ليس دفاعا عن جمال المحتسب .. بل دفاعا عن الحقيقة!


"عفواً يا مولاي فما أخرج من حانتك الكبرى إلا منطفأً سكران..أصغر شيء يسكرني في الخلق فكيف الإنسان؟ سبحانك كل الأشياء رضيت سوى الذل,وأن يوضع قلبي في قفص في بيت السلطان..وقنعت يكون نصيبي في الدنيا.. كنصيب الطير, ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان.. وتعود إليها..وأنا ما زلت أطير..فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر..سجون متلاصقة..سجان يمسك سجان"..!"مظفر النواب".

تعتبر حرية الصحافة من أهم الحريات في كل المجتمعات وهي ذات أهمية مزدوجة للإنسان و المجتمع, فبالنسبة للإنسان هي وسيلة للتعبير عن ذاته وأرائه واتجاهاته السياسية والفكرية أما بالنسبة للمجتمع فهي وسيلة إصلاح تساهم في تقدمه و تطوره, وحرية الصحافة هي الأساس الذي يقاس بموجبه كافة الحقوق الديمقراطية.
ومن أهم العناصر الضرورية لحرية الصحافة, التعددية الصحافية وانعدام القيود القانونية وعدم خضوع الصحافة للرقابة, وللأسف لا وجود لهذه العناصر في معظم البلاد العربية, فنلاحظ وجود الصحافة التابعة للنظام والقيود الصعبة المفروضة على الصحافة المستقلة وكذلك خضوعها لرقابة شديدة.
ان الإعتداء على الصحفيين هو اعتداء على أحد الثوابت الأساسية للمجتمع الحر وهو حق المواطنين بأن يتمتعوا بوصول حر ومفتوح للمعلومات, وبمعزل عن تلك الحريات لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية..ان الإعلام المستقل يسلّح الحكومات بالشفافية والمحاسبة وهما عنصران لا غنى عنهما لاقتصاد معافى وديمقراطية.
إن الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام هم في الخطوط الأمامية لحرية المعلومات وحينما يجري إيذاؤهم أو ترهيبهم فالضحية لا تكون هم فحسب بل الديمقراطية كذلك, وحيث تكون حرية الصحافة غائبة لا توجد حرية..ولا يجب على الصحفيين أن يعملوا متخوفين من أن تزج بهم الحكومات في السجون او إيذائهم او أفراد عائلاتهم لمجرد القيام بمهامهم.
إن على الدول واجب حماية الصحفيين لا اضطهادهم في مسعى للسيطرة على التدفق الحر للمعلومات, فالإعلام الحر ليس مفيداً فحسب، وإنما ضروريا لحرية المجتمع. وبالكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان وإسماع صوت من لا صوت لهم في المجتمع، فإن وسائل الإعلام تستطيع في أحسن الأحوال أن تشجع على التطبيق المناسب للعدالة وعلى إثارة الحوار الذي يمكن أن ينـزع فتيل الأوضاع التي يمكن إذا ما حيل دون ذلك أن تتحول إلى نزاعات مكلفة, وعندما يواجه الصحفيون بالقيود غير العادلة وبالتهديد بالتعرض للهجمات، يمكن للرقابة الذاتية في وسائل الإعلام أن تتحول إلى نقيضها، وأن تساعد على التستر على الانتهاكات وغرس الإحباط في المجتمعات المهمشة.
إن الاعتراف الدولي بأهمية الصحفيين وبضرورة أن يعملوا من دون قيود غير عادلة أو تهديد بالعنف، سوف يساعد على تسليط الضغوط على تلك الدول التي تسعى إلى السيطرة على وسائل الإعلام. فالصحافة لها أهميتها، وقد حان الوقت لمن يعترفون بأهمية وسائل الإعلام الحرة أن يغيروا أفكار من لا يعترفون بذلك. أخلت محكمة أمن الدولة ظهر الأحد الفائت سبيل ناشر موقع "جراسا نيوز" الإخباري الزميل جمال المحتسب الموقوف في سجن البلقاء منذ 23 نيسان الماضي بتهمة "الحض على مناهضة نظام الحكم", ووجهت النيابة العامة للمحتسب تهمة "مناهضة نظام الحكم "، وذلك على خلفية نشره خبراً على موقعه الإلكتروني حول تعاطي مجلس النواب مع ملف "سكن كريم". ومن باب التذكير فان هذه القضية تعتبرواحدة من أكبر ملفات قضايا الفساد والتي باتت معروفة للقاصي والداني ومن كشف عنها هو أحد أعضاء مجلس النواب, فلماذا لم تتم محاسبته-مع انني ضد ذلك الأمر-, ولكن أن يصبح الجلاد ضحية والضحية جلادا, فهذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا. منذ انطلاقة ما يسمى ب"الربيع العربي" منذ أكثر من سنتين تعرّض الإعلام الأردني وخاصة أصحاب المواقع الإخبارية الإلكترونية وهي المتنفّس الوحيد للمواطنين كي يعبروا عن آرائهم وأفكارهم بكل جرأة , ويطّلعوا على معلومات وقضايا ما زال الإعلام الرسمي لا يجرؤ حتى من الإقتراب منها أو طرحها . وقد عانى بعض ناشري المواقع والمحررين والصحفيين أصحاب الأقلام الحرة والكلمة الجريئة لمضايقات ومحاولات لإسكاتهم وذلك عن طريق ممارسة الإرهاب الفكري, إمّا بتلقيهم تهديدات تمس بأمنهم ,أو إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة- والتي أصبحت المطالبة بإلغائها مطلب الأكثرية- وكان آخر ضحايا هذه الممارسات الخطيرة بحق الإعلام والإعلاميين هما الصحفي جمال المحتسب والصحفية سحر المحتسب التي تعمل كصحفية ومحررة في نفس الموقع. فهل هذه هي الحرية الإعلامية والتي تبجّحت بها الحكومات السابقة ولربّما اللاحقة؟, وهل هذا جزاء أصحاب مهنة المتاعب والباحثين عن الحقيقة؟, وهل هذه هي نهاية كل منتم إلى السلطة الرابعة ؟.
لقد اكتسبت أكثر المواقع الإخبارية ثقة وشرعية من الشعب والذي هو مصدر السلطات, وإنّ أيّ اعتداء على أي ناشر أو صحفي ينشر في هذه المواقع إنّما هو اعتداء على حرية المواطنين وسلب لحقوقه, فلن يسكت المواطن على تقييد حريته وحرية الصحفيين أصحاب الأقلام النظيفة وسوف يدافع عنهم بكل ما أوتي من قوة .
من منا لا يذكر ما تم اعلانه للشعب المغلوب على أمره رسميا بأننا نريدها حرية سقفها السماء, ولكنها وبقدرة قادرأصبحت حرية سقفها محكمة أمن الدولة.
وهنا لا بد من القول, إذا كان مصير كل باحث عن الحقيقة الناصعة والتي لا تشوبها كلمات الإطراء والنفاق هوإلصاق التهم به فإنّ أكثرية المواطنين مدانون بتهمة"مناهضة نظام الحكم", ونضيف قائلين, إذا أردتم محاكمة الأستاذ الصحفي جمال المحتسب والصحفية سحرالمحتسب, فلتحاكموا معهم جميع الشعب الأردني لأننا جميعا جمال وسحر المحتسب نبحث عن الحقيقة ونريد محاكمة كل مفسد وفاسد. وصدق من وصف الصحافة والاعلام بالسلطة الرابعة..عندما وجه سؤال لأحد كبار الساسة البريطانيين حول عدم وجود وزارة للاعلام في بلده قال, وما حاجة لوزارة كهذه طالما أنه توجد وسائل الاعلام المختلفة والتي تقوم بواجبها على اكمل وجه.يروى عن الحكيم الصيني"كونفوشس"عندما سأله أحد تلاميذه:ما هي الأشياء التي يجب أن يوفرها الحاكم إلى رعيته حتى يستتب له الأمر؟, فقال له "كونفوشس" هي ثلاثة:
لقمة العيش، الأمن، وثقة الناس في عدله وعدم الظلم.
فسأله التلميذ فإذا كان لنا أن نستغني عن واحد من هذه الأمو فما هو؟, فرد الحكيم "الأمن", فسأله التلميذ, فإذا كان لنا أن نستغني عن أحد الشيئين الباقيين فأيهما نضحي به؟, فقال له في هذه الحالة نستغني عن"القوت", لأن الموت كان دائماً مصير الناس, وقد يميت فقدان القوت بعضا منهم, لكنهم إذا فقدوا الثقة في"عدله", فلن يبقى شيئا يحيون من اجله لأن العدل هو أساس الحياة الكريمة.
وصدق في ذلك فان العدل هو اساس الحياة بل ان قيام السموات والأرض يعتمد عليه..وعند غياب العدل وفواته وشيوع الظلم..فلا تسأل عن كآبة الدنيا وظلمتها..ويا لعذاب البشريه والعمران والحضارة.." فالظلم مؤذن بخراب العمران" كما جاء في مقدمة ابن خلدون". نعم لحرية التعبيرعن الرأي واحترام الرأي الاخر..لا والف لا لسياسة كبت ألأفواه. د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات