الواقعية في الطرح الاقتصادي والبعد عن التنظير


تنتظر الحكومة الجديدة العديد من التحديات والملفات المحورية ,ومن أهم تلك التحديات التي تبزغ على طاولة النقاش ملف الاقتصاد الأردني ,هذا الملف يشير إلى الوضع المالي الحرج الذي وصل إليه الاقتصاد الوطني, بحيث يجب التعامل معه بروية وحكمة خصوصا مع صدور البيانات المالية المقلقة للربع الأول التي تشير إلى وصول العجز في الموازنة إلى حدود 950 مليون دينار وارتفاع المديونية إلى أكثر من 14 مليار دينار,هذا الأرقام تمهد إلى عجز ومديونية هائلة لم يسبق للأردن في تاريخه أن تعامل مع تلك الأرقام, لذا يجب التعامل مع تلك المشكلة والعمل على معالجتها بشكل جذري وهيكلي.

وفي خضم هذا الأمر يستغرب وجود بعض الأفكار اللاواقعية و التنظير اللامنطقي الذي يأتي على أقلام بعض كتاب الصحف المحلية المعنيين في الشأن الاقتصادي ,فالظهر إن غالبية المقترحات التي يطالب فيها البعض في مقالاتهم تشير إلى انسلاخهم عن الواقع وعدم جدوى مقترحاتهم اقتصاديا,و الأكثر من ذلك مطالبة البعض لحكومة الأردنية ما تعجز عنه كبرى اقتصاديات العالم الرأسمالية.

فعلا سبيل المثال يطالب أحد الكتاب برفع ضريبة المبيعات على بعض الرفاهيات كالكفيار وما في سواه إلى 24% على اعتبار إن العائد الضريبي المتحقق من فرض الضريبة عليه سوف يكون بالملايين!!! ,كما يطالب برفع التعرفة الجمركية على السيارات التي تزيد سعات محركاتها عن 1300 سي سي !!,الكل يدرك طبيعة الأردن الجبلية والتي هي بحاجة إلى محركات أكبر حجما
كون إن سعات المحركات الصغيرة تستوجب دوام الضغط على دواسة البنزين لأدنى ارتفاع في الطريق لان محركات تلك السيارة ضعيفة مما يؤدي إلى صرف كميات من البنزين أكثر من سيارات ذات سعات محركات أكبر بكثير!! وهذا كلام مثبت وليس بالتنظير الفارغ!! ,هذا بالإضافة إلى صغر حجم تلك السيارات وتدني مستوى مصنوعيتها وتدني مستلزمات الأمن والأمان فيها....الخ,الحل
لقضية الاستهلاك للمحروقات يكمن في إعفاء سيارات الهايبرد والسيارات الكهربائية من الضرائب والرسوم الجمركية للسيارات التي تقل سعات محركاتها عن0 300سي سي, والسماح للسيارات العاملة بوقود الديزل بالسير على طرقات الأردن بعد العمل طبعا على تنظيف وتحسين الديزل المحلي ,وإعفاء المواطنين الذين تتجاوز أعمار سياراتهم العشرين عاما من الرسوم الجمركية والضرائب للحصول على سيارة حديثة يقل عمرها عن 5 سنوات ولا تتجاوز سعات محركاتها عن 2000سي سي.


كما يطالب كاتب أخر بتفعيل صناديق المحافظات ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المناطق الأقل فقرا والعمل على تشغيل الأيدي العاملة هنالك,كل هذا كلام جميل وسوف يعمل إذا طبق بشكل جيد وكفؤ على خلق التنمية المستدامة في تلك المناطق والذي سوف ينعكس إيجابا على المجتمع والبيئة المحلية بتقليل نسبة الفقر والبطالة في تلك المجتمعات, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من أين سوف يأتي كل هذا التمويل لمشاريع بمثل هذا الحجم!؟ ,إن تلك المشاريع التنموية بحاجة إلى مئات الملايين من الدنانير حتى تفعل كما يجب ليقطف أهالي تلك المناطق ثمار ها, بطبيعة الحال يقترح الكاتب تمويل تلك المشاريع من مخصصات دعم الأردن المقدمة من صندوق مجلس التعاون الخليجي, إلا يدري الكاتب الفذ إن تلك الأموال سوف تذهب مباشرة من أجل تغطية العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة الناتج عن صرف رواتب العاملين والمصاريف الجارية و المستحقات المتأخرة ....الخ,وخصوصا في ظل ارتفاع تكاليف إعادة الهيكلة الرواتب إلى أكثر من ربع مليار دينار و إقرار التقاعد المدني للنواب.

مما لا شك فيه إن خيار رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والذي بالتالي سوف ينعكس ارتفاعا على كل شيء تقريبا, سوف يكون أبغض و أخر خيارات الحكومة الجديدة من أجل منع تفاقم المشكلة الاقتصادية وكبح جماح العجز المستدام الحاصل في الموازنة العامة للدولة والحيلولة دون ارتفاع
مستويات الدين العام للدولة إلى مستويات خطيرة, في الحقيقة إن خيار رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء هو خيار مرجح بشكل كبير,ولكن قد يتم التوصل إلى توليفة دعم معينة للفئات الفقيرة والمتوسطة من الشعب لا يتلقاها الشارع بسخط كبير.

الحكومة تعي بشكل جيد أنها في غنى تام عن تأجيج الشارع في الوقت الحالي الذي هو أصلا في حالة من الحراك الواضح والمستمر ,وهي ليست بحاجة أيضا لجس نبض المواطن حول هذا الأمر لأنها تعرف رأيه سلفا ,ولكن على الأقل نتمنى على الحكومة الجديدة إن تتخذ التدابير الكافية لتقليل أثر تلك الزيادات في الأسعار على الشرائح الفقيرة والشرائح محدودة الدخل للحيلولة دون تفاقم الوضع الرهان إلى مستويات أكثر شدة وإيلاما.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات