حديث الصحافة الأردنية !


خلال اربع وعشرون ساعة تمت عمليات تنقل وتبديل للمناصب في ثلاثة صحف ورقية يومية وشملت هذه المناصب رؤساء مجالس إدارة ومدراء عامين ومدراء هيئة تحرير ، وكان هناك حالة رابعة سبقت كل تلك الحالات تمثلت بخلع أحد أعمدة الصحافة الأردنية من موقعه خلعا يشابه الخلع الشرعي في العلاقة الزوجية .
كل ذلك مشهد يستحق القراءة لأننا نعيش بزمن الإعلام الجديد ( الالكتروني ) وهذه المحاولات السابقة من تلك الصحف وخصوصا الصحافة الخاصة تشابه تمسك الغريق بقشة كي تنقذه من الغرق ، أما الصحافة الحكومية فمن طبعها أن تأكل أولادها كلما تغيرت حكومة وجيء برجال أخرين كي يقوما بتنفيذ أساليبهم في الانتقام ومسح الأخر من المشهد كما مسحوا هم سابقا .
وفي خضم هذه الحالة من عدم الاستقرار في اجواء الصحافة الورقية الأردنية يبقى الوضع المستقر متمثلا بالصحافة الإلكترونية التي تعتبر مخرجا ومهربا للكثيرين من أصحاب المهنة كي يبتعدوا عن مقاصل إعدام الرجال في المؤسسات الاعلامية الأردنية ، وكي نعطي حديث الصحافة حقه من الحديث سوف نعرج على بعض تلك الاحداث بسرعة بغية عدم تمكين أحدهم من الصيد بالنية الطيبة لنا بالطرح .
نبدأ في صحيفة ورقية خاصة تم تعيين أحد ابناء الحكومة بها مع أن الوسط الصحفي الأردني المستقل يمتلك رجال لهم خبرة وباع طويل في العمل الصحافي الحر والبعيد عن الكلاشيهات الحكومية ، وهي صحيفة عانت من تقلبات كثيرة وتم ممارسة الضغط عليها لفترة ما للحد الذي وصل إلى تعيين أحد رجال الحكومة بعد أن غادرها مكرها بمنصب عالي من باب الترضية للدولة ، والان تعين هذه الصحيفة رجل حكومة سابق كمحاولة منها لتغيير الخط العام لها والذي مارسته منذ سنوات وهو خط وضعها في مواجهة الحكومة لأنها مارست دورها الرقابي بحرفية عاليه ، والأن هي تحاول أن تعيد الأمور إلى نصاب الحكومة من باب الصمود في مواجهات العصر الاعلامي الجديد وفقدان قدرة الصحافة الورقية على المنافسة ، وهذا الاسلوب في تعيين رجال الدولة السابقين في مناصب عليا في المؤسسات والشركات الخاصة عموما أصبح ظاهرة يمارسها القطاع الخاص إما لرغبته في فتح الابواب الحكومية المغلقة امامه أو أبعاد عيون الحكومة والجهات الرقابية عنه كون أحد ابنائها السابقين يتولى الان منصبا مهما بهذه المؤسسة أو تلك .
والصحيفة الأخرى الخاصة أولت زمام أمور إدارتها لرجل علاقات عامة ومبيعات وهي تعلم أن زمن قراءة الصحف الورقية أوشك على الانتهاء وأن حجم الانفاق عليها يفوق ما يأتيها من مداخيل ، ولكنها تحاول أن تتمسك بالقشطة الأخير قبل الغرق ، وكمحاولة لتغويل حجم الاعلان على صفحاتها على حجم الاخبار والتقارير وربما قد تكون كخطوة لتحولها لصحيفة إعلانية فقط ، وخصوصا أنها مؤسسة لها خبرتها في الصحافة الاعلانية ، والرجل كذلك صاحب خبرة في ذلك المجال أكثر من خبرته في الصحافة كمهنة .
وفي حديث الصحافة الحكومية فهو يتناول صحيفيتن الأولى تم وضع اليد عليها من قبل الدول وبدات معركة تصفية الحسابات وانتهاء تلك المعركة بإخراج أحد المؤسسين لهذه الصحيفة من اللعبة ، وبقيت الصحيفة متمسكة بقشطة انقاذها والمتمثلة بحصة الاسد التي تمتلكها الدولة من أسهمها وبما أن الدولة تملك تلك الحصة فأن خسارة الصحفية السنوية بارقام فلكية لن تؤثر على دولة حجم مديونيتها بالمليارات وإن إبقاء منبرا إعلاميا كهذه الصحيفة لن يختلف عن بقية المنابر الاعلامية التي لاتحقق أية ايرادات بل تكلف الدولة مصاريف بالملايين .
والصحيفة الحكومية الأخرى والحديث عنها مختصر جدا وهو أنها أصبحت ساحة للإنتقام من كل من يخالف رغبة الأخر من رجالات الدولة ، وخلال الشهور الستة الماضية وضحت تلك الصورة والطريقة من التعامل مع تلك الصحيفة من خلال التغييرات التي تمت في مجالس إدارتها ومدرائها العامين ومدراء هيئة تحريرها ، والصورة هنا تبدو جلية وواضحة أن تلك الصحيفة تستخدم فقط كمنبر إعلامي للحكومات الأردنية المتعاقبة لضمان تحسين صورتها أمام الشعب وفي نفس الوقت هي مقصلة يتم بها القضاء على الرجال من الحكومات السابقة ، وإن كانت الحالة الأخير من التنقلات بها تمت بطريقة ذكية وحرص وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال على أن لاتظهر كعملية انتقام له ولشخصه فأبقى بعض الرجال بمناصب أقل مرتبة مما كانوا حاصلين عليها في الحكومات السابقة ، وهو هنا يؤكد على نظرية حكومية أردنية بإمتياز وهي أن الحكومة قادرة على تكبير الصغير وتصغير الكبير كلما شاءت ورغبت .
وفي ختام حديث الصحافة الورقية الأردنية نطرح سؤال .. من هو صاحب الحق بأن يلعب بخيوط الصحافة الورقية الأردنية بهذه الطريقة ؟ أم أنها فعلا نهاية الصحافة الورقية ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات