الدون كيشوت


في طفولتي كنت من أشد المتابعين لمسلسلات وأفلام الكرتون ، الدون كيشوت بالذات كان يعجبني كثيرا ، ولا أذكر اني وقتها فوت حلقة واحدة منه .

أجلس متسمرا وكأن على رأسي الطير ، أتابع بشغف وتركيز ، بينما كانت الدعايات تقطع علي سكوني وشرودي ، وما أن تنتهي الحلقة حتى أصب لجام غضبي على كل شيء حولي ، فأنا متحمس لمتابعة الأحداث وما سيجري غدا ، والغد طويل وليس لدي صبر للانتظار .

كان جموح الدون كيشوت يأسرني ، واصراره على القضاء على الظلم والدفاع عن المساكين والمظلومين يحرك في داخلي أشياء لم افهمها وقتها ولكني شعرت بها ، بنفس الوقت كان يضحكني من أعماقي بمشهده ، رجل نحيل الجسم بملابسه الغريبة –ملابس الفرسان الجوالين- معتليا صهوة جواد هزلا لا يقل عنه نحولا ، مترافقا مع تابعه المضحك الفلاح البسيط " سانشو " .

القصة ككل لا تخلو من المفارقات المضحكة والممتعة خاصة عندما يتخيل الدون كيشوت بين حين وحين ، مشهد طواحين الهواء التي يرغب في رؤيتها ومحاربتها ثم لا يلبث أن يجد نفسه يعيش في سرابها وظلال تخيلاتها .

أيضا مشاهد تخيلاته الأخرى التي يظن من خلالها نفسه وسط معركة يقاتل فيها الاعداء ويدحرهم منتصرا عليهم ، ثم ما يلبث أن يقع في عمق واقعه ليجد نفسه متجولا على حصان هزيل أعجف ، حاملا سيفا متآكلا من أطرافه .

المضحك أكثر أن " سانشو " يصدق كل كلام " الدون كيشوت " ويقتنع بحروبه وانتصاراته .

أمور كثيرة أخشاها .... لكن أكثر ما اخشاه ....

أن تكون حرب مكافحة الفاسدين .... حربا دون كيشوتية .



المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات