الفساد والعباءة الوطنية


تعاني معظم دول العالم من ظاهرة الفساد المنتشر في بلدانها وإن كانت الدول النامية لها نصيب الأكبر إلا أنها ما زالت عاجزة عن التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة والتي تأكل كل مقدرات الوطن. وبالرغم من إنشاء دوائر ومؤسسات لمكافحة الفساد إلا أن البعض يرى أن هذه الدوائر والمؤسسات بحاجة لمن يكافحها فهي تقف مكتوفة الأيدي أمام " الرؤوس الكبار " وتقف بالمرصاد وترفع السياط للمواطن العادي فالقانون بالنسبة لها يمكن تطبيقه على المواطن العادي فقط أما " الكبار " فلا يمكن عمل شيء وإذا تم فإنه يكون بإستحياء وتغطية سريعه للموضوع.

كل عام يرفع شعار مكافحة الفساد , حتى أصبحنا على يقين أنه مجرد معزوفه للتناقل بين وسائل الإعلام المختلفه فقط. أين هم المفسدون الذين أُنشئت لهم دوائر مكافحة الفساد ؟ هل تم تقديم أي منهم للمحاكمات؟ ولماذا حين يُتهم ويُشار الى جهة أو شخص بالفساد يهرعون الى لبس العباءة الوطنية ويرددون أن الجهات التي تُشير اليهم بالفساد تُريد أن تنال من وحدة الصف الوطني ومن سمعة الوطن في ظل الأخطار التي تواجهها الأمة لكي تصبح الشبهات المشار لها إتهامات بالخيانة وبشق الصف والوحدة الوطنية لتبقى " الرؤوس الكبيرة " أو وحوش الفساد معززة مكرمة يتنقلون بين المناصب في أمان وسلام. كما إذا كانت الفائدة في إنشاء دوائر مكافحة الفساد لتوعية المواطنيين بمخاطر الفساد , فالمواطن يعلم تماما أين هو الفساد ومن هو المسؤول عنه إلا أن المواطن ما زال ينتابه الخوف , فالمفسدين قادرين على إسكاته وسلب الحس الكافي والشجاعة منه كما أنهم سوف يحملونه تهم القذف والقدح الشخصي والذي هو ممنوع ويكلف المواطن حياته الشخصية.

إن مكافحة الفساد لا تكون بإنشاء الدوائر والمؤسسات بل تكون بالتنازل عن تبادل المصالح الشخصية  والمقايضات للتحقيق مكاسب ذاتية ورفض الضغوط التي تمارس على  ممثلي الشعب في البرلمانات لغض الطرف على المفسدين أو التستر عليهم , كما أن أحرار الوطن من المثقفين والأكاديميون يجب أن يكونوا على قدر من الشجاعة في رفض التستر على المفسدين في محاضراتهم وإجتماعاتهم كما أن الكلمة الحرة في الصحافة قادرة على صنع رأي عام لفضح المفسدين في الوطن.

الفساد لا يُقضى عليه بسرعة حيث ما زال العدو الأول لنا , فالفاسد يعلم كيف يصنع الحيل وكيف يتكلم ويستغل الدين وحب الوطن ويظهر للناس تفانيه في خدمة الوطن والمواطن وخوفه عليه من الإنقسام الداخلي والنيل من الوحدة الوطنية , كما أن قناع النفاق والدجل إن كان هذا الدجل سياسي أو غيره الذي يلبسونه قد أصبح عامل يصعب على المرء معرفه من هو فاسد من غيره حتى أصبح الواحد منا يقف وقفه التائه لا يعرف من هو الأبيض من الأسود.

المفسدين وإرتداء العباءة الوطنية لصرف النظر عنهم وعن أفعالهم هي التي باعت الوطن وكممت أفواه الشعب وأغلقت أعينهم على معرفه ما يدور حوله حيث أنهم يعتبرون أنفسهم حماة الوطن ورجال دوله لا يُسمح لأحد بالتطاول عليهم , وصدق الله العظيم حين قال (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات