دولة الرئيس, الجمر مازال تحت الرماد


لا أُجانب الحقيقة عند القول أن الغالبية من الأردنيين تجل وتحترم وتقدر شخص الدكتور فايز الطراونه وهو المشهود له بالهدوء والمرونة والتفهم. لقد استمعنا له يخاطب النواب في مجلسهم وفحوى حديثه الجدية والتعقل في معالجة المشكلات الشائكة ورغم أن حكومته انتقالية ولمدة محدودة إلا أنه أبى أن يبقى مرتديا لعباءة الإنتقالية التي ربما تقيه تبعات المشقة والنقد والتصادم مع جهات مختلفة. ورغم أنه يُحسب على الطبقة الأروستقراطية, فهو يبقى ابن الكرك التي يعاني أهلها ما يعانيه أهالي بقية المحافظات في الأردن. فقد قال أنه يعرف ما معنى السولار ومعنى الكاز والغاز وما يترتب للحصول على هذه المواد بالنسبة للأردني. كما وقال أنه لن يقبل أن تُمس الطبقتين الفقيرة والمتوسطة بما سيفرض من رفع للأسعار.
والواقع والتجربة قد علمانا أن رفع أسعار المحروقات يطال كل ما يمكن شراؤه ولا يميز بين فقير وغني. بل يكتوي بناره الفقير لتدني دخله أما الغني ربما لايسمع ولا يأبه برفع الأسعار أو خفضها. فالرفع يطال الفقير بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك لغياب الرقابة أو قصورها عن مراقبة ومحاسبة من هم وراء شمول الإرتفاع لكافة المواد بحجة ارتفاع أجور النقل والوقود. وعندها ستنحى الحكومة باللائمة على التجار ولسان حالها يقول لم نرفع الأسعار عليكم بل الرفع كان على الطبقة الغنية و كبار التجار هم السبب وكأن التجار قوة خفية خارقة لا رادع لها ولا سلطان للحكومة عليها.
وهذا إلهاء للشعب وكسب للوقت وتهرب من الإعتراف بالتقصير ولجوء لأَنصاف الحلول أو الحلول المبتورة. ويبقى المواطن دائم الشكوى التي عودته الحكومات المتعاقبة عليها من الغلاء وعدم قدرته على تأمين أساسيات العيش ويزداد الفقير فقرا والغني يزداد غنى ونبقى ندور في حلقة مفرغة لا نهاية لذلك الدوران ولا يجني المواطن سوى الإرهاق والمعاناة واستنزاف الطاقة حتى اليأس والملل والإحتقان القابل للإنفجار لأبسط الأسباب.
كما ويبدو من لسان حال الحكومة كأن الربيع الأردني أو بالأحرى الإنفجار الأردني والذي مازال مشتعلا ولو بوتيرة أقل حدّة قد خبى وانتهى وأصبحت الحكومة في مأمن من خطره. وإن افترضنا أن الحال كذلك, هل ذلك يبرر للحكومة وضع الوقود بقرب النار ثانية ليتفجر ما تبقى من قنابل ومفرقعات لم تطالها النيران بعد؟؟
هناك عجز في الموازنة , فهل سدُّ العجز من جيوب الفقراء حل ناجع؟؟ فلماذا لايُسَد العجز باسترداد المال المسروق من المواطن والوطن من الذين سرقوا الوطن وزادوا الفقير فقرا والغني غنى وأنهكوا الوطن حتى صار كالجريح لا يقوى على مداواة جرحه؟؟
لنعلم جيدا أن الشعب الأردني ليس شعب بروناي ولا شعب الكويت, إن مالت عليهم حكوماتهم, لديهم القدرة على التحمل يمتص الصدمة بسبب دخولهم العالية وثقتهم بحكوماتهم التي تقلق لحالهم.
لكننا في الأردن وللأسف الحلول تكون على حساب المواطن والفقير دون الغني والذي ملّ من الصبر وضاقت به السبل في البحث عن تحسين ظروف معيشته. فيا أيتها الحكومة لا تزيدوا الطين بلّة وإياكم ورفع أسعار المحروقات لأن الجمر مازال مشتعلا وإن غطاه الرماد, فما هي إلا نسمة خفيفة تنثره لتكشف عن الجمر الحارق إذ يبدو أنكم تعتقدون أنه قد همد وانطفأ.
لنقولها بأمانة ووضوح وبلغة الناصح المحذر أنكم بذلك تؤججون وتصعدون الموقف بين النظام والشعب وتعملون على إبقاء الجمر مغطى بالرماد ثم تسارعون بالنفخ عليه لتصطلوا بوهجه.
فأين مئات الملايين ولا نقول المليارات من الدنانير التي بيعت مقابلها مكتسبات الوطن ومنجزاته ورموزه السيادية وأين أنتم من الذين أجرموا بحق الوطن والمجلس النيابي الذي تم إسكاته بالرواتب المرتفعة والتقاعد الأبدي وقد برأ من برأ والحبل على الجرار؟؟
أين المساعدات والهبات التي أنتم أنفسكم تعلنوها ولا يطالنا سوى قراءة خبرها والشكر والعرفان بالجميل لمقدميها؟؟ وتشعرونا بأن الخير عام طام وبعدها نصحو لندرك أنه كان مجرد حلم تفسيره أن العجز يزداد والمديونية تزداد والفقر يزداد والإحتقان يزداد حتى أصبحت الزيادة في السلبيات وكأنها سمة من سمات الحياة التي يحياها الأردنيون. فلا نرى ذلك الخير ينعكس على البلد ولو ببطء ولسنا بمحدودي التفكير لنتوقع أن ينعكس على الفرد مباشرة ولا نتوقع أن يغتني الأردني من هذه المساعدات بين ليلة وضحاها.
وللدكتور الطراونة ابن الكرك نقول لا تجعل باكورة أعمال حكومتك رفع أسعار المحروقات التي إن فعلتها وإنك قطعا فاعلها لن ترتاح الناس لطلتك من خلال وسائل الإعلام. ترى لماذا لم تفكر بطريقة للتخفيف من أعباء المواطن ورفع مستوى معيشته بدلا من زيادة أعبائه وخفض مؤشر مستوى معيشته المنخفض أصلا لدرجة لن تحمد عقباها إن تم اللعب عليها. كيف سيذكرك قومك عندما يتداولون الأسماء العامة بدواوينهم وأحاديثهم؟؟ أترك الإجابة لدولتك.
والله إني ناصح لدولتك, لا تغير صورتك الذهبية عند قومك لأن مواجهة شعب منهك ما هي إلا ريح عاتية لا يقوى أحد على الصمود أمامها والدروس والعبر حولنا كثيرة وما الغافل عنها إلا تائه خاسر. فاحرص وقد أعلنت دولتك نيتك بالزيادة ألا يتأثر الفقراء وذلك بالتأكد من أن الحيتان لن يكون بمقدورهم استغلال الزيادة ليزيدوا من تغولهم الذي يطال الفقير الذي يبدو أنك من المدافعين عنه وتكون الضربة القاضية التي لن ينفع بعدها العودة للمربع الأول.
ألشعب محتقن فلا تزيدنّ احتقانه, والقنابل الموقوتة في مأمن فلا تسحبنّ صمام أمانها, والجمر وإن لم نراه من تحت الرماد فهو موجود فلا تهبّنّ رياحكم لتكشفوه, ولا تتعللوا بالسياسات القديمة المرتبطة بظروفها القاهرة إن نجحت آنذاك فلن تنجح اليوم ونحن نعيش في ظل دويّ انفجار ضخم مازلنا نترقب ارتداداته التي لايعلمها إلا الله.
إن كان لابد من رفع الأسعار(الذي نرفضه جملة وتفصيلا) فليُدرس بروية وتأني ودون تسرع حتى لا نجني ما لا نتمنى. أللهم اشهد قد بلغت.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات