حول الأردن في ثمانية وأربعون ساعة ؟


حديثي هنا يتناول ثمانية واربعون ساعة من غير إنترت وبكل بساطة شاحنة كبيرة ممنوع مرورها داخل الاحياء السكنية أو حتى مبيتها قامت وبدون أية مبالاة من سائقها أو إهتمام من شركة اورانج مالكة الحق الحصري لهواتفنا الأرضية وما يقدم من خلالها من خدمات للأنترت ، قامت هذه الشاحنة بقطع سلك الهاتف الذي يصل لمنزلي وقت الظهيرة وبعد عدة إتصالات وتسجيل رقم شكوى جاء الجواب أن يوم الخميس هو نهاية اسبوع ويليه يوم الجمعة وبالتالي علي أن أنتظر لمدة 72 ساعة كي يتم إصلاح الخط وعودة الأنترنت للبيت .

ويوم الخميس هو يوم سابق ليوم جمعة أردنية عرفت بأشكال الاعتصامات العديدة ومظاهر الرفض الشعبي للحكومات ، وخروج مسيرات عدة تطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد ، وفي نفس الوقت هو يوم الاعلام الجديد المميز فمن خلال تقنيات الانترنت والكمبيوترات وكاميرات التصوير أصبحنا نشاهد يوم الجمعة مباشرة دون أن ننتظر موعد نشرة أخبار الثامنة في التلفزيون اردني وأجندة الحكومات المتلاحقة على رسم الوطن بأنه غابة من السعادة والانجاز للحد الذي أصبحنا نعيش حالة من الإغتراب داخل الوطن سببها الاعلام الحكومي وطريقته في معالجة الأحداث مما جعلنا نبحث عن إعلام أخر يسمى القنوات الفضائية الإخبارية ؟.
وكمحاولة لمتابعة الشأن الأردني على قنوات التلفزيون الأخرى ، وجدت أن المشهد الأردني لايعنيهم هذه الجمعة لأنه خالي من مشاهد العنف والانفجارات والدم ، وهم يريدون مشاهد دمشق والقاهرة وحتى الكنغو لأنهم يركضون وراء الدماء والقتل كي يضعونا بحالة من الرعب النفسي وعدم الاستقرار الذهني الذي تكون نهايته أن نفكر كما يريدون وليس كما نريد نحن داخل جغرافيا الوطن .
وكانت نتيجة محاولاتي للبحث ومن داخل منزلي عما يحدث في الوطن أنني كنت مجبرا على مشاهدة كل ما تحويه تلك القنوات من تقارير ونشرات رئيسية وموجزة لعل وعسى يكون للأردن حصة خلال ثواني قليلة من البث ، ولكنني عدة للواقع الأردني خاوي الوفاض .
وخلاصة تلك التجربة التي مدتها الزمنية 48 وساعة عرفت لماذا لاتريد الحكومة للصحافة الإلكترونية العمل إلا من خلال مجموعة من الضوابط والقوانيين التي تجعلها صحافة شبه رسمية وتعمل وحد سيف القانون فوق رقبتها، وهي تريد تلك الصحافة صحافة موالية ومجملة لأداء الحكومات كماتعمل الصحافة الورقية ، ولاتريد للصحافة الإلكترونية أن تقوم بدورها كوسيلة يعتمد عليهاالمواطن للحصول على المعلومات وفي نفس الوقت لاتريدها وسيلة إعلامية قابلة للتطور بناء على معطيات تطورالمجتمع ومطالبه ومنظومته الاجتماعية ، مما ينعكس على تطور علاقة هذاالمواطن ووسائل الاعلام مع النظام السياسي ككل ، وهي حكومات تفضل أن تقف أمام تيار التغيير الذي تفرضه حتمية التطور التكنولوجي في علاقة الفرد مع وسائل الاعلام والنظام الاجتماعي والسياسي الذي يعيش به .
وهي حكومات تريدنا أن نكتفي بمشاهدة صور المسؤولين من صغيرهم إلى كبيرهم وهم يفتتحون مشاريع فساد قادمة ، وصورة مسؤول يقص شريط وخطيب فذ يصدح بالمديح وقصائد شعر تم إعدادها مسبقا كي تقال في هذه المناسبة أو تلك ، والخلاصة هنا أنها حكومات تعيش في منتصف السبعينيات فكرا وتصرفا وفي نفس الوقت يركب أعضائها سيارات من موديل 2012 .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات