غياب الإرادة السياسية للإصلاح لصالح من ؟!


للإجابة على هذا السؤال الحيوي والهام جداً ، ينبغي علينا أن نتعرف على أسباب الثورات العربية ، والمقارنة بينها وبين أوضاعنا ، وهل الدوافع العوامل ذاتها في الأردن كما كانت بالأمس بتلك المناطق التي نشاهد ما تعانيه الآن من فوضى غير منتهية، لا بد أن أكون صريح جداً لعدة أسباب أهمها أننا في مرحلة تفتقد لعامل الوقت ، ومع ذلك أحرزنا رقم قياسي في الأردن في تشكيل الحكومات بحيث وصل الرقم منذ قيام الربيع العربي إلى أربع حكومات والحبل على الجرار ! ما هذا ؟ أربع حكومات و أريد أن أصدق قصة الإصلاح، وأطرح السؤال التالي على المؤمنين بهذه القصة، أي إصلاح هذا الذي يحتاج إلى أربع حكومات خلال فترة لا تتجاوز العامين ؟ في الحقيقة نحن نتحدث عن الإصلاح ولكننا لم نمتهن الإصلاح يوماً ، وفي تقديري المتواضع أن الإخلاص للمبادئ والأفكار التي نؤمن فيها كإنسانيين تقتضي منا كمؤسس للهيئة الجليلة على المستوى العالمي أن أدق جرس الإنذار لخلق حالة من الجدية وعدم الإصرار على وجود الغائب الحاضر في الحديث فقط ، سيما وأن المسألة بدأت تأخذ مناحي لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال ، فهنالك احتقان ناتج عن جوع وفقر مزمن وحرمان متعمد من الحياة السياسية وتجاهل وإقصاء لا بل (عزل سياسي ) ، وفي المقابل فساد ونهب للأموال العامة ، إضافة إلى الاستمرار في نهج اعتقال الرأي والكلمة على غرار ما حدث مع بعض الزملاء ، وبدل أن نتقدم تعود إلى مسامعنا تلك المعزوفة القديمة التي مللنا من سماعها قبل الربيع العربي ، وهي المعزوفة التي تهدف إلى مقايضة الأمن بالإصلاح ، فإما الأمن وإما الإصلاح ، كيف ؟! وبالطبع يبدأ الشرح عن النعمة التي خصنا فيها الله عن غيرنا من العرب ، على أساس أننا تقاة إلى درجة تجعلنا من المبشرين في نعمة الأمن ! وهنا أتساءل ألا يتبادر إلى ذهن صناع القرار في الأردن أن الضغط يولد الانفجار وبشكل مفاجئ وغير متوقع ؟ والقضية بكل بساطة لا تحتاج إلى كل تلك التعقيدات وهذه الحكومات ! وإنما إلى (الإرادة السياسية للإصلاح ) وفي كل المجالات السياسة والاقتصادية والمالية والعسكرية والمدنية ، نحن نتخبط ونضيع الوقت متوهمين أن ثمة وقت لكي يتم تضييعه والمصيبة أنه لا وجود أصلاً للوقت ، الإصلاح مسألة إرادة فقط ولا يحتاج إلى تكلف أو تمثيل أو تصنع أو إرهاق من قبل هذه الحكومة أو تلك، هنالك حقوق للعباد مالية وسياسية ومدنية ، سيحصلون عليها بأي من الطرق ، لذلك دعونا نحول حياتهم المرهقة وشجونهم وآلامهم وقوقعتهم إلى أمل ومن ثم عمل من خلال إرادة الإصلاح الحقيقة ، وليس بالحديث عن الإصلاح دون ممارسة حقيقية لما يدخلنا في الإصلاح ، ودعونا أذهب إلى ما بعد تشكيل الحكومات : لو أن هنالك نية معقودة للإصلاح فأين دور الإنسانيين يا ترى فيه ؟!! في الحقيقة لم نتحرك كإنسانيين ولو بمقدار شعرة واحدة تجاه ما قامت فيه تلك الحكومات منذ قيام الربيع العربي إلى الآن ، ما يعني أن هذه الحكومات قامت كرد فعل على الشارع ولم تقم بما يريد الشارع ، إذاً هي خارج فعلنا الثوري الإنساني ، ونحن لا نقول ذلك لكي تطرب العامة وتفك القيود الحزبية عن الإسلاميين أو اليساريين ، وإنما لضرورة فهم أصحاب القرار ، أن هنالك تصميم على تحرر الشعوب ، وهنالك فساد وانتهاكات لحقوق الإنسان ، ولسنا رهينة بأيادي أحد لكي ليسخرونا ضد قيمنا ومبادئنا لنخدم مصالح الاستعمار الصهيوأمريكي وأصحاب الكروش المنتفخة ، كيف نتحول يا سادة ؟ ونحن من المفترض أننا نؤدي رسالة إنسانية في هذه الحياة ؟ أقول لكم جميعاً كإنسانيين لسنا للبيع ولن نكون ، لسنا للبيع ولكننا على أتم استعداد للمساهمة لمد يد العون لكل من فقد البصر والبصيرة ، ولكل ما من شأنه أن يوحد صفوف هذا الشعب القابض على الجمر ، صدقوني هذه السياسات أصبحت عامل تضليل ومفككا للشعب بشكل لا يحتمل، أتعلمون لماذا ؟ لأن هذه السياسات من نتاج ما يدور في خلد الفاسدين الذي يريدون أن يسوقوا البلد إلى الفوضى حتى لا يتحاكموا ، وهنا أقول للجميع ، وعلى وجه الخصوص أولئك الفاسدين : نحن لا نريد حبسكم وليس لنا مصلحة في معاقبتكم ، فقط ردوا إلينا أموالنا المسروقة هذا كل ما نريد ، هذا بلدنا ولن نترككم ولن يستطيع أياً كان أن يحميكم من ثورة الشعب الذي يطاردكم في أي مكان في الأرض، أنتم تعملون ضد الشعب والنظام وعلى طرفي المعادلة أن يدرك كل ما تفعلون .
أنظروا ما أهون المسألة، ومع ذلك لا تريدون هذا وإنما تريدون من هذا الشعب أن يردد كالببغاء صدى سلوكياتكم التي تحول البلاد إلى فوضى ولكن لصالح من ؟ لصالحكم انتم أيها اللصوص يا مصاصي الدماء الأردنية ، دماء الفقراء والأيتام وأبناء الشهداء ، ويحكم أموال الأردن حرام ، أموال وقف ، وسرقتها محرمه في كل الشرائع الربانية والقوانين الإنسانية ، لا بد من تصفيتكم بالمحاسبة القانونية والمالية كما يصفى القمح من الحصى ، وقد تسللتم بالأمس إلى مراكز صنع القرار ، وألا كيف فقدنا أرضية المنهج التجريبي للإصلاح ، ما نسعى إليه اليوم هو إرساء أسس الإصلاح في هذا الوطن الجامع تحت ظل النظام ، وقد أدركنا قبل قدوم الربيع العربي ضرورة وضع منهج إصلاحي يتبعه العرب والمسلمين وعموم دول العالم الثالث ، التي نبهنا أن مشكلتها مع العالم قانونية بالدرجة الأولى ، نعم نريد الإصلاح لوضع حد لهذه الفوضى التي تقترب من حدودنا ، ولن تميز غداً بين هذا أو ذاك ، وما نشهده بعيوننا في الدول المجاورة أكبر برهان ، دعونا نعمل العقل ونبحث في شؤوننا بشكل علمي ومدروس ونضع أطر زمنية لكل خطوة نخطها من خلال تقصي أسباب التقدم والنجاح والعلل والدواعي والوقائع ، نريد استقراء الموجودات و تصفح أحوال المبصرات و استنتاج التغيرات الممكنة، لأننا لا نرضى إلا بإصلاح حقيقي ، والتقدم الغربي جاء بعد الإصلاح القائم على البحث العلمي ، أرجوكم نحن عرب ولنا عظيم الفضل في وضع أسس العلم و المنهج الحديث ، منا أصول هذه الحضارة التي يتنكر لنا فيها المستفيدين منها، ونعلم أن أفكار الحسن بن الهيثم عاشت في أوربا في زمان ليس ببعيد عنا، كما نعلم أن أبحاث الطوسي في الرياضيات و تناوله لهندسة إقليدس و مصادراته، بقيت زمنا طويلا، يتناولها علماء أوروبا، كما نعلم أيضا أن كتاب ابن سينا في الطب بقي المرجع الأساسي لكليات الطب في أوربا حتى القرن “السابع عشر” ، ومن يستطيع أن ينكر الفضل الكبير الذي لعبته الحضارة الإسلامية في انبعاث الحضارة الأوروبية ؟ ! نحن السابقين إلى استعمال التجربة للتحقق من صحة الفروض، لماذا إذاً كل هذا الظلم الذي يقع علينا من المستعمرين والفاسدين ؟ وإذ تتأثر أفعالنا اتجاه المشكلات التي تعترضنا بمكتسبات تجاربنا السابقة وليس انقطاع الإدراك في الحاضر معناه زوال الصورة الذهنية المدركة ، لهذا على أصحاب القرار أن يعيدوا حساباتهم اتجاه هذا الشعب الذي يستحق ممارسة الإصلاح وليس الاستماع للحديث عن الإصلاح ، صدقوني الأردني يتميز بقدرته اختزان كل تلك المؤثرات التي صنعت هذا الحاضر ، ذاكرة الشعب حية ولا يمكن الاستيلاء عليها ، يا إخوان أريد أن أطرح سؤال أردني بامتياز ، وأتمنى لو أحد يجيبني عليه وهو : الأردن قائم على ثروات الجنوب الغني بالنفط والماء والبوتاس والفوسفات واليورانيوم والذهب وغيرها الكثير من المعادن ، فلماذا أهل الجنوب يتضورون جوعاً ومن أشد المناطق فقر وبطالة مع أنهم لا يتجاوزون بكامل محافظات الجنوب النصف مليون نسمة ؟! بالله عليكم يوجد فساد أكثر من ذلك ؟ نصف مليون نسمة لا يستطيعون استثمار مواردهم في أراضيهم ! أرجوكم من يدفع الناس إلى لا يريدون ؟ ويبقى السؤال عنوان المقالة غياب الإرادة السياسية للإصلاح لصالح من ؟! خادم الإنسانية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات