الإسلاميون .. فوق صفيح ساخن !


على عكس ما كان متوقعا أن يحدث ، أو أن تحدثه القيادات الشابة المستنيرة في حركة الإخوان المسلمين من تغيير أوتعديل في منهج ومسلك الحركة في تعاملها مع الدولة الأردنية والشعب الأردني ، و السماح ل " ربيع إسلامي " ينسجم مع الربيع العربي الذي لم تستثمره الحركة الإسلامية بشكل ناجح تجري من خلاله إصلاحات واسعة في منهج ومسلك الحركة على مستوى شعبي أو سياسي في وقت تطالب الحركة بإجراءات إصلاحية للدولة الأردنية ، فقد شهد ماراثون الانتخابات الداخلية لهذه الجماعة ولأول مره في تاريخها تجاذبات و" مؤامرات " قاسية بحق رموز تاريخيين أفنوا حياتهم في خدمة الجماعة وبرامجها من الرموز " الهادئة " التي تنشد التخفيف من حدة التوتر مع الدولة الأردنية ، وإعادة الثقة مع الجماهير في مختلف المحافظات ، والتي تصدت لتلك الحركة في أكثر من موقع طال مقاراتها ومسيراتها وأنشطتها ومحاربة بعض رموزها من" المتعنتين " أصحاب التصريحات المنفرة تجاه الدولة أو تجاه الشعب الذي أتهم أنه مدفوع بثمن بخس لفا خروجه في مسيرات ولاء وانتماء ، وإن كنا نتحدث عن تلك التجاذبات فإننا لا نظلم تلك الحركة حين نقول ان هناك تيارا سياسيا " هادئا " داخل الحركة لا بأس به بات يفكر بإطارات إسلامية أخرى بعيدا عن الإطار الرسمي لحركة الإخوان المسلمين !
فما شهدته " دراما " انتخاب المراقب العام للحركة يشير إلى اصطفافات جديدة بعيدة كل البعد عما نسميهم بالحمائم والصقور ، إذ ظهر اتجاه واضح لا زال يمسك بزمام الأمور ، نشط بشكل عنيف للإبقاء على الصورة والمسلك الذي يتبعه الإخوان بالتعاطي " المستفز " مع الدولة الأردنية من جهة ، وازدراء اتجاهات ومطالب الناس نحو ضرورة أردنه هذا التنظيم ، الذي لاطائل من إخفاء النزعات الإقليمية لبعض قيادته من جهة أخرى ، فيما حاول اتجاه أخر إمساك العصا من الوسط للحفاظ على النزعة الرافضة المتشددة في التعاطي مع الدول الأردنية وضرورة منح لمسات " أردنية " على شكل التنظيم وبرامجه وقياداته ، فتحالف الاتجاهان واستطاعا إسقاط أصحاب نزعة تخفيف حدة التوتر مع الدولة وإعادة الثقة مع العشائر تحديدا ، فظهرت النتائج العامة لجماعة الإخوان على الشكل الذي بدت عليه ، بالرغم من أن الخداع قد لعب دورا في تلك المعركة ، إذ اتفق همام سعيد والفلاحات كما يشاع على وضع أوراق بيضاء داخل الصندوق ، وترك الخيار للمجلس لتقرير الفائز ، لكن الذي حدث أن الفلاحات التزم بتقديم ورقة بيضاء ، بينما لم يلتزم همام سعيد وقام بانتخاب نفسه ، الأمر الذي مكنه من الفوز في منصب المراقب العام بفارق صوتين عن الفلاحات الذي كان فاز على الدكتور همام في الجولة الأولى بفارق صوت واحد ، كان يمكن للفلاحات الفوز لو رشح نفسه ولم يتقدم بالورقة البيضاء ، وتلك " لعبه " أو خديعة انطلت على الرجل فشربها بسهولة في الجولة الثانية ، ولم تهدأ كما أشيع أجواء ما بعد انتخاب الرجل ، فواصل التياران حصد بقية تلك المقاعد في المكتب التنفيذي الذي فاز بعضويته مجموعة الرفض ، وهذا لم يكن ليرضي غالبية أعضاء المجلس الذي تقدم 24 عضوا منهم بأوراق بيضاء في انتخاب نائب المراقب العام زكي بني ارشيد !! في موقف يعبر عن رفض غالبية أعضاء المجلس لانتخاب الرجل نائبا للمراقب العام ، لما قيل عن مؤامرات كان يحكيها بحق مجموعة من المخالفين له في الرأي من تلك القيادات التاريخية ، وعدم رضاهم عن التشكيلة النهائية لأعضاء المكتب التنفيذي
كذلك ، لازالت الحركة تواجه أزمة ما بعد الانتخابات الداخلية للجماعة ، فانتخاب رئيس مجلس الشورى لازال موضع أزمة وتم تأجيله لأكثر من مرة بعد رفض العديد من رموز الحركة " المعتدلة " تسلم ذلك الموقع الذي سيبدو هامشيا يقوده شخصية " أرادوها معتدلة " لكن لا فائدة ولا قرار ولا صلاحية لديه في ظل سيطرة مجموعة " الرفض " التي يتشكل منها غالبية أعضاء المكتب التنفيذي ، وبالتالي فالأمور مرشحة لمزيد من التأزم بعد أن نجحت " جبهة الرفض "في إحكام قبضتها على الحركة ، وهو الأمر الذي سيجعل ليس من مجلس شورى الإخوان ألعوبة بيد المكتب التنفيذي والمراقب العام ونائبه ، بل سيمتد إلى قرارات جبهة العمل الإسلامي التي لا يقبل الكثير من قادتها أن يكونوا أدوات طيعة ومسلوبي الإرادة والقرار من قبل " جبهة الرفض " في الجماعة ، بما قد يفاقم من الأزمة مع الدولة الأردنية ويزيد من عزلة الجماعة في الشارع الأردني ، وكذلك فشل مراهنتها على فئة واحده من الشعب الأردني بات عاجزا عن فهم نهاية الطريق الذي تتخذه جماعة الرفض في تعاطيها مع الدولة الأردنية ، واستمرار مقاطعتها لأي حوار او لقاء مع الدولة ، فيما تنشط في لقاءات واسعة دون مواربة ولا خجل مع سفراء غربيين لدول " محتلة " كانت قررت الجماعة مقاطعتها وعدم الحوار معها منذ سقوط بغداد عام 2003 .
الأيام والأحداث القادمة ستحمل في طياتها مجموعة من التطورات الهامة والمفصلية في حياة هذه الجماعة التي بدأت وكأنها في ظل التطورات الأخيرة داخل الجماعة قد حسمت أمرها باتجاه التصعيد مع الدولة الأردنية من جهة ، ومع رموز تلك الحركة من جهة أخرى ، غير مبالية بما قد تنجم عنه تلك التطورات وتبعاتها على مستوى داخلي فيما يتعلق بالحفاظ على قوة وحضور الجماعة على المستوى الداخلي ، أو ما يتعلق بالشارع الأردني وموقفه من تلك التطورات ، أو على مستوى الحياة السياسية عامة في البلاد ،وحتى لو استطاعت الحركة لم الشمل وإعادة " تدوير " الأزمة الداخلية ، إلا أنها تنذر في النهاية إلى وجود تيارات باتت قانعة أن لا سبيل يرجى مع هذه المجموعة ، ولا بد أنها فكرت مليا في إعلان إعتزالها أو انشقاقها كما حدث في السنوات السابقة بعد خروج مجموعة من الرموز على قرار الحركة والمشاركة في الانتخابات البرلمانية بالرغم من قرار الجماعة بالمقاطعة ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات