالقهر والغلبة والانصياع والذل هي العلاقة التي تفرضها بعض الجهات في تعاملها مع المواطن وينفذها مكرها مرغما لا عن رغبة ودون رضى أو قبول . هذه العلاقة ليست سويّة لأنها قائمة بين طرفين غير متساويين أحدهما قوي يستطيع فرض شروطه والآخر ضعيف لا يملك إلا القبول . الأول مالك لخدمة ومحتكر لها والثاني يطلب هذه الخدمة وبحاجتها ولا يمكنه الاستغناء عنها وليس لها بدائل .
بعض الشركات تتعامل مع المواطن بهذا المنطق . ومن الأمثلة الصارخة على هذا النمط من التعامل الشركات التي تقدم خدمة الشبكة العنكبوتية والتي تمثل نموذجا لما يتعرض له المواطن المتلقي لخدمتها . فهي تفرض عليه شروطا في عقدها معه لا يستطيع المناقشة في نصوصها أو إبداء الرأي في بنودها . إذ أن هذه العقود الأصل فيها أن تكون نتاج مفاوضات ونقاش فيكون لكل طرف الحق في قبول أحد هذه الشروط أو رفضها أو تعديلها بما يتفق مع مصالحه وحاجاته .
ولكن ما يحدث أن المستهلك لهذه الخدمة ( المواطن ) ليس أمامه إلا قبول أو رفض هذه الشروط الواردة في العقد . ونظرا لحاجته الماسّة للخدمة ولعدم وجود بدائل فانه يقبل مضطرا هذه الصيغة بتلك الشروط .
كما أن هذه الشركات عينها والتي تمارس احتكار هذه الخدمة تجيز لنفسها التغيير في صيغة العقد وعدم الالتزام به وليس أمام المتلقي لهذه الخدمة إلا الإذعان والاستمرار أو فسخ العقد لخدمة أصبحت من ضرورات الحياة مع ما يترتب على هذا الفسخ من التزامات أو تنازلات عن حقوق .
ومنها أيضا شركات الخلوي والتي تمارس أشكالا مختلفة من الاستغلال للمواطن ، منها الاقتطاعات والخصومات من الرصيد دون إخبار أو دون اتفاق . كذلك يتم احتساب مدة المكالمة بالدقائق مع ارتفاع سعر الدقيقة الواحدة . ومنها الزيادة في سعر البطاقات المدفوعة مسبقا عن السعر المكتوب عليها . كذلك فان المواطن يجد صعوبة في الحصول على الخدمة بوقتها المناسب أحيانا في أوقات هامة كالأعياد مثلا متعللة بضغط الشبكة وهذا مبرر غير مقبول . فما معنى أن تطلب الخدمة ولا تجدها في الوقت المناسب ؟
إن نظام التجارة الحر يعني حرية الدخول إلى السوق والخروج منه . ويعني تمكين المستهلك من الاختيار بين البدائل وهذا غير متوفر في سوق شركات الخلوي . وعند تغول هذه الشركات وزيادة أرباحها بشكل كبير فعلى الدولة التدخل لإصلاح الخلل في العلاقة بين المواطن وهذه الشركات وإعادة الأمور إلى نصابها .
هذه حالات تمثل نموذجا للإذعان وهناك شركات ومؤسسات أخرى تتعامل مع المواطن بهذا المنطق فإلى متى يستمر ذلك ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات