غاب عشرين عاماً


بعد غياب دام عشرون عاماً قرر أن يزور بلده ولكن لمدة أسبوعين فقط ,ولم يقصد أن يرجع إلى بلده لمدة طويلة فهو يعلم أن بلده أصبحت سيئة تنوء بالفساد والرشوة والجرائم والعدد الكبير من اللصوص , حيث كان هذا سبباً في سفره و اغترابه ولكن لا بأس من زيارة قصيرة تمتد لأسبوعين .

عند وصوله إلى الحدود أخذ الموظف يفتش في الحقائب وأخذ يتفحص بشكل عميق كل زاوية وكل ركن في الحقيبة بعدما أفرغ كل ما فيها , طبعا كان صاحبنا شديد الدهاء فهو يعلم أن قطع قليلة من النقود ستوفي بالغرض, حيث أن بعض الأغراض أخذت بالتلف , وهكذا حمل موظف الجمارك الحقائب بنفسه على ظهره بعد استلام المبلغ وأوصلها إلى باب المطار .

وأخذ صاحبنا ينتظر سيارة (تكسي المطار ) وإذ برجل حامل الحقائب ينقره على كتفيه ويحمل الحقائب وهو يقول له دون علامات ترقيم ( حمد لله على السلامة خمسة دنانير ) وهكذا وضع الحقائب في سيارة الأجرة , كان صاحبنا يعرف أن المشاكل تحيط في الشقق المفروشة وما يتبعها من سمعة سيئة في القضايا الأخلاقية ومشاكل أصحاب الشقق والمستأجرين , لهذا طلب من صاحب التاكسي أن ينزل فيه عند فندق قريب , أخذ صاحبنا يشم رائحة خيانة من صاحب التاكسي حيث لاحظ أنه يدور حول محور مبنى و(العدّاد) يزداد طبعا وحين سائله صاحبنا عن سبب التصرف الغريب هذا وعن ذلك المبنى الذي يطوف حوله قال له إنه الفندق الذي طلبته ولكنك لم تأمرني بالتوقف ! .

وحين نزل من هذا التاكسي اللعين ( من وجهة نظره) أخذ يحدق في الفندق , حيث أن صاحبنا كان في إحدى الدول المتقدمة والتي لها وزن سياسي ودولي كبير ولكن لم تحظ بمثل هذا الفندق الفخم , وبعد لحظات لدى دخوله بوابة الفندق لم يعرف كيف أمسكت بيديه إحدى الفتيات وسارت فيه نحو الاستقبال (الريسبشن ) وفتاة أخرى تحمل حقيبته وترحب فيه , وقبل أن تبادر موظفة الاستقبال بالحجز خطر ببالة أن يجرب إحدى الأمثال التي كانت في بلده قبل عشرين عاما إن كان موجود أم لا ,على سبيل المداعبة (معك قرش تسوى قرش ) حيث قال : (ألا أجد غرفة بمائة دولار لليلة دون أن أدفع سلفا ) لم يستيقظ صاحبنا سوى في شارع عام وحقيبته بجانبه ولم يتذكر سوى أنه عندما سأل موظفة الاستقبال عن سعر الغرفة أنه أتى رجلان هذا كل ما يتذكر , كان صاحبنا يملك المال الوفير ولكن أحب أن يجرب فقط إن تغيرت الأمثال أم لا, وعندما هم صاحبنا بالذهاب إلى أحد المطاعم وعندما تناول طعامه وأخذ الفاتورة وسأل أن كان بإمكانه أن يدفع بالدولار بدل من العملة المحلية ؟

قال له النادل ولكن سوف تدفع ثلاثة أضعاف المبلغ المطلوب , طبعا صعق صاحبنا لهذا القانون الغريب , وإذ برجل قادم من بعيد وضرب صاحبنا على أحدى وجنتيه ( مخمس ) وقال له : لم أراك منذ مدة متى عدت من السفر ؟ أنا مشتاق كثير بالأحضان ؛ طبعا خطر ببال صاحبنا مثل يقول ( الصديق وقت الضيق ) حيث قال له المشكلة وقال له هل بإمكانك أن تدفع وحين نصل أقرب محل صراف سوف أرد المبلغ , طبعا لم ينهي من جملته حين رأى أن الرجل غير موجود والنادل يمد يديه ويقول له "الحساب " فدفع المبلغ المضاعف وذهب وهو يقول" أسبوعين ويمروا"

حين رجع صاحبنا إلى الفندق دهش إلى أن الغرفة لم تنظف وطلب خدمة الغرف واخبرهم بالأمر , ودهش انه يستوجب أن يدفع مبلغ ضخم أضافي حتى يتم تنظيف الغرفة في فندق خمسة نجوم يأخذ الشيء الفلاني , وطبعا خطر ببال صاحبنا أن يأتي بشركة تنظيف بشكل سري حتى لا يتم تغريمه أيضا من قبل الفندق .

عند وصول صاحبنا لشركة التنظيف دهش عندما رأى الطابور الطويل , وطبعا قال لنفسه أن هذه ليست دائرة حكومية حتى يتم رشوة الموظف لذلك لابد من الانتظار , وإذا بحسناء تدخل وتتجاوز الصف وتذهب إلى موظف الخدمات , طبعا دهش صاحبنا وذهب معترضا , وهكذا خطر بباله أن مادام الأمر على هذه الحال سوف يجرب مثل ( ذل قرشك ولا تذل نفسك ) وعندما أخّرج المبلغ قالت له الفتاة الحسناء بنفسها أنها هي من ستقوم بتنظيف وليس الشركة مقابل هذا المبلغ .

وبعد أسبوعين قرر صاحبنا العودة إلى البلد الذي عامله كإنسان حيث كان عزاءه الوحيد أنه لم تطل رحلة غيابه في بلده , وعند وصول صاحبنا إلى الحدود كانت المشكلة .

موظف الجمارك : هل لي بجوازك .

أخذ صاحبنا يفتش عن الجواز, وتذكر أنه تركه في الفندق بصحبة الحقيبة التي فيها المال....!

أستيقظ صاحبنا على صوت السماعات في المطار( أعزائنا المسافرين أرجو التوجه إلى البوابة الرئيسية , بقي على موعد الإقلاع نصف ساعة ) وحينها تذكر أنه مسافر إلى بلاد الغربة ,عندما قالت له والدته أرجوك أن تهتم بنفسك , كان رده أن لا تخافي لن تطول الغيبة عن وطني فقط أسبوعين .



تعليقات القراء

ثرثار
هههههههه

على فكرة كل الأمثال موجودة للأسف
22-02-2009 12:11 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات