كيف تُصبح وزيرا ..


في بلدي يختلف الأمر فحين تُستبعد مقاييس الكفائة والتعليم والأمانة والنزاهة والإنتماء للوطن والخبرة المهنيّة والإحتراف الوظيفي والسلوك العام مع الأهل والأصدقاء والتاريخ الإنساني الصادق فإنّ هناك معايير أخرى تُأخذ لتكون هي المعبر والممر لك لكي تحظى بلقب المعالي واالتي اصبحت بعد البهدلة الإجتماعيّة لهذه الوظيفة تستحقّ احيانا لقب المواطي بدل المعالي نسبة وتناسب لما هو الان وهذا ليس بشكل عام طبعا اويخص احد الحكومات ومع كل الإحترام للستمائة وخمس وثلاثون وزيرا في وطني الذي بلغ من العمر اثنان وتسعون عاما وحطّت فيه ثمانية وتسعون حكومة ضمّت الكثير من رجالات الوطن اللذين نفتخر بهم.
ومن هذه المعايير المُعتبرة كمؤهلات أولا ان تكون منتسبا للجهاز او ان تأتي تزكية من الجهاز وتوصية من احد افراده المهمّين في تعيينك وثانيها ان تكون من الاقليّات او من عائلة أوعشيرة كبيرة للحكومة مصلحة للودْ معها وثالثها ان تكون من معارف الرئيس او من يمون كثيرا على الرئيس ويكون هذا الوسيط صادق في التوصية بك رابعا ان تكون من محافظة او منطقة جغرافيّة يتطلّب وضع وزير منها ويخدمك الحظ ان تكون من القلائل المعروفين فيها رابعا ان تكون ابنا او حفيدا لرئيس او وزير سابق او عامل ويكون مرضيا عنه في حينها وخامسا وليس اخيرا ان يكون خدمك الحظ وظهرت في احتفال رسمي ونلت الرضى لخطاب القيته او عمل انجزته اوحركة قمت بها وبقيت في الذاكرة لحينها .
تلك هي بعضا من المؤهلات المُعتبرة وغيرها ان تكون إحدى قريباتك في جلسة إجتماعيّة مع زوجة مسؤول مهم او واصل وينتقل الطلب للمسؤول او ان تكون في سفر او غربة وتتعرّف على مسؤول كبير يُنسّب بك في اقرب تشكيل او ان تكون عاملا في دولة اخرى لها رضى من مسؤولي بلدك وتنسبّ بك بشكل غير رسمي وتحصل على اللقب أو ان تكون ناشطا في حزب قوي وتأتي الفرصة ليُشارك في الحكومة ويُنسّب بك عنه وهكذا .......
هذا إذا فكّرت بأن تصبح وزيرا دون تخطيط مُسبق وأمّا إذا لم تأخذك العواطف الملتهبة في النشاط السياسي المتقلّب وتبِعت قلبك وعقلك فيما هو من اجل الوطن وما هو عكس ذلك تكون قد تخليت عن دنياك لتكسب آخرتك واما إذا احكمت عقلك ووقفت امام المرآة وناديت نفسك معالي الوزير تكون خطوت اوّل خطوة في طريق الوزرنة وعندها يجب ان تخلع إزار الحلال والعيب والرحمة وتلبس مئزر الغش والخداع والحرام وتبدأ التخطيط وانت بعد في المدرسة ويجب ان تستبدل الخوف بالجرأة والجوع بمرآة الشبع ويجب ان تستبدل ثوب الرحمة بلباس الجشع وقنوت الزهد بشيطان الفزع وتخلع عفة الصدق وتلبس مئزر الورع وتحلّل الخيانة والخداع وتحرّم الامانة وتعتبر الفساد ابداعا والفاسدون أحبابا.
هكذا تبدأ منذ البلوغ وانت في المدرسة حيث تذهب بعد ذلك للجامعة وانت ملمُ بكل السبل لتصل للهدف الذي حدّدته لنفسك وهو ان تكون احدى الحقائب من نصيبك بحيث تنتسب لفريق معارض لبلدك بينما تكون منضمّا مع جهاز بلدك وهكذا تتطور الامور معك فتحمل سيفين واحدا مع معاوية والآخر ضدّه وتشتم رمز بلدك وتلعن حكومته لتكون دائما البطل وعندما تعود لوطنك تكتب ما لم تكتبه من تقارير هناك وهكذا حتّى تكمل دراستك مهما طالت مدّتها فالعلم ليس من اولويّاتك او من متطلّبات الجهاز وعندما تعود تكون اقتربت من هدفك وبقليل من المعارف والاصدقاء الذين يجهلون انتمائاتك او المخدوعين بك وبلسانك تتعرّف على اولي الشأن يكونون دعما لك عند الجهاز ومعه لنيل مرادك وتحقيق الهدف ولو بعد حين ليس بالطويل .
ذلك سيناريو يسلكه الكثير ممن يبتغون الوصول دون جهد مفيد او علم بليد أو ممّن هم ليسوا من ابناء المعروفين واصحاب الجاه الرفيع وهو طريق قد يكون ليس مُكلفا ماديّا ومضمون الوصول بكثير من الجرأة وقليل من الذمّة .
وعندها قد تسمع بأذنيك احدهم يقول كيف فلان صار وزيرا بينما كان يشتم النظام بقسوة وطبعا ذاك الشخص هو من المهابيل امثالي ينبهرون بلون الوردة بينما شوكها يلسعهم او يتسائل مندهشا هل النظام يكافؤ من يشتمه بينما نحن الصامتون الموالون قلبا وقالبا ولا نقبل من اي كان ان يغلط في حق وطننا او رمز عزّنا نعيش أمواتا بالحياة........
ولكن يا أخي يا من تبحث عن حقيبة إذهب واشتري حقيبة كبيرة ضع فيها اشيائك المهمّة واشياء اطفالك لتكون جاهزا للسفر الى اردن الحريّة والصدق والمحبّة وكفى حلما وإغترابا !!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات