ضريبة بعيدا عن المواطن


يبدو أن كل الأردنيين يحلم بتحقيق إصلاحات تطال الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهذا الحلم يبدو من استقراء الواقع انه غير ممكن لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها الوضع الاقتصادي العام للدولة، فتركيبة البناء الاقتصادي هشة جدا، وذات آثار مباشرة على المواطن ذو الدخل المتوسط والفقير، على اعتبار أنها الشريحة الأكبر في المجتمع، وهذا ما يفسر اعتماد إيرادات الدولة على الإيرادات السيادية المتمثلة بالضرائب والرسوم، والتي تشكل في مجملها 73% من إجمالي الإيرادات المحلية، وفي نفس الوقت تعثر الإيرادات المتولدة من الدومين الحكومي، والذي يتكون من إيرادات الدولة من أسهمها في الشركات التجارية و الشركات التابعة لها، وعوائد مختلفة أخرى ناتجة عن عمليات الخصخصة، والتي رغم أهميتها إلا أنها باتت تشكل عبء على ميزانية الدولة، للتفاوت بين التفاؤل في توقعات عوائدها وما يتم تحقيقه فعلا، والجزء الثالث الذي يعتبر من مكونات إيرادات الخزينة هو المساعدات الخارجية، والتي هي أيضا في تذبذب كبير، وتجر البلاد نحو تبعات سياسية ذات اثر مباشر على السيادة في القرارات والتوجهات التي تفرض لقاء هذه المعونات.
هذا في جانب الإيرادات، أما في جانب النفقات فالحديث تعكسه نفقات فعلية للبلاد تفوق مجموع كل الإيرادات الفعلية، ويتم التعامل مع متطلبات هذه النفقات وكأننا دولة نفطية أو إحدى دول النمور الآسيوية، فنفقات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى، تفوق ثلث خصوم الموازنة العامة للدولة، والنفقات في هذه القطاعات بحاجة ماسة إلى ترشيد، كما ويجب على الحكومة العمل الجاد على تحقيق وفر من خلال ترشيد الإنفاق الحكومي للوزارات والدوائر الحكومية في نفقاتها العامة، ونفقات السلف للدوائر والمؤسسات، واقتصار طرح العطاءات الحكومية على المشاريع الأكثر ضرورة والأبرز أهمية، وتفعيل الأدوار الرقابية القانونية على كل المؤسسات الحكومية التي تعود ملكيتها للحكومة، والتي ترفد الخزينة بالإيرادات المالية، ومعالجة ظواهر الخلل الإداري فيها، والتي تسببت بتكبيد هذه المؤسسات خسائر متلاحقة بسبب ضعف الإدارة المتربعة في وظائفها العليا، وكل ذلك وصولا إلى تحقيق تخفيض في النفقات يتجاوز حدود 588 مليون دينار أو ما نسبته 14 % من الميزانية العامة للدولة، مع استثناء المساعدات الخارجية من الاحتساب، فإذا تعاملت الحكومة بجدية في هذا المجال، فمن السهل تحقيق هذا الوفر المالي بدون كثير عناء.
وفيما يتعلق بالحاجة الماسة لزيادة العوائد الضريبية المكملة لتحقيق هدف الحكومة بتوفير 785 مليون دينار، أرى أن تقوم الحكومة بفرض الرسوم والضرائب على القطاعات الاقتصادية النشطة وعدم تحميل عبئها بشكل مباشر للمواطن، وفقا للتفصيل المبين تاليا، قياسا على المعطيات المالية للعام 2011 المنشورة عن طريق وزارة المالية: وذلك بفرض رسم على الصادرات الوطنية الكلية بنسبة 1% والذي يتوقع بتطبيقه تحقيق إيراد يقدر بـ 57 مليون دينار، فرض ضريبة عبء ميزان تجاري على المستوردات بنسبة 1% والذي يتوقع أن تحقق إيراد يقدر بـ 130 مليون دينار، فرض ضريبة على السيولة النقدية في البنوك التجارية بنسبة 0.025% والذي يتوقع أن تحقق إيراد يقدر بـ 6 مليون دينار، فرض ضريبة على التسهيلات الأتمانية للقطاع الخاص والمقدمة من البنوك التجارية بنسبة 0.025% والذي يتوقع أن تحقق إيراد يقدر بـ 4 مليون دينار، فرض ضريبة تداول الأسهم في البورصة بنسبة 0.005% والذي يتوقع أن تحقق إيراد يقدر بـ 143 ألف دينار، وهذه الضرائب بمجموعها توفر إيراد للخزينة يقدر بـ 197 مليون دينار، ولا تشكل عبئا كبيرا على هذه القطاعات الاقتصادية ولا تكون ذات اثر مباشر على المواطن وفي نفس الوقت تساهم بإخراج الاقتصاد الأردني من حالة التأزم التي يمر بها وتوصله إلى إكمال توفير الـ 785 مليون دينار التي ستسهم بإنهاء حالة القلق الاقتصادي التي يعاني منها الاقتصاد الأردني.

kayedrkibat@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات